يدلي الناخبون الكروات غداً الأحد بأصواتهم لانتخاب ثالث رئيس لهم منذ استقلال البلاد في 1991، ستكون مهمته إدخال هذه الجمهورية اليوغوسلافية السابقة إلى الاتحاد الأوروبي
حبيب الياس
يختار أكثر من 4.4 ملايين ناخب كرواتي، حسب أرقام اللجنة الانتخابية المركزية، غداً بين مرشح الحزب الاجتماعي الديموقراطي ايفو جوسيبوفيتش، ومنافسه المرشح المستقل ميلان بانديتش في الدورة الثانية، الحاسمة، من الانتخابات الرئاسيّة.
وركز جوسيبوفيتش حملته في الجولة الأولى، التي حصل فيها على 32.4 في المئة من الأصوات، على شعار «العدالة لكرواتيا»، منتقداً الحكومة لعدم معالجتها لمشاكل الفساد وتجاهلها لحاجات المواطن.
ووعد جوسيبوفيتش (52 عاماً)، الخبير في القانون الجزائي الدولي ومؤلف للموسيقى الكلاسيكية والعضو في الجمعية الوطنية منذ 2003، بمكافحة «الظلم الاجتماعي العميق» والفساد والجريمة المنظمة «بلا تساهل».
ويحمل منتقدو جوسيبوفيتش، الذي أظهرت استطلاعات للرأي نشرت أمس تفوقه على منافسه بفارق 17 نقطة، عليه بأنه يفتقر إلى قوة الشخصية والخبرة السياسية.
فيما بانديتش (54 عاماً)، الذي حصل على 14.8 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى، ركز خلال الحملة الانتخابية على العمل «مثل حصان من أجل كرواتيا». ويراهن على إنجازاته خلال توليه منصب رئيس بلدية زغرب منذ عام 2000. كما ركز حملته على أنه مجرد مواطن، ليس من طبقة المثقفين، بل شخص عادي، وطني، ويعمل بجد.
ورغم أن الرئيس في كرواتيا غير مطلق الصلاحيات، التي يتقاسمها مع رئيس الحكومة، فإنه يحمل هذه المرة أهمية كبرى، إذ تنتظر الرئيس الجديد استحقاقات كبيرة، أهمها تحقيق هدف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في 2011.
إضافة إلى ذلك، فإن الرئيس الجديد سيرث بلداً يشهد انكماشاً وتعصف به الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث بلغت نسبة البطالة 16.1 في المئة، وهي في أعلى مستوياتها منذ سنتين ونصف.
وسيكون على الرئيس الجديد أيضاً، إدارة بلد تهزه فضائح فساد مدوية، وتحت أنظار المفوضية الأوروبية التي جعلت من مكافحة هذه الآفة أحد المعايير الأساسية التي يفترض أن تحققها زغرب قبل انضمامها إلى الاتحاد.
كذلك تعد هذه الانتخابات تاريخية إذ تجمع، للمرة الأولى في تاريخ كرواتيا، مرشحين تخرجا من المدرسة الحزبية نفسها. وخلال التحضير للانتخابات الرئاسية كان الاختيار داخل الحزب الاجتماعي الديموقراطي، بين المرشحين الحاليين للرئاسة جوسيبوفيتش، الذي دخل الحزب قبل سنة من الانتخابات، وبانديتش الذي فاز برئاسة بلدية زغرب مرشّحاً عن الحزب.
وبعد تناقل أخبار عن ترشيح بانديتش للرئاسة، طلب عدد من الحزبيين رئيس الحزب، زوران ميلانوفيتش، التدخل وترشيح شخصية غيره لارتباطه بعدد من قضايا الفساد والاختلاس. فكان اختيار ترشيح جوسيبوفيتش. غير أن هذا الخيار أدى إلى تفاقم مشكلة بانديتش، الذي أعلن ترشحه في 5 من تشرين الثاني الماضي، ما أدى إلى طرده من الحزب على خلفية عدم دعم الحزب لأكثر من مرشح للانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من أن جوسيبوفيتش ركز حملته في الجولة الثانية على قراره المستقل، إذ إن الدستور يمنع الرئيس من الانتماء لأي حزب بعد إعلان النتائج النهائية على أساس أنه رئيس لجميع الكرواتيين، لم يتردد في إعلان دعمه لحزبه خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2011، الأمر الذي استغله منافسه لاتهامه بأنه أداة في يد رئيس الحزب.
وفي هذه الحملة، التي لم يوفر فيها أي من المرشحين أي فرصة لمهاجمة خصمه، اتهم بانديتش منافسه بالإلحاد، ما عدّه هذا الأخير اتهاماً في غير محله على أساس أن الرئيس الحالي ستيبان ميسيتش، أحد أكثر السياسيين شعبية في كرواتيا، انتُخب مرتين على الرغم من إلحاده. كذلك اتهم بانديتش منافسه بالضلوع في عملية صوغ الاتهامات ضد عدد من الجنرالات الكروات خلال الحرب مع صربيا، واختلاس الأموال خلال عام 1998 عندما كان رئيساً لأحد المصارف التي أعلنت إفلاسها. إلا أن جوسيبوفيتش تجاهل كل هذه الاتهامات وركز على مسيرته السياسية النظيفة وعلى خبرته في المجال القانوني والدستوري، على أن تحسم صناديق الاقتراع هذه «الحرب» الكلامية.