باريس ــ بسّام الطيارةلم يمنع الجليد الذي يلف العاصمة الفرنسية، ولا البرد القارس الذي يعصف بشوارعها ويكسوها برداء أبيض، من إبقاء الملف الإيراني على نار حامية، حيث لا يزال يشعل اهتمام الدوائر الفرنسية. هذا الاهتمام تكثّف منذ أعلن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تاريخ نهاية السنة كمهلة أخيرة، قبل بدء العد العكسي لمسيرة «عقوبات متصاعدة» متوازية مع «مفاوضات باردة».
أمّا المراقبون فينظرون بعجب إلى المفارقة بين الموقف الفرنسي الداعي إلى البدء بعقوبات «تدفع طهران نحو تسوية»، والموقف الأميركي الذي كان يبدو «متردداً». إلا أن الأحداث وموجة احتجاجات المعارضة، غيّرت من «مقاربة الغرب» للملف الإيراني جوهرياً.
ورغم رفض اعتراف المصادر الفرنسية، إلا أن عامل «عدم مضايقة المعارضة الإيرانية» يقف وراء هذا «التردد في فرض عقوبات قوية».
شهر شباط سيشهد صدور سلسلة من العقوبات الموجعة للاقتصاد الإيراني
من هنا، يرى خبير مقرب من الملف الإيراني أن المقاربة باتت مبنية على أربعة محرّكات: أولاً، التلويح الدائم والمستمر بضربة إسرائيلية رغم «الجزم باستبعادها»، بسبب انعكاساتها السياسية وصعوبتها التقنية. ثانياً، إدراج بند العقوبات على بساط البحث بين العواصم المعنية وتشكيل «سلة كاملة» بالاحتمالات الإضافية المتاحة. ثالثاً، الضغط على الدول ذات الثقل في التعامل الاقتصادي مع طهران مثل روسيا والصين للقبول بالمضي قدماً في اتجاه عقوبات اقتصادية، «لإبعاد النزاع عن الشق الحربي الذي تهدّد إسرائيل به». رابعاً، الضغط إقليمياً على حلفاء طهران الإقليميين، إما عبر تهديد حلفائها الاستراتيجيين، مثل حزب الله و«حماس»، أو عبر التلويح بـ«تفاعلات للملف اليمني» يسلّط الأضواء على الدور الإيراني.
إلا أن أكثر من مصدر فرنسي يقول إن «الأمل اليوم مبني على ضغط الاحتجاج الداخلي». ويشير هؤلاء إلى مواقف وزير الخارجية برنار كوشنير، الذي بات اليوم «أشد الدعاة تحمّساً إلى الأخذ بالحسبان مقاربة شمولية» للملف الإيراني، بعدما كان من دعاة «أحادية المقاربة» المتأرجحة بين جزرة الحوافز الاقتصادية وعصا العقوبات الدولية، مع ميل أوسع إلى هذه الأخيرة، طبعاً من دون أن يتردد في استعمال كلمة «الحرب».
وتقود هذه المقاربة إلى «عدم تحميل المعارضة أكثر مما تحتمل»، وبالتالي «عدم معاقبة الشعب». إلا أن مصادر ترى أن هذه السياسة يصبح معها «من غير الممكن معاقبة أي نظام ديكتاتوري».
إلا أن الاتفاق على «عقوبات مقبولة» هو القاسم المشترك اليوم بين باريس وواشنطن. وبحسب أكثر من مصدر، فإن شهر شباط سيشهد صدور «سلسلة من العقوبات الموجعة» للاقتصاد الإيراني تشمل القطاعات المصرفية وتضع حداً لتدفق الاستثمارات الأجنبية، وخصوصاً في القطاع النفطي والصناعي.