واشنطن ـ محمد سعيد خاص بالموقع - شدّد وزير خارجية اليمن أبو بكر القربي في ختام زيارته لواشنطن التي دامت ثلاثة أيام على حساسية بلاده تجاه وجود قوات أميركية في اليمن، موضحاً أن مهمة ما سمّاه مكافحة الإرهاب داخل اليمن هي مسؤولية سيادية وليست مسؤولية الجنود الأميركيين.
وقال في أعقاب اجتماعه مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون أمس «الحساسية تجاه ذلك ليست لدينا فقط بل في الولايات المتحدة التي يعتقد البعض فيها أن الحرب على الإرهاب يجب أن يقوم بها البلد نفسه الذي يحدث فيه. وهذه هي السياسة الصائبة تاريخياً. إن ما نحتاج إليه هو بناء قدرات وحداتنا الخاصة بمكافحة الإرهاب بطريقة أكثر فاعلية وتدريبها وتزويدها بالمعدات اللازمة للقيام بالمهمة». وأضاف أن هذا سيفيد البلدين وسيثير مشاكل أقل ويجلب خسائر أقل.
وقال القربي إنه لمس فى واشنطن تفهماً للتحديات التي تواجه اليمن والرغبة في مساعدته على تحقيق الاستقرار. وأوضح أنه أكد خلال اجتماعه مع كلينتون التزام بلاده بمكافحة الإرهاب والتطرف وبالعمل على تعظيم العنصر الآخر من مكافحة الإرهاب وهو التنمية.
وعزا تدني الإنجازات إلى نقص الموارد لدى بلاده لتنفيذ الإصلاحات التي أقدمت عليها. وأشار إلى أن المساعدات التي تحصل عليها صنعاء من الولايات المتحدة ستساعد على إحراز تقدم في هذا الجانب.
وانتقد القربي التأخر والتراجع عن الوفاء بما وعد به مؤتمر لندن الذي عُقد عام 2006 بتقديم مليارات الدولارات وخاصة من دول مجلس التعاون الخليجي. وقال إن هذا ليس خطأ الحكومة اليمنية بل خطأ الآليات التي تُصرف بها هذه المساعدات، مؤكداً أن تلك مشكلة بيروقراطية. وقال إن الإخفاق قي الوفاء بتعهدات تقديم المساعدات منذ عام 2006 «أدّى إلى ما فيه اليمن حالياً».
وأعرب عن أمله أن يتجنب اجتماع لندن الذي سيعقد يوم الأربعاء المقبل هذه الأخطاء. ويأمل اليمن مزيداً من المساعدات من مؤتمر لندن للمانحين، لكن كلينتون حذرت من أن أي جهود لتقديم مساعدات تعتمد على قدرة الحكومة اليمنية على «تحسين مؤسساتها وفتح اقتصادها ومحاربة الفساد ومنع انتهاكات حقوق الإنسان».
من جهتها، اتفقت الوزيرة الأميركية مع ضيفها اليمني في أنه لا ينبغي إرسال أي قوات أميركية إلى الأراضي اليمنية، وتعهدت بمساندة جهود اليمن في مكافحة الإرهاب والانفصاليين والحفاظ على أراضيه وتحقيق التنمية لكل اليمنيين.
وقالت إن البلدين يعملان معاً كشركاء من أجل تحسين قدرة اليمن على تقديم الخدمات الأساسية والسيطرة على الحدود ومكافحة الإرهاب بفاعلية. وأضافت أن «البلدين يواجهان خطراً مشتركاً من المتطرفين المسلحين الذين يستهدفون المدنيين بدون رحمة أو ندم، حيث قتل تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية العشرات من اليمنيين في السنوات الأخيرة بما في ذلك سبعة جنود كانوا يحرسون السفارة الأميركية في هجوم شنه 17 أيلول 2008، كما قتل سياحاً وضباط أمن ودرب وجهّز شخصاً حاول تفجير طائرة أميركية»، عشية عيد الميلاد، في إشارة الى منفذ اعتداء ديترويت الفاشل، عمر فاروق عبد المطلب.
وأكدت الوزيرة الأميركية أن واشنطن ستكثف تعاونها مع اليمن على صعيدي الأمن والتنمية وستعمل على هذا مع شركاء آخرين. وأشادت بإرادة اليمن وقدرته على اتخاذ إجراءات ضد «القاعدة» وجماعات متطرفة أخرى.
وأوضحت أن المباحثات مع ضيفها اليمني «تناولت أيضاً أسلوب التعامل بفاعلية أكبر مع التوترات داخل اليمن، هذه قضايا على اليمن أن يحلها من خلال الحوار»، مشيرة إلى أن اجتماع لندن سيناقش جهود التعاون من أجل مكافحة الارهاب.
ونوّهت كلينتون بالاتفاق الذي وقعته الوكالة الأميركية للتنمية الدولية «يو إس إيد»، أخيراً مع الحكومة اليمنية والذي يقضي بتقديم مساعدات اقتصادية وتنموية بقيمة 121 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات. لكنها أوضحت أن نجاح هذا الاستثمار يتوقف على قدرة اليمن على القيام باختيارات صعبة ضرورية لتحسين القدرة على الإدارة وإصلاح اقتصاده لحماية حقوق الإنسان، ومكافحة الفساد وخلق بيئة أفضل لأنشطة الأعمال والاستثمار.
وأعلن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس خلال ندوة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية عُقدت أمس أن بروز اليمن كإحدى قواعد تنظيم «القاعدة» ليس مفاجئاً، مشيراً إلى أن بلاده تتابع ما يجري هناك منذ وقت طويل.
وذكر أن أنظاره كانت منصبة على اليمن قبل عامين عندما كان قائداً للقوات في العراق قبل أن يتولى منصبه الحالي في نهاية 2008، مضيفاً أن هذا البلد كان أحد البلدان التي نراقبها على أنها مصدر للمشاركين الأجانب في أوضاع العراق. وقال إنه زار اليمن في تشرين الثاني وكانون الأول من عام 2008 فور تعيينه في منصبه الحالي ، وشدد على أن الولايات المتحدة عززت عمل الاستخبارات في ما يتعلق بهذا البلد.
وقال إن هذا الجهد هو الذي سمح بعمليات 17 و24 كانون الأول التي قامت فيها القوات اليمنية بمساندة أميركية بشن غارات جوية ضد «القاعدة» وأدّت إلى قتل أو أسر عشرات من أعضائه.
وأوضح بترايوس أن مكافحة «القاعدة» في اليمن تندرج في جهد أوسع للمساعدة على التنمية الاقتصادية لأن الاقتصاد هو «أحد الأسباب التي يتذرّع بها بعض الأفراد من أجل التحول إلى التطرف».