استراتيجيّة الأمن الجديدة لم تخفّف من انتقاد الرئيس الأميركيديما شريف
تكلم باراك أوباما أخيراً. بعد مرور أسبوعين على محاولة النيجيري عمر فاروق عبد المطلب تفجير طائرة ديترويت، توجه الرئيس الأميركي إلى الشعب ليشرح ما حدث. هكذا وعد ليل الخميس ـــــ الجمعة بوضع استراتيجية جديدة تهدف الى التصدي لتجنيد تنظيم «القاعدة» شباناً مسلمين. وقال «بصفتي رئيساً، أتحمل المسؤولية الكاملة عن حماية بلادنا ومواطنينا. وحين يخفق النظام فإنّني المسؤول». وأوضح أنّ أجهزة الاستخبارات الأميركية لم تخفق في جمع المعلومات أو تقاسمها، بل في مقاطعة عناصر المؤامرة التي كانت في حوزتها. ولمعالجة هذا الإخفاق، أصدر أوباما تعليمات بتكليف فرق متابعة المعلومات الاستخبارية من أجل معالجة أي شبهات بوجود مخاطر محتملة ولضمان المحاسبة. وقال إنّه يتعيّن تقاسم التقارير الاستخبارية بين مختلف الأجهزة السرية بسرعة أكبر وتحليلها بطريقة أفضل وإدخال تعديلات وتحسينات الى إجراءات إدراج الأسماء على قائمة الإرهاب. وتعهد بتوظيف «استثمارات ضخمة» في أمن الطيران.
ومن ضمن الإجراءات الجديدة، سيتم نشر 300 جهاز للمسح الضوئي في غضون سنة في المطارات والتعاون مع الدول الأخرى في هذا المجال، والتدقيق أكثر في لوائح الإرهاب ونشر عدد أكبر من فرق الأمن المجّهزة بكلاب بوليسية في المطارات ومن عناصر الأمن باللباس العسكري والمدني، بما في ذلك على الطائرات.
هكذا أسكت أوباما لفترة كلّ من انتقد تأخره في تفسير ما حصل. لكنّ أشرس منتقديه من الجمهوريين لم يعجبهم حتى خطاب الخميس. فهو تأخر في نظرهم كثيراً. عادوا إلى يوم محاولة التفجير وتأخر أوباما 72 ساعة في إلقاء خطابه الأول و«صرف الوقت في لعب الغولف». وانتقدت بعض الصحف المقربة من الديموقراطيين تفرغه للعب الغولف وشبّهته بسلفه جورج دبليو بوش وعدم قطع أيّ من المسؤولين في الإدارة عطلهم أيضاً. وتذكر المنتقدون حوادث سابقة تأخر فيها أوباما في الحديث إلى الشعب، منها حادثة تسلل زوجين إلى عشاء في البيت الأبيض.
ويقول المعترضون على تصرف أوباما إنّ الاختلاف يكمن في أنّ ما حصل كان اعتداءً إرهابياً، ما يتطلب منه قطع إجازته. وما أزعج الجمهوريين أكثر هو عودة أوباما إلى ملاعب الغولف بعد توجيهه كلمة الاثنين في 28 كانون الأول الماضي. ورأى هؤلاء أنّ ما حصل دليل على ضعف القيادة لدى الرئيس.
لكن المدافعين عن أوباما رأوا أن ذلك دليل على أنّ ما حصل ليس كارثة، وأنّ كلّ شيء على ما يرام. وشحذ مناصرو أوباما في الصحف الرئيسية أقلامهم للدفاع عن حق الرئيس في أخذ عطلة وللكلام على صعوبة الراحة بالنسبة إلى الرئيس واضطراره إلى العمل خلال إجازته.
في المقابل، يذهب البعض إلى أنّ ممارسة أوباما للغولف تجعله يبتعد عن صورة الشخص الذي أتى ليغيّر السياسة في واشنطن ليبدو كسياسي عادي يشبه الآخرين. إذ 3 فقط من آخر 18 رئيساً أميركياً لم يكونوا يمارسون الغولف. وأوباما لم يكن يلعب الغولف قبل أن يصبح سيناتوراً. ويقول البعض إنّه اتخذ الهواية ليستطيع الاختلاط على نحو أفضل مع زملائه المحافظين. لكنّه سرعان ما أدمن على اللعبة وبدأ يشجع فريق عمله على الانتهاء من العمل باكراً للعب القليل من الغولف يومياً. وبدا في سنته الرئاسية الأولى كأنّه أكثر اهتماماً باللعبة عن ذي قبل. فهو لعب يوم عيد الأب، وأثناء العطلة الصيفية، ومباشرة بعدما عاد من رحلته الأوروبية في حزيران. ويرى البعض أنّه لعب الغولف في الأشهر التسعة الأولى من رئاسته أكثر مما فعل سلفه جورج دبليو بوش في سنتين. ويتذكر هؤلاء كيف ترك بوش اللعب بعد حادثة آب 2002. حينها كان بوش في عطلته الصيفية وحدث تفجير في إسرائيل. قال آنذاك للصحافيين «هناك عدد قليل من القتلة يريدون إيقاف عملية السلام التي بدأناها، ولا يجب أن نسمح لهم بالقيام بذلك، وأدعو الأمم كلها لفعل ما أمكنها لإيقاف الإرهابيين. شكراً لكم. الآن راقبوا هذه الضربة الجميلة». واستهجن الجميع ما قاله بوش ووصل المقطع إلى فيلم مايكل مور الساخر «فارنهايت 9/11».
ويذهب بعض المحللين إلى الغوص عميقاً في الأسباب التي تدفع أوباما للعب الغولف بكثافة. فهو كان يرغب في التقدم المهني، وهذه اللعبة تمكنه من التواصل مع السياسيين ورجال الأعمال المهمّين. كما يلعب الغولف للترويج لصورته على أنه رئيس عصري. لكن هذه الأسباب قد ترتدّ على الرئيس سلباً لاعتبارها من قبل البعض دليل نخبوية، وكسل. وفعلاً هذا ما بدأ يحصل، فمجلة «نيوزويك»، وهي أقوى مناصر لأوباما، بدأت تتخلى عنه بعد محاولة التفجير بنشرها مقالات تنتقده مع إدارته لأسلوب معالجة هذه الأزمة.