واشنطن ـ محمد سعيدخاص بالموقع - كشف مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنّ شركة «بلاك ووتر» في أفغانستان، التي تعمل حالياً تحت اسمها الجديد «زي» مرشحة للفوز بعقد تبلغ قيمته مئات الملايين من الدولارات لتدريب قوات الشرطة الأفغانية.
ونقلت صحيفة بوليتيكو الأميركية عن المسؤول السابق قوله إنّ البنتاغون بصدد إقرار العقد في شهر آذار الجاري، وأنّه لم يجرِ بعدُ إخطار الشركة رسمياً بأنّها ستحصل على العقد. وأشار إلى أنّ المنافس الوحيد في هذا المجال هو شركة «نورثروب» بالمشاركة مع شركة «إم بي آر آي» إلّا أنّها استُبعدت نظراً إلى أنها غير مؤهلة لشروط العقد. وقال الناطق باسم «بلاك ووتر»، مارك كورالو «ليس لدينا أيّ علم بأنّ العقد سيُمنح لنا».
وقال المسؤول السابق إنّ البنتاغون كان قد حصر أخيراً قائمة الجهات التي يمكن التعاقد معها لتدريب قوات الأمن الأفغانية بخمس شركات هي: لوكهيد مارتن ونورثروب ورايثيون والمركز الأميركي للتدريب، وزي وأرنيك المملوكة لشركة كارلايل.
وقالت الصحيفة إنّه يبدو أنّ شركة لوكهيد مارتن قد تحصل على عقد تكون بموجبه شريكاً لزي في توفير الخدمات اللوجستية لدورات التدريب، التي كانت زي قد قدّمت عرضاً بها. وقال المسؤول السابق إنّه طلب من مارتن لوكهيد إعادة تقديم عرضها بحيث يكون ملائماً أكثر لعقد الخدمات اللوجستية. وستبقى العقود بعد إقرارها سارية المفعول حتى آب 2012.
يذكر أنّ بلاك ووتر تخلّت عن اسمها إثر تفجّر قضية ضلوع عاملين فيها بقتل 17 عراقياً في ساحة النسور ببغداد، واختارت اسم «زي» للشركة التي تعمل في مجال الأمن الخاص وتوفير الحماية للشخصيات السياسية الأميركية والعراقية وأعمال التدريب في كلّ من العراق وأفغانستان، حيث ما زالت تعمل من خلال ثلاث وحدات تابعة لها، هي المركز الأميركي للتدريب والطيران الرئاسي وغريستون. وتتنوع المهمّات المنوطة بهذه الوحدات بين التدريب ودعم العمليات العسكرية وجمع المعلومات الاستخبارية، والعمل مع إدارة مكافحة المخدّرات على الحدود الباكستانية ـ الأفغانية. كما اعترفت الشركة بالعمل مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) على ملاحقة عناصر طالبان والقاعدة وكوادرهما باستخدام طائرات بدون طيّار.
وكان رئيس بلاك ووتر إريك برنس قد اعترف في مقابلة مع مجلة «فانيتي فير» في شهر كانون الأول الماضي بأنّه كان عميلاً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ونفّذ سراً وبطريقة خاصّة مهمات لها، من مناقصات، تصميم وتمويل تنفيذ عمليات تراوح ما بين إدخال أفراد إلى مناطق ممنوعة وإدخال عناصر استخبارية في مناطق تجد «سي آي إيه» مصاعب في اختراقها إلى تجميع فرق لملاحقة واغتيال عناصر القاعدة وحلفائها. وقال إنّه حصل بفضل الدعم الذي قدمته له الوكالة على عقود أمنية من الحكومة الأميركية بقيمة 1.5 مليار دولار في الفترة من 2001 إلى 2009.
وكشف مدير «سي آي إيه» ليون بانيتا في اجتماع مغلق مع لجنتي الاستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين في حزيران الماضي أنّ الوكالة في عهد سابقيه من المديرين قد أخفت عن مسؤوليها برامج عملياتها السرية. وقال إنّه قد علم قبل يوم واحد من لقائه معهم بوجود ذلك البرنامج، وقد أعطى أوامره بإيقافه. وعزا الناطق باسم الوكالة بول جيمي غليانو ذلك القرار إلى أنّ البرنامج «لم ينه أنشطة الإرهابيين». واستناداً إلى اثنين ممن شاركوا في الاجتماع، فقد حدد بانيتا كلاً من إريك برنس وشركة بلاك ووتر كمشاركين رئيسيين في البرنامج. وقال برينس إنّه بدأ يتلقى استفسارات هاتفية من أناس وصفهم بأنّهم خارج دائرة الثقة.
وكشفت صحيفة وول ستريت جورنال في شهر تموز الماضي بعد نحو ثلاثة أسابيع من الاجتماع عن طبيعة البرنامج بوصفه «محاولة لتنفيذ التفويض الرئاسي لعام 2001 لاعتقال أو قتل كوادر القاعدة»، بإرسال فرق قتل صغيرة خارج الولايات المتحدة.
وفي شهر آب الماضي نشرت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» تقارير تفيد بأنّ الـ«سي آي إيه» تعاقدت مع بلاك ووتر لتنفيذ برنامج اغتيالات وأنّ مرتزقة شركة الأمن الخاصة تستخدم طائرات بدون طيار لملاحقة عناصر القاعدة وقتلهم. ويعلق برينس على ذلك قائلاً «لا أدري كيف يجري تسريب مثل هذا البرنامج الحساس، وأن يتم وضعي في قمة ذلك».
وتقول مصادر مطلعة على علاقته مع الـ«سي آي إيه» إنّ قسم الموارد القومية في الوكالة جند برينس في عام 2004 للانضمام الى شبكة سرية لمواطنين أميركيين لديهم مهارات خاصة أو غير عادية للوصول إلى أهداف مهمة.
وكانت شركة بلاك ووتر وفرعها في أفغانستان، موضع جلسة استماع عقدتها لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي يوم الأربعاء الماضي، حيث أكدت الوكالة وقائد القوات الأميركية ـ الأطلسية في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال ثقتهما في العمل الذي تؤديه الشركة في أفغانستان.
وكان اثنان من الموظفين السابقين في بلاك ووتر قد تقدما بدعوى ضدها يتهمانها بالتزوير والتلاعب في الفواتير خلال تقديمها لخدمات في العراق وأفغانستان والولايات المتحدة، مشيرين إلى أنّها وظّفت أيضاً أشخاصاً لا تتناسب إمكاناتهم مع المهام الموكلة بهم لأسباب مالية.
وبحسب الدعوى، فقد زوّرت الشركة في فواتيرها لجعل الحكومة الأميركية تدفع خدمات بائعات هوى في أفغانستان، وراقصات تعرّ في الولايات المتحدة، كما أنّها تركت عناصر استخدموا القوة القاتلة غير المبررة من دون عقاب.
يذكر أنّ الحكومة العراقية ألغت في أيلول 2007 رخصة بلاك ووتر الأمنية، وطلبت من عناصر الشركة مغادرة أراضيها، إثر قرار قضائي أميركي أسقط الدعوى عن عناصر من الشركة في حادث ساحة النسور عام 2007، بعدما رأت المحكمة أنّ السلطات القضائية الأميركية استخدمت على نحو خاطئ اعترافات أدلى بها المتهمون تحت الإكراه، عندما هدّدوا بفقدان وظائفهم. وتواجه الشركة دعوى أخرى من عناصر سابقة بتهمة تهريب السلاح واستخدام العنف المفرط في العراق.