هل اقتنع محمود عبّاس بأن المضي بعملية التسوية يحتاج إلى تكاتف الجناحين الفلسطينيين؟ من غير الواضح إلى الان ما إذا كان الرئيس الفلسطيني يضع هذا الأمر في حساباته وهو يطلب من باريس إقناع واشنطن بإشراك «حماس» في الحكم

عبّاس في باريس لاحتواء «حماس»!



باريس ــ بسّام الطيارة
عندما تسأل دبلوماسيّاً سابقاً عن معنى زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى باريس، يجيب بأنها «رحلة الحقيقة» التي تسوف تخط مسار الملف الفلسطيني وما يمكن أن يحصل في الشهور الستة المقبلة. الإجابة نفسها تخرج عن أحد المقرّبين من السلطة، إذ يقول إن «محمود عباس جاء حاملاً هموم لسلطة» قبل الولوج في مرحلة ضبابية بعد مدة بسيطة يقدرها «أيضاً بستة شهور».
ولكن حين تسأل الناطق الرسمي لوزارة الخارجية برنار فاليرو عن أهداف الزيارة، يعيد ترداد مع عكف الكي دورسيه على ترداده منذ انتقال الملف الفلسطيني إلى الإليزيه: «إنها فرصة لوضع النقاط على التقدم الذي حصل في مجهود السلام»، قبل أن يضيف «إنها مناسبة لإبراز كون الدبلوماسية الفرنسية نشطة».
كان هذا قبل ظهور تصريح وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، لصحيفة «جورنال دو ديمانش» التي صدرت أمس بالتزامن مع وصول عبّاس. كوشنير تطرق إلى القضيّة الفلسطينية عبر الرد على مجموعة أسئلة، بدأت بالسؤال ما إذا كانت «إسرائيل دولة داعرة؟»، في إشارة لاستعمالها جوازات سفر دول صديقة لاغتيال أعدائها، فندد بالقتل المتعمد واستعمال الأوراق المزورة، مشيراً إلى أن «العملاء لم يستعملوا جواز أحد مواطنينا، كما هو الحال مع البريطانيين».
ثم قفز عن هذه القضيّة للتشدّيد على ضرورة تجاوز الأزمة «وتأكيد دور أوروبا لفرض طريق السلام وخلق دولة فلسطيية وبسرعة». وأضاف بأن عباس يحمل «حل الدولتين» وأن السؤال الذي يفرض نفسه هو «بناء الواقع». وبعدما أشار إلى أن فرنسا «تدرب الشرطة الفلسطينية»، تابع «بعد ذلك يجب التبصر بالإعلان سريعاً عن دولة فلسطينية والاعتراف بها فوراً من قبل المجتمع الدولي حتى قبل التفاوض على الحدود».
واعتبر كوشنير أن هذه الفكرة «تغويه شخصياً»، قبل أن يستدرك بأنه لا يعرف ما إذا كان «معه حق في هذا الأمر وما إذا كانت الدول الأوروبية سوف تتبعه». وعندما «أصر السؤال الثالث» على العودة إلى وصف إسرائيل بعد فعلتها، رأى كوشنر بأن «ما فعلته اسرائيل يشير إلى ضرورة قيام دولة فلسطينية فوراً». وأضاف بأنه «عندما تكون إسرائيل في أمان فهي سوف تعود لتلاقي المبادئ التي قامت من أجلها والتي من أجلها نتمسك بوجودها».
إلا أن هذا لا يدل على ما يمكن أن يقوله عباس لكوشنير والعكس بالعكس، فحسب مصادر مقربة من السلطة فإن عباس جاء وفي جعبته «شيئاً مخالفاً بشدة لطرح الفكرة التي تغوي كوشنير»، وهي تنطلق من «اقتراب الاتفاق بين السلطة وحماس» ورغبة عباس بالطلب من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «الضغط» على واشنطن للقبول بحكومة وطنية تشارك بها «حماس». وتقول المصادر إن «صاعق اطلاق هذه المبادرة» جاء عقب لقاء عباس وهيلاري كلينتون في أبو ظبي ونتيجة «الإحباط الذي أصابه»، بعدما سمع منها بأن «تجميد بنيامين نتنياهو كافٍ»، فعاد ليعلن اعتزاله المقبل. إلا أنه، حسب المصدر فوجئ، «بعدم اهتمام الطرف الأميركي بتاتاً»، لا بل على العكس فقد فوجئ المقربون منه بأن بعض الدوائر بدأت تتحدث عن «وثيقة أحمد يوسف (المقرّب من حماس) ودانيال بن سيمون» في سويسر، والتي يتقول بالقبول بمبدأ «التفاوض على قاعدة أوسلو لمدة ٥ سنوات شرط وقف الاغتيالات وفتح الطرقات» وإنشاء مجالس لإدارة المشاريع وصرف أموال المساعدات. وحتى وقت قريب كان عباس ومعاونوه يعتبرون أن «قاعدة حماس لا يمكن أن تقبل بهذا الأمر». إلا أن «تجربة حزب الله وحكومة الوحدة الوطنية» غيرت المعطيات لدى «حماس»، كما يقول المصدر، وهو ما وافقه السفير السابق، وبات يمكن لحماس المشاركة في حكومة «وبوزن ثقيل» مع اعتبار أن التفاوض لا يتم عبرها، بل عبر منظمة التحرير، وبالتالي يمكنها «إدارة الشؤون الداخلية» وترك مسألة التفاوض مع إسرائيل.
ورأى المراقبون في السلطة عاملين يمكن أن يشكلا دافعاً للتحرك:
1 - جزء من الأوروبيين بات عنده قناعة بأن «حماس» هي البديل وهي فرضت نفسها كقوة وتحاول اليوم الخروج للعودة للعمل على الأرض لإعادة بناء شبكة خدماتها.
٢ - أن المنطقة مقبلة على نزاع مع إيران «قبل الخريف»، وحسب قراءة السلطة الفلسطينية يمكن بالتالي السعي لإغراء «حماس» بإعطائها دوراً داخلياً «شرط موافقة أميركا».
على هذا الأساس وهذه القراءات سوف يطلب اليوم (الإثنين) عباس مساعدة ساركوزي لإقناع واشنطن بالقبول بضيغة هذه الحكومة الوطنية، والكف عن محاولة «ضرب وجوه السلطة البارزة ببعضها البعض» وإلقاء أسماء «يمكنها أن تلعب دوراً محل عباس»، حيث بدأت عدة أسماء تدور في فضاء السلطة من أبو ماهر (محمد غنيم) أو أبو أديب (سليم زعنون) ومروان البرغوثي مروراً بمحمد دحلان وجبريل الرجوب، مع إعطاء أفضلية إلى سلام فياض «الذي بات يدشن كل يوم معملاً ومدرسة» حسب المصدر.
إذاً عباس جاء يطلب «المساعدة من ساركوزي»، ولكن ما هو الثمن الذي يمكن أن يطلبه قاطن الإليزيه اليوم على الغداء؟ هل القبول بطرح كوشنير يذهب في اتجاه ما يريده عباس «حكومة وحدة وطنية لها حق التفاوض»؟ وهل يكون الأمر ضمن «مؤتمر دولي موجود على الطاولة»، كما صرح فاليرو لـ«الأخبار»، ويكفي أن يوافق عليه «من لا يريد الجلوس مع إسرائيل على طاولة واحدة»؟ ولكن هل يحمل عباس موافقة «حماس» على هذا الأمر أم أنه يريد أخذ الموافقة لـ«بيعها» للحركة الإسلاميّة؟
في طريق عودته سوف يمر رئيس السلطة الفلسطينية على دمشق، وبالطبع قد يكون فك لغز رحلته هذه في عاصمة الأمويين.

إسرائيل ترفض مبادرة كوشنير للاعتراف بدولة فلسطينيّة



رفضت إسرائيل مشروعاً فرنسياً إسبانياً ينطوي على الاعتراف بدولة فلسطينية خلال سنة ونصف، واصفة إياه بأنه بمثابة صب الزيت على النار

علي حيدر
كشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، عن مبادرة فرنسية إسبانية في طور التبلور، تهدف إلى اعتراف أوروبي بدولة فلسطينية في غضون نحو سنة ونصف، حتى قبل انتهاء المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية حول التسوية الدائمة.
وفيما نقلت «هآرتس» عن دبلوماسي اوروبي قوله إن معلومات بهذا الشأن وصلت إلى إسرائيل قبل بضعة أسابيع، أكد مسؤول إسرائيلي هذه التفاصيل، مشيراً إلى أن من يقف خلف هذه المبادرة هو وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، الذي نجح في تجنيد وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس أيضاً.
وأضافت «هآرتس» إن مقالة، باسم كوشنير وموراتينوس، سوف تُنشر في الفترة القريبة المقبلة في إحدى الصحف الكبرى في أوروبا، تنطوي على رسالة أساسية مفادها أنه سيكون على الاتحاد الأوروبي الاعتراف بدولة فلسطينية، إذا ما بادر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى الاعلان عنها، حتى قبل انتهاء المفاوضات.
وتابعت الصحيفة إن المبادرة الفرنسية الاسبانية تأتي تعبيراً عن الدعم الاوروبي لخطة رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض بإقامة دولة فلسطينية خلال عامين، ولضمان أن يحظى الإعلان الفلسطيني عن الدولة بتأييد الاتحاد الاوروبي.
في المقابل، نقلت إسرائيل إلى كوشنير وموراتينوس «رسالة شديدة اللهجة»، أوضحت فيها أن المبادرة تتعارض مع مبادئ عملية السلام. وشددت على أن «الحل المفروض لن يحقق الهدف».
وصرح مسؤول إسرائيلي، لوكالة «فرانس برس»، بأن «منح هذا الاعتراف بينما لم تتم تسوية ملفات النزاع سيكون مثل صب الزيت على النار، ومن شأن ذلك أن يدفع الفلسطينيين إلى إبداء مزيد من التعنت وجعل أي تسوية مستحيلة».
من جهة أخرى، وفيما ترفع الحكومة الإسرائيلية شعار تجميد البناء في المستوطنات، تقوم على خط مواز بترسيخ الاحتلال في الضفة الغربية، وفي هذا الإطار صدقت الحكومة، خلال جلستها الاسبوعية، في موقع «تل حي» في كريات شمونة، على ضم الحرم الابراهيمي في مدينة الخليل وموقع «قبة راحيل» في بيت لحم، كجزء من خطة واسعة النطاق تتضمن ترميم وصيانة 150 موقعاً أثرياً وتاريخياً في أنحاء إسرائيل، تصل كلفتها إلى نحو 400 مليون شيكل (نحو 108 ملايين دولار).
وكشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن أن نتنياهو اتخذ هذا القرار بعد ضغوط مارسها عليه وزراء في حكومته، فيما لقي هذا القرار ترحيباً من مجلس المستوطنات.

فرنسا تدعم مؤتمراً دوليّاً للسلام... وأبو مازن يخشى «العنف»وقال بلير إن «الإسرائيليين يريدون المفاوضات والفلسطينيين يريدون المفاوضات. المسألة هي الشروط». وأوضح أن «الجهود لن تزيد من أجل تقوية الاقتصاد الفلسطيني فقط، بل أيضاً بهدف بذل المزيد من الجهد لتعزيز حكم القانون على الجانب الفلسطيني وضمان وجود نظام عدالة جنائية فعال».
ورأى بلير أن «المحادثات غير المباشرة أو محادثات الجوار من خلال مبعوثين إسرائيليين وفلسطينيين يمكن أن يكون لها دور تؤدّيه، ولكن في النهاية سيكون الشيء الرئيسي هو الوصول إلى النقطة التي يتحدث فيها الطرفان عن القضايا الجوهرية وبصورة جادة». وقال إن «إحدى الأولويات الرئيسية هي رفع الحصار عن غزة أو تخفيفه حتى يتسنى لنا أن نتعامل مع القضايا الأمنية بالصورة المناسبة لإسرائيل». وأضاف «نحن بحاجة إلى وقف الهجمات التي تأتي من غزة».
في السياق، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون ونظيره الأردني سمير الرفاعي في بيان مشترك عقب ختام مباحثاتهما في عمان، أن «الجانبين يرحبان بكل مسعى مخلص يهدف إلى الإسهام البنّاء والمنسق في دفع جهود السلام قدماً، بما في ذلك إمكان عقد مؤتمر دولي». كما دعما «مبادرة السلام العربية ضمن مدة زمنية واضحة، وبحيث تعالج كل قضايا الوضع النهائي وعلى رأسها الحدود والقدس واللاجئين والأمن والمياه». وقال فيون إنه «يجب أن تكون هناك دولة فلسطينية قابلة للحياة، مستقلة، ديموقراطية، تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل ضمن حدود معترف بها، وعلى أساس حدود 1967 ووفق قرارات مجلس الأمن الدولي ومبادرة السلام».
من جهة أخرى، أبدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي وصل إلى باريس أمس، «تخوفه من عودة العنف إذا لم تستأنف المفاوضات حول قيام الدولة الفلسطينية»، وذلك في حديث نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية. وقال «في الوقت الحالي نسيطر على الموقف على الاقل في الضفة الغربية»، مشيراً الى خضوع قطاع غزة لسيطرة «حماس».
وبشأن استئناف محتمل للمفاوضات، رأى الرئيس الفلسطيني أن الاسرائيليين لن يقدموا أي تنازلات بدون ضغوط من واشنطن. وأضاف «نعتمد على الرئيس (الأميركي باراك) أوباما و(الفرنسي نيكولا) ساركوزي».
(أ ف ب، رويترز)