ينتهي الأحد المقبل السباق الرئاسي في تشيلي بين الملياردير سيباستيان بينييرا، الذي تصدّر الدورة الأولى بـ 44 في المئة من الأصوات، وبين الرئيس السابق إدواردو فريه، مرشح الائتلاف الوسطي ـــــ اليساري الحكومي («التوافق») والذي نال 29 في المئة.
وسيتحدد الأحد المقبل ما إذا كانت تشيلي عائدة بعد عشرين سنة إلى اليمين بصيغة نيو ـــــ بينوشية (نسبةً إلى الديكتاتور التشيلي السابق أوغوستو بينوشيه)، أو إذا كان الجهد الذي بذل خلال هذا الشهر الأخير ـــــ بدءاً بالرئيسة ميشيل باشليه التي تتمتع بشعبية تفوق الـ 80 في المئة ـــــ سيسمح بإقناع الناخبين بإعطاء «التوافق» فرصة إضافية لـ«تحاشي تلك العودة إلى الوراء».

وتكمن المفارقة في التشيلي ـــــ بحسب حملة فريه ـــــ في «أن المرشحين المعارضين لعودة اليمين هم 56 في المئة من الناخبين». وما سيحسم في هذا الخيار هم ناخبو كل من المرشحين اليساريين في الدورة الأولى: أصوات خورخي أراتي (400 ألف)، الذي أيده الحزب الشيوعي، التي تبدو مضمونة لفريه، فيما المعركة تدور حول أصوات ماركو إنريكيز أومينامي (مليون و400 ألف صوت) الذي خاض حملته تحديداً للتمايز عن ممارسات «التوافق». وإذا نال بينييرا 400 ألف من تلك الأصوات فهو رئيس التشيلي المقبل.

وتسلّم معاونو باشليه حملة فريه للدورة الثانية واختاروا التركيز على الاستمرارية والانفتاح على برنامج إنريكيز أومينامي، بالرغم من تشدد هذا الأخير ومطالبته باستقالة رؤساء أحزاب «التوافق» للتفاوض. وتبنّى فريه، عشية عيد الميلاد، اقتراحاً للقيام بإصلاح ضريبي تقدم به اليساريون، وكان قد تجاهله في الدورة الأولى. بعد رأس السنة، توجّه فريه إلى رؤساء أحزاب «التوافق» الأربعة ليحثهم على «المزيد من الشفافية والمشاركة والديموقراطية»، وليؤكد أن تعييناته «ستتميز بالكفاءة، لا بالقربى السياسية». أخيراً، قبل أيام، وعد فريه بالعمل لإقرار دستور جديد. وتتويجاً لهذا «التجديد»، تلقّى دعماً مهماً من كارلوس أومينامي، أبي ماركو بالتبنّي وأحد أعمدة حركته.

ولم توفر باشليه جهودها، إذ أصدرت قانوناً حول الشفافية، قالت عند إقراره «ما تحتاجه التشيلي فصل صارم بين السياسة والأعمال الخاصة»، مصوّبة على بينييرا (بين أغنى 700 رجل في العالم). وقبل أيام، أرسلت إلى المجلس مشروعين كانا من أولويات برنامج إنريكيز أومينامي.

أما مشكلات الجبهة الثانية فهي من طبيعة مختلفة، إذ إنهم بحاجة إلى استقطاب 6 في المئة من الأصوات التي تنقصهم وتحاشي الصدمات في ائتلاف مكّن الحزب الآتي من تراث حقبة بينوشيه ـــــ «الاتحاد الديموقراطي المستقل» ـــــ في التحول إلى أكبر كتلة برلمانية والحصول على 37 مقعداً من أصل 58 التي تشكل أكثرية بينييرا. وكان بينييرا قد صرّح بأنه «لن يكون على الأرجح في حكومته أناس عملوا مع النظام العسكري»، قبل أن يتراجع أمام استياء حلفائه للقول «إن خدمة النظام العسكري ليست خطيئة ولا جريمة».

يشار إلى أن آخر استطلاع رأي جرى قبل 3 أسابيع دلّ أن بينييرا لا يزال متصدراً بـ 46 في المئة من الأصوات، فيما يتقلص الفارق تدريجاً، حيث وصل أخيراً إلى 7 نقاط، ولذلك تأخذ المناظرة التلفزيونية المبرمجة مساء اليوم بين المرشحين أهمية حاسمة.