أول «حال الاتحاد» في عهده حمّل «تركة بوش» مسؤولية الفشل... وتجاهل عملية السلامواشنطن ــ محمد سعيد
طغى الهم الداخلي والاقتصادي على أول خطاب للرئيس الأميركي باراك أوباما عن «حال الاتحاد» الأميركي، حيث أكد أن الأولوية للوظائف ثم التأمين الصحي. أمّا مسألة السلام في الشرق الأوسط، فكان لافتاً اختفاؤها من النص، حتى إن الجانب الأمني ومحاربة ما يسمّى الإرهاب لم يحتلّا إلا ركناً ضئيلاً، واقتصر الكلام على التأكيد أن الإدارة الأميركية تعمل على سد الثُّغر التي برزت في محاولة تفجير طائرة ديترويت.
وتحدث أوباما بإسهاب عن التحديات الاقتصادية والمالية، طارحاً خططاً ومبادرات، منها تخصيص 30 مليار دولار من أموال التحفيز المالي، التي ردتها المصارف إلى الحكومة لمساعدة المصارف الصغيرة على إقراض المشروعات الصغيرة، وإعفاء ضريبي إضافي للمشروعات الصغيرة، يستفيد منه أكثر من مليون مشروع، داعياً إلى بناء المزيد من المنشآت التي تعتمد على الطاقة النظيفة، وتخلق فرص عمل، وإلى تمرير قانون شامل للطاقة والمناخ.
كذلك دعا إلى حرمان الشركات التي تنقل وظائفها إلى الخارج من الإعفاءات الضريبية. وطالب مجلس الشيوخ بتمرير مشروعه الخاص، الذي يشجع على خلق المزيد من فرص العمل، والذي أقره مجلس النواب. وفي أزمة المصارف، أوضح أوباما أنه لا يسعى إلى معاقبة المصارف التي تسببت بالأزمة الاقتصادية، لكنه سيعمل على حماية الاقتصاد. وشن هجوماً على جماعات الضغط والمصالح الخاصة، التي تحاول أن تقتل تشريعاً مرره مجلس النواب، يمنع المؤسسات المالية من المخاطرة بودائع المواطنين. كما طرح أوباما مبادرة كبرى لإصلاح النظام التعليمي وزيادة الاستثمار فيه.
أما التأمين الصحي، فقال أوباما إنه «لم يختر التعامل مع هذه المشكلة من أجل إحراز نصر سياسي»، مؤكداً أن تمرير مشروعه هذا سيخفض العجز في الميزانية بمقدار تريليون دولار، وسيمكّن ملايين الأميركيين من الحصول على الرعاية الصحية. وحاول أوباما تبرير إخفاقه في حل بعض المشاكل وتنفيذ ما كان قد وعد به بالتركة الثقيلة التي ورثها عن سلفه جورج بوش، وقال إنه «ورث عجزاً في الميزانية قدره تريليون دولار، وهناك توقعات بزيادة هذا العجز ليصل إلى 8 تريليونات دولار، وكل هذا نتيجة خوض حربين، ومنح فترتين متتاليتين من الإعفاءات الضريبية المطلقة، وإطلاق برنامج مكلف لصرف الدواء، إضافةً إلى 3 تريليونات دولار ستضاف إلى هذا العجز بسبب الركود».
وقال أوباما إنه سيبدأ اعتباراً من عام 2011 تنفيذ برنامج لتجميد الإنفاق الحكومي لمدة ثلاث سنوات من أجل تقليص العجز بمقدار تريليون دولار من دون أن يتأثر الإنفاق على متطلبات الأمن القومي، والرعاية الطبية والصحية والضمان الاجتماعي. وأكد عزمه على محاربة جماعات الضغط والمصالح الخاصة، ومطالبتها بالكشف عن اتصالاتها مع أيّ من العاملين في إدارته أو في الكونغرس، ووضع قيود على أي عطايا أو مساهمات تقدّمها إلى المرشحين لشغل وظائف حكومية. وقال أوباما إنه سيعمل مع الحزبين لتصحيح الوضع الخاطئ الذي سببه القرار الصادر أخيراً عن المحكمة العليا، الذي يتيح للشركات والمصارف تمويل الحملات الانتخابية من دون حد أقصى. وحذّر أوباما الجمهوريين في مجلس الشيوخ من مواصلة تعطيل تمرير المشاريع، قائلاً إن «رفض كل شيء يقدمه الديموقراطيون ربما يخدم مصالح الجمهوريين على المدى القصير، لكنه لا ينمّ عن زعامة حقيقية أو حرص على مصالح الناس»، مشيراً إلى أنه سيخطب هذا الأسبوع أمام الجمهوريين في مجلس النواب، وسيقترح عقد اجتماع شهري مع قيادتي الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس. وفي الربع الأخير من خطابه، تطرق أوباما إلى الحرب ضدّ «القاعدة». وقال إنه جرى خلال العام الماضي قتل المئات من مقاتلي التنظيم أو أسرهم، وكان من بينهم قادة كبار، مشيراً إلى أن إدارته أرسلت تعزيزات عسكرية جديدة إلى أفغانستان ليتسنى لها البدء بالانسحاب اعتباراً من تموز 2011، وتعهد بمكافأة الحكم الرشيد في البلاد.
كذلك جدد الرئيس الأميركي تأكيده على الانسحاب من العراق بطريقة مسؤولة في نهاية آب من هذا العام، ومساندة الحكومة العراقية خلال الانتخابات.
وعن الحد من انتشار الأسلحة النووية، قال الرئيس الأميركي إن بلاده وروسيا تتفاوضان بشأن إبرام أكبر معاهدة من هذا النوع، مشيراً إلى القمة النووية التي تستضيفها الولايات المتحدة في نيسان المقبل بحضور 44 دولة. ودافع عن جهود واشنطن الدبلوماسية في هذا الشأن، مدّعياً أن كوريا الشمالية تواجه عزلة متزايدة مع العقوبات، و«هذا هو السبب في أن المجتمع الدولي أضحى اليوم أكثر توحّداً في مواجهة إيران، التي أصبحت أكثر عزلةً»، محذّراً من أنه «كلما واصل قادة إيران تجاهل التزاماتهم، واجهوا من دون شك المزيد من العواقب». وقال إنه يعمل مع المجتمعات المسلمة.
وفي مسألة الاحتباس الحراري، ادعى أوباما أن واشنطن تحولت من موقع المتفرج إلى موقع الزعامة في الكفاح ضد تغير المناخ.