مهدي السيدانتقل السجال الدبلوماسي الإسرائيلي ـــــ التركي إلى داخل إدارة الدولة العبرية، بين كل من وزارة الخارجية، ممثلة بـ«مركز البحوث السياسية»، والسفارة في تركيا، على خلفية التقرير الذي أعدّه المركز البحوث عن علاقات تل أبيب بأنقرة. إلّا أنّ وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان كان مشغولاً بتبرير هجوم وزارته على تركيا على قاعدة أن الاتحاد الأوروبي وجّه انتقادات أشد وأكثر حدةً إليها.
وكشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، أنّ السفارة الإسرائيلية في أنقرة بعثت، قبل يومين، رسالة غاضبة إلى وزارة الخارجية انتقدت فيها بشدة التقرير الذي أعدّه مركز البحوث السياسية في الوزارة، والذي جاء فيه أنّ إهانة السفير التركي في تل أبيب، أحمد أوغوز تشليك كول، «كانت ناجحة، وجعلت أنقرة تفهم التلميح، وأن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان يشجّع العداء للسامية، ويحرّض على إسرائيل».
وبحسب الصحيفة، ذُهل الدبلوماسيون الإسرائيليون المعتمدون لدى أنقرة بهذا التقرير، ونتيجةً لذلك بعثوا برقيتهم إلى ليبرمان والمدير العام للوزارة يوسي غال، كذلك إلى رئيس مركز البحوث السياسية نمرود بركان، وإلى سلسلة من كبار المسؤولين الآخرين. وانتقدت الرسالة مضمون التقرير، حتى إنّ السفير غابي ليفي والدبلوماسيين الآخرين في العاصمة التركية، رأوا أنّه يتضمّن اتهامات خطيرة ضدّ تركيا «لا تنسجم مع الحقائق، ومنقطعة عن الواقع».
ونال الجزء الذي رأى أنّ أردوغان يحرّض على اللاساميّة، قسماً كبيراً من انتقادات ليفي ومساعديه، على اعتبار أنّ مفهوم «اللاسامية» في تركيا يختلف تماماً عن ذاك المعروف في دولة الاحتلال وأوروبا. وجزمت البرقية بأنّه «لا يوجد في تركيا عداء للسامية مدعوم من المؤسسة الحاكمة». كما دافعت البرقية عن أردوغان، وخصوصاً لأنه أقام علاقات وثيقة مع تل أبيب لسنوات، عندما كانت سياسة إسرائيل، وخصوصاً في ما يتعلق بعملية السلام، تتلاءم مع توجهات حكومته.
ووفق «هآرتس»، ينبع أحد أسباب «ذهول» الدبلوماسيين في أنقرة من واقع أنّ واضعي التقرير، ممّن خدم بعضهم سابقاً في أنقرة، لم يتشاوروا مع الدبلوماسيين الحاليين في تركيا، ولم يستمزجوا رأيهم. كذلك، فإنّ نشر التقرير «بهذه الحساسية وفي هذا التوقيت، في ذروة فترة متوترة في العلاقات مع تركيا»، لم يكن قراراً صائباً.
في موازاة ذلك، برّر ليبرمان تهجّمات وزارته على تركيا بالقول إن الاتحاد الأوروبي وجّه انتقادات أشدّ وأكثر حدّة إليها. وأشار ليبرمان، في مقابلة أجرتها معه الإذاعة الإسرائيلية، إلى أن «تقارير الاتحاد الأوروبي تنتقد بشدة وضع حقوق الإنسان في تركيا وعلاقات حكومتها مع دول إرهابية، وضلوعها السلبي في المفاوضات في قبرص».