قدمت اللجنة البرلمانية الفرنسية المكلفة دراسة مسألة النقاب في المجتمع الفرنسي، أمس نسخة عن تقريرها، وسط حديث عن تباين بين أعضائها انعكس على التوصيات الصادرة عنها
باريس ــ بسّام الطيارة
بعد ستة أشهر من العمل وجلسات استماع طالت ٢٠٠ شخصية من السياسيين والاختصاصيين في الشؤون الإسلامية وقضايا المهاجرين والجمعيات وممثلي المجتمع المدني وممثلي الأديان، أوصت لجنة برلمانية فرنسية بحظر ارتداء النقاب في فرنسا واتخاذ إجراءات لمنعه.
وعلمت «الأخبار» أن «التوافق لم يكن سمة الأجواء التي سادت اللجنة»، وأن ثلاثة من بنود «التقرير التوصية» رفضت، ولم يُصوَّت عليها بسبب تفاوت الآراء حولها.
واعترف رئيس مجلس النواب، برنار أكوايه، بطريقة غير مباشرة بذلك أثناء مداخلته التي أعقبت تسلّم التقرير بتشديده على وجود «أكثرية غالبة ولكن بغياب الإجماع»، مشيراً إلى أن «التقلبات السياسية» قد تكون وراء ذلك.
وشدد لاكوايه على أن «الجمهورية ترفض النقاب»، معيداً التذكير بقول الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، إنه «لا مكان للنقاب» في فرنسا.
وتبدو «سبل منع النقاب» غير محسومة؛ فهل تكون بموجب قانون أم بموجب قرارت إدارية؟ ثم كيف يمكن تجنّب «رد هذه القرارات» مهما تكن، من قبل المجلس الدستوري، إن كانت تطال «الحقوق الأساسية مثل الحرية الفردية»؟
وبحسب التقرير الذي وزع على الإعلام، فإن اللجنة أوصت الجمعية العمومية عبر «مشروع قرار»، تضمن ١٨ بنداً بإصدار «إعلان عام» يعيد التذكير بمبادئ العلمانية التي ترى أن «النقاب مخالف لقيم الجمهورية».
وقال النائب الشيوعي، أندريه جيران، الذي كان وراء إطلاق هذه الحملة، إن هدف توصيات اللجنة هو الوصول إلى «المنع المطلق» لارتداء النقاب في الأماكن العامة، التي فسرها بأنها تشمل «وسائل النقل العام والمؤسسات الحكومية والمدارس والمستشفيات».
غير أن بعض نواب اليمين المتشدد، ومنهم أعضاء في حزب ساركوزي «تجمع الأكثرية الشعبية»، يسعون لاستصدار قانون يمنع ارتداء النقاب في «الشارع»، على اعتبار أن «رؤية نساء محجبات أمر مخالف لعادات الجمهورية».

مطالبات بفرض غرامات وحرمان من الجنسية للنساء المخالفات
وطالب البعض، ومنهم رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الأكثرية، جان فرنسوا كوبيه، بقانون يغرم النساء المخالفات. كذلك طالب البعض بجعل ارتداء النقاب «سبباً لمنع تجنيس المرأة التي ترتديه»، على أساس أنها «غير قابلة للاندماج» في المجتمع الفرنسي. وعلمت «الأخبار» بوجود تنوع في أسباب معارضة التوصية؛ فالبعض عارضها لأنه لا يرى في «قوننة المنع» سبيلاً للانتهاء من هذه الظاهرة، بينما يعارض البعض الآخر «مبدأ التروي وأخذ الوقت».
ومع صدور التوصية، يجري ترقب الخطوات الذي ستقوم بها الحكومة الفرنسية أو بالأحرى ساركوزي، وخصوصاً أنه ارتكب خطأ في إطلاق حملة البحث والحوار عن «معنى الهوية الفرنسية» بحيث جعل المواطن الفرنسي يمزج بين البرقع والهوية الوطنية والمهاجرين والإسلام. وهي عناوين لن تسعف الرئيس في رفع شعبيته، التي لا تزال في الحضيض، على الرغم من اقتراب الانتخابات المناطقية، التي يقول البعض إنها كانت وراء إطلاق كل هذه المشاريع الإعلامية التي «تحرك الوتر الشوفيني» لأسباب انتخابية محضة.