strong>نام مئات آلاف الهايتيين ليلتهم، أول من أمس، في العراء خوفاً من الهزات الارتدادية، فيما لا يزال عدد القتلى غير محسوم، رغم أن الرئيس قدّره بين 30 و50 ألفاً
يئنّ رضيع تحت الأنقاض، بينما تحاول مجموعة من رجال الإغاثة انتشاله، قبل أن تهتز الأرض من جديد فجأة، كما حدث منذ الزلزال الذي دمر العاصمة الهايتية، بورت أو برنس. يتراجع المنقذون بسرعة، ثم يعودون لسحب الطفل من تحت الأنقاض. تكرر هذا المشهد في كلّ مكان في العاصمة الهايتية بعد مرور أكثر من 24 ساعة على الزلزال الذي لا يزال عدد ضحاياه مجهولاً.
وتحوّل وسط بورت أو برنس إلى مخيّم كبير للاجئين يبحث فيه آلاف الأشخاص عن المياه والطعام والأدوية. وفي المنازل المهدمة، بقيت جثث القتلى في الوضع الذي كانت عليه عند وقوع الهزة المدمرة: زوجان في قيلولة، فتيات يغطيهنّ الغبار، نساء فتحن أعينهنّ ذعراً. وفي السيارات المدمرة، جثث متفحمة لا تزال في مكانها. وعندما تنتشل الجثث من تحت الأنقاض، تمدّد في صفوف في الشوارع، مغطاة بأقمشة.
أما الناجون، فهائمون في الطرق يحاولون انتشال الجرحى بأيديهم. لا سيارات إسعاف ولا فرق إطفاء ولا حتى رفوش.
استعاد بعض السكان جزءاً يسيراً مما كانوا يملكونه في بيوتهم المدمرة لإقامة مسكن بدائي، بانتظار أن يصل أحد ما ليقدم لهم بعض الماء والأرز.
ونصب اللاجئون الجائعون والجرحى خياماً صنعوها من قطع أقمشة حصلوا عليها من هنا وهناك، وهم يروون مآسيهم المتشابهة: منازل دمرها الزلزال وأقرباء قتلوا أو لا يزالون عالقين تحت الأنقاض. جاوروا القتلى وناموا إلى جانبهم في الشوارع. أما الأجانب، فناموا حول حمام السباحة في الفندق المتضرر.
ولم تكن تنقص سوى شائعة باحتمال حدوث تسونامي، ليتدافع سكان بورت أو برنس باتجاه مرتفعات «بيتيون فيل» في ضاحية المدينة. وقال شهود عيان في العاصمة الهايتية إنّ البعض بدأ يلجأ إلى السرقة في ظلّ الفوضى المنتشرة في البلاد، لكنّ حالات العنف لا تزال محدودة.
وقطعت الاتصالات العادية في المدينة باستثناء الاتصال على الإنترنت بواسطة الأقمار الاصطناعية. وأغلق ركام وأشجار طرقاً وانقطعت الكهرباء، ونقصت إمدادات الماء. وكانت إشارات المرور التي تعمل بالطاقة الشمسية هي مصادر الإنارة الوحيدة في شوارع بورت أو برنس. ويرقب السكان المنكوبون السماء على أمل ظهور إحدى طائرات المساعدة الإنسانية. لكن إحدى المشكلات التي تواجه عمال الإغاثة هي كيفية الوصول إلى أحياء بورت أو برنس الفقيرة بعد انهيار الطرق المؤدية إليها. وفي هذه المناطق، الأخطار الأساسية تكمن في الانهيارات وفي زحل الأرض. ويقدر أن 20 في المئة من مباني المدينة قد انهارت.
وشيئاً فشيئاً، بدأت تصل بعض المعلومات عن المدن الصغيرة المحيطة بالعاصمة. ويبدو أنّ الكارثة هي نفسها؛ سحبت مثلاً 35 جثة من مدرسة في جاكميل.

إحدى مشكلات عمال الإغاثة هي كيفية الوصول إلى أحياء بورت أو برنس الفقيرة

ورداً على سؤال لقناة «سي إن إن» عن عدد قتلى الزلزال، قال رئيس هايتي رينيه بريفال «لا أعرف... ما يصل الآن إلى 50 ألفاً كما سمعت... أو 30 ألفاً». وأضاف أنّ الضرر «لا يمكن تخيّله». وأشار إلى السير فوق الجثث وسماع صرخات المحاصرين تحت مبنى البرلمان المنهار. وقال إنّ رئيس مجلس الشيوخ من بين المحاصرين تحت أنقاض المبنى.
وتعهّد الرئيس الأميركي باراك أوباما بدعم سريع ومنسّق لإنقاذ الناس في هايتي. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنّها سترسل حاملة طائرات وثلاث سفن برمائية، بينها واحدة يمكنها نقل ما يصل إلى ألفين من جنود مشاة البحرية.
وقررت الأمم المتحدة والصين ودول أوروبية إرسال فرق استطلاع وإنقاذ، بعضها مزوّد بمعدات ثقيلة وكلاب تفتيش. وقدمت حكومات أخرى خياماً ووحدات تنقية للمياه وأغذية وفرق اتصالات.
وفي الوقت الذي أعلن فيه بعض المشاهير الأميركيين تقديم مساعدات إلى الجزيرة المنكوبة، أعلنت فرنسا وقف طرد المهاجرين الهايتيين من أراضيها نتيجة الكارثة التي حلّت ببلدهم.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)