30 ألف جندي إضافي وبدء الانسحاب عام 2011 و«زمن الشيكات على بياض ولّى»واشنطن ــ محمد سعيد
يواجه الرئيس الأميركي باراك أوباما مهمّة شاقّة في تسويق استراتيجيته الأفغانية ـــــ الباكستانية الجديدة لدى الكونغرس والشعب الأميركي، بعدما أعلن في خطاب وجّهه من أكاديمية ويست بوينت العسكرية قراره بإرسال 30 ألف جندي إضافي بسرعة إلى أفغانستان، مع تحديد تاريخ بدء سحب القوات من هذا البلد في منتصف 2011.
وقال أوباما «قرّرت بصفتي القائد العامّ، إرسال ثلاثين ألف جندي إضافي إلى أفغانستان، لما يمثّله ذلك من مصلحة وطنية حيوية». وأضاف «لم أتّخذ هذا القرار بخفّة، ولو لم أكن واثقاً بأن أمن الولايات المتحدة، وأمن الأميركيين على المحك، لكنت قد أصدرت، بكل سرور، أوامر بعودة كل الجنود اعتباراً من الغد». وقدّر كلفة إرسال التعزيزات بنحو 30 مليار دولار في 2010.
وشدّد أوباما الضغوط على الحلفاء الأطلسيّين. وقال «هذا العبء ليس مترتّباً علينا وحدنا. وبما أنه مجهود دولي، فقد طلبت من حلفائنا مشاركتنا التزامنا بتقديم مساهمات». وشدّد أيضاً على ترابط أفغانستان وباكستان، معتبراً البلدين «مركز التطرف العنيف الذي تخوضه القاعدة». وأوضح أنه «من هناك هوجمنا في 11 أيلول، وهناك يجري الإعداد لاعتداءات جديدة في اللحظة التي أتكلم فيها إليكم». وأضاف «إننا ندرك إدراكاً تامّاً أن نجاحنا في أفغانستان على ارتباط عضوي بشراكتنا مع باكستان، ونحن في أفغانستان لمنع السرطان من الانتشار مرةً جديدة في هذا البلد. لكن السرطان ذاته تجذّر في المنطقة الحدودية في باكستان. لذلك يترتّب علينا اعتماد استراتيجية تعمل من جانبي الحدود».
وكان أوباما أكثر صرامةً في حديثه الذي وجّهه إلى السلطات الأفغانية قائلاً «إن زمن الشيكات على بياض (لأفغانستان) ولّى. سنعرض بوضوح ما ننتظره من أولئك الذين نساعدهم. نتوقع منهم أن يلاحقوا من يثبتوا عدم فاعلية، أو من يشملهم الفساد».
ودعا أوباما أيضاً إلى زيادة الضغوط على القاعدة في كل البلدان التي تحاول فيها هذه الشبكة الإسلامية الاستقرار، وسمّى خصوصاً الصومال واليمن. وقال «يتعيّن علينا مواجهة القاعدة وحلفائها في كل مكان يحاولون الاستقرار فيه، سواء في اليمن أو الصومال، عبر ممارسة ضغوط متزايدة، وإقامة شراكات صلبة».
واستتبعت استراتجية أوباما ردود فعل أميركية راوحت بين الترحيب بالاستراتجية وانتقادها، وخصوصاً لجهة الجدول الزمني الذي أعلنه أوباما وكلفته. وأثنى قائد القوات الأميركية وقوات حلف شمالي الأطلسي في أفغانستان، ستانلي ماكريستال، على الاستراتيجية الجديدة، معتبراً أنها زوّدته «بمهمة عسكرية واضحة، وبالموارد الضرورية لإنجاز عملنا»، قبل أن ينطلق في جولة ميدانية لدعم قواته، والتأكيد على أن زيادة القوات هي «بداية النهاية» لثماني سنوات من الحرب.
في المقابل، أعربت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، عن قلقها من زيادة الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان، فيما قال السناتور الديموقراطي، راسل فاينغولد، «لا أؤيد قرار الرئيس إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان لخوض حرب لم تعد تتعلق بمصالحنا الأمنية القومية».
كذلك قوبل الجدول الزمني لبدء سحب القوات الأميركية من أفغانستان عام 2011 بإدانة من جانب الجمهوريين. وقال النائب هاوارد مكيون، وهو أرفع نائب جمهوري في لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي، «نريد أن يستند نشر القوات إلى الأوضاع والأحوال على الأرض، لا إلى الساعة السياسية في واشنطن». كما انتقد السناتور الجمهوري جون كورنين تحديد أوباما «مهلاً عشوائية للانسحاب».
وفي محاولة لاحتواء ردود فعل الكونغرس الأميركي، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في شهادتها أمام لجنتي القوات المسلحة بمجلس الشيوخ والشؤون الخارجية بمجلس النواب، إن حكومة أوباما تواجه «خيارات صعبة في أفغانستان وباكستان». ورأت أن «خطة الرئيس تقدّم أفضل وسيلة نعرفها لحماية شعبنا اليوم وفي المستقبل».
من جهته، كشف وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، أن طلائع القوات الأميركية الإضافية ستصل إلى أفغانستان خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.
أما في ما يتعلق بحلفاء الولايات المتحدة، فأبدى الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي، أندرس فوغ راسموسن، ترحيبه بقرار أوباما، وحاول حث دول الحلف على زيادة قواتها في أفغانستان. وقال إنه «مع زيادة الأميركيين التزامهم، أنا واثق بأن الحلفاء الآخرين، فضلاً عن شركائنا في المهمة، سيزيدون مساهماتهم كثيراً».
كذلك أعلنت الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي أن الاتحاد على استعداد للعمل «بتعاون وثيق» مع الولايات المتحدة لـ«التصدي للتحديات» في أفغانستان. ودعا رئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون، الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة إلى دعم خطط أوباما.
كذلك أيّدت كل من هولندا وإيطاليا وبولندا الخطة الأميركية. وقالت مسؤولة في وزارة الدفاع البولندية، إن الحكومة «تميل إلى إرسال 600 جندي إضافي»، بانتظار موافقة الرئيس.
أما فرنسا، فأبدت بعض الليونة بقول وزير خارجيتها، برنار كوشنير، «ليس هناك ما يقول إنه لن يترتب علينا مجدداً تعديل» القوة الفرنسية، في إشارة إلى احتمال إرسال مدربين للمساهمة في تدريب الجيش والشرطة الأفغانيين. وكررت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، قولها إن بلادها قد لا تتخذ القرار بهذا الشأن قبل شهرين.