خاص بالموقع- كشف مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) ليون بانيتا في مقال نشر اليوم في صحيفة «واشنطن بوست» أنّ الانتحاري الأردني همام خليل أبو ملال البلوي كان سيخضع للتفتيش عندما فجّر نفسه في قاعدة عسكرية أميركية في أفغانستان، ما أدى إلى مقتل سبعة من عملاء الوكالة وضابط أردني. وكتب بانيتا في المقال الذي نشرته الصحيفة أنّ «الأمر لا يتعلق بأن نثق بمصدر استخباري محتمل، حتى لو قدم معلومات يمكن التحقق منها على نحو مستقل». وأكدّ أنّ «الأمر ليس أبداً بتلك البساطة، ولا أحد تجاهل المخاطر».وتابع المقال أنّ الوكالة كانت تريد أن تبحث مع البلوي في سبل قتل أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الذي لا يزال فاراً.
وتابعت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أميركيين أنّ ستة أشخاص على الأقل أُصيبوا بجروح، من بينهم المسؤول الثاني في الوكالة في أفغانستان.
وأعرب بانيتا عن غضبه من الانتقادات التي وجهت إلى الوكالة لطريقة تعاطيها مع البلوي، واستنكر خصوصاً الإيحاء بأنّ «الذين ضحَّوا بحياتهم إنما جلبوا ذلك على أنفسهم بسبب ضعف احترافهم».
من جهة ثانية، قال البلوي، وهو أردني من أصل فلسطيني انتقل مع أسرته إلى الأردن بعد غزو العراق للكويت في 1990، في تسجيل فيديو بثته قناة الجزيرة الفضائية السبت إنّه نفذ الهجوم للانتقام من الاستخبارات الأردنية والأميركية.
وتابع: «نقول إنّ أميرنا، رحمه الله، بيت الله محسود لن ننسى دمه أبداً وسيبقى أن نأخذ ثأره في أميركا وفي خارج أميركا هو أمانة في عنق كل المهاجرين».
وأكّد البلوي قائلاً: «لن ننساه أبداً، لن ننساه حين قال إنّ الشيخ أسامة بن لادن ليس في أرضنا، لكنّه إن أتى سنحميه بإذن الله ولقد صدق ولقد دفع من دمه عن هذه الكلمة».
وقال إن «هذه رسالة لأعداء الأمة من استخبارات الأردن ومن الاستخبارات المركزية الأميركية، مفادها أنّ المجاهد في سبيل الله لا يعرض دينه في سوق المساومات، وأنّ المجاهد في سبيل الله لن يبيع دينه ولو وضعت الشمس في يمينه والقمر في يساره».
ويبدو البلوي في الشريط حاملاً سلاحاً وجالساً إلى جانب رجل يعتمر قبعة أفغانية وخلفهما راية سوداء عليها آيات قرآنية. وبحسب مجموعة «إنتل سنتر» التي ترصد المواقع الإسلامية، فإنّ الرجل الجالس إلى جانب البلوي هو حكيم الله محسود، الذي خلف بيت الله محسود على زعامة طالبان باكستان.
وأكد خليل البلوي لاحقاً أنّ الرجل في التسجيل هو ابنه الذي «استغلته» عدة جهات استخبارية لم يحددها. وقال إنّ ابنه كان ضحية «الدهاليز الاستخبارية» التي حولت حياته من طبيب يخدم الناس إلى ما آل إليه مصيره.
وإذا ما كان يستطيع أن يحدد هوية الأجهزة الاستخبارية التي كان ابنه يتعاون معها، وإذا كانت تضم حركة طالبان، قال البلوي «أنا لا، (لكن) بإمكانكم التأكد من الذين عندهم تأكيد ولهم علم بذلك».
في المقابل، دعا خبير أميركي متخصص في شؤون الإرهاب إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى اعتماد سياسة أخرى لمواجهة الاستراتجية الجديدة التي يعتمدها تنظيم القاعدة، القائمة على خمس نقاط تركز على إرهاق الأميركيين وخلق انقسامات في صفوف الحلفاء.
وكتب بروس هوفمن، البروفيسور في الدراسات الأمنية في جامعة «جورج تاون» والعضو في الأكاديمية العسكرية الأميركية لمكافحة الإرهاب، في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» أنّ تنظيم القاعدة تطور وبات يعتمد استراتيجية جديدة، فيما لا تزال الإدارة الأميركية تحاول كبحه من خلال سياستها القديمة.
وتقوم استراتيجية القاعدة الجديدة على خمس نقاط: فهو أولاً، يسعى إلى إتعاب الأميركيين من خلال إغراق نظام الاستخبارات بآلاف التهديدات والضجيج، أملاً في أن يتلهى الأميركيون بكلّ تلك المعلومات، فلا يتنبهوا إلى الأدلة الحقيقية. وثانياً، يسعى على وقع الأزمة المالية العالمية إلى التهديد بإفلاس الأميركيين. وثالثاً، يحاول خلق انقسامات في صفوف الحلفاء، من خلال تفجيرات مدريد عام 2004 ولندن 2005 وغيرها من التفجيرات في باكستان وأفغانستان التي استهدفت أهدافاً أجنبية، سعياً إلى معاقبة تلك الدول على مشاركتها في الحرب على الإرهاب. ورابعاً، انتقل القاعدة إلى استغلال الدول الضعيفة والمناطق الخارجة عن القانون، بينما لا تزال الولايات المتحدة مشغولة بأفغانستان، وقد انتشرت شبكة القاعدة في باكستان والجزائر والصومال واليمن. وخامساً، يسعى إلى تجنيد أشخاص من دول غير إسلامية، وخاصة الأشخاص الذين اعتنقوا الإسلام، والذين لا توحي أسماؤهم أو أشكالهم بأصولهم الإسلامية، ما يمنحهم حرية أكبر في التنقل من دون إثارة الشبهات.
ولفت هوفمن إلى أنّه بينما تسعى القاعدة إلى استغلال نقاط الضعف الأميركية، لا تزال الإدارة عالقة في نمط من ردات الفعل المتأخرة بدلاً من توقع الخطوات التي يقوم بها التنظيم. وأشار إلى أن التأخير في اكتشاف محاولة تفجير الطائرة ليس ناتجاً فقط من البيروقراطية أو الفشل في التنبه إلى النقاط، بل الفشل في التنبه إلى استراتيجية القاعدة الجديدة.
وعلى الرغم من اعتراف هوفمن بأهمية إلقاء القبض على قادة التنظيم أو قتلهم، إلا أنه رأى أن السبيل الوحيدة للقضاء على تنظيم القاعدة هو في القضاء على دائرة التطرف والتجنيد.
من جهة ثانية، قُتل أربعة متمردين على الأقل بصاروخين أطلقتهما طائرة أميركية بدون طيار السبت على منطقة قبلية شمال غرب باكستان.
واستهدفت الغارة مبنى في قرية إسماعيل خيل التي تبعد 40 كلم غرب ميرانشاه، كبرى مدن وزيرستان الشمالية، وهي ولاية قبلية قريبة من الحدود مع أفغانستان.
وصرّح مسؤول أمني باكستاني رفيع بأنّ «طائرة أميركية بدون طيار أطلقت صاروخين أصابا مبنى استخدمه المتمردون مركزاً للتدريب».
وأفاد سكان بأنّ المبنى المستهدف يعود إلى أحد أفراد قبيلة محلية عرف باسم «راستا برخان» المعروف بعلاقاته مع حركة طالبان. وأكد مسؤولون أنّ الغارة استهدفت معقلاً لـ«حافظ غول بهادور»، وهو متمرد محلي حارب في صفوف طالبان في أفغانستان إبان اجتياح التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة البلاد عام 2001.
وتابعت المصادر أن بهادور يسيطر حالياً على نحو ألفي مسلح يرسلهم إلى أفغانستان لمقاتلة القوات الأجنبية والحكومية، لكنهم لا ينشطون في باكستان.
ولا تؤكد الولايات المتحدة أبداً غارات الطائرات بدون طيار، لكن القوات الأميركية تنفرد في المنطقة بامتلاك هذا النوع من العتاد. وغارة السبت هي السادسة التي تنفذها الولايات المتحدة منذ مطلع العام.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)