حبيب فوعانييبدو أن موسكو حزمت أمرها أخيراً وأصبحت تراهن على الشراكة مع إسرائيل في علاقاتها الشرق أوسطية، بعدما خيّبت مواقف إيران النووية أملها، كما تؤكد صحيفة «كوميرسانت» الروسية.
يأتي هذا التوجه الروسي في ضوء تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الذي تحدث قبل أيام عن شعور روسيا بخيبة الأمل من موقف طهران المتشدّد وتشاؤمها بشأن التوصل إلى حل وسط بشأن الملف الإيراني، وأيضاً في ضوء عودة الدفء إلى العلاقات بين روسيا وإسرائيل.
وسبق لليبرمان، الذي يزور موسكو منذ يومين، أن أوضح الموقف الروسي الحالي من القضية الإيرانية، بقوله إنه بات أقرب إلى الموقف الأميركي أكثر بكثير مما كان عليه منذ عام 1995. وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي، على هامش لقائه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في أثينا في إطار اجتماع وزراء خارجية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الاثنين الماضي، أن موسكو تماطل في توريد منظومات الدفاع الجوي الصاروخية الروسية «إس ـــــ 300» إلى إيران لهذا السبب.
وكانت موسكو قد مهّدت لزيارة ليبرمان إلى العاصمة الروسية لترؤس الوفد الإسرائيلي في الاجتماع السابع للجنة الحكومية المشتركة الروسية ـــــ الإسرائيلية للتعاون الاقتصادي والتجاري، الذي عقد أول من أمس بعد انقطاع دام ثلاث سنوات، بتشديد موقفها من البرنامج النووي الإيراني. وقال مسؤول روسي «عندما يقال لنا إن جميع الدول يجب أن تتكلم مع إيران بلغة واحدة، فإننا موافقون على ذلك»، مضيفاً أن «روسيا لا تنوي البقاء في عزلة، إذا حصل إجماع بالنسبة إلى إيران».
وفي إطار عودة الدفء إلى العلاقات بين الدولتين، أعلن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، أمس، أنه سيزور إسرائيل في عام 2010. ورأى، خلال لقائه ليبرمان وفي معرض تأكيده لزيارة الدولة العبرية العام المقبل، «أن اسرائيل هي أحد شركائنا ذوي الأولوية القصوى في الشرق الأوسط»، وأن «ما يجمعنا معكم ليس مثل أيّ بلد آخر».
من ناحية أخرى، يبدو أن الكرملين، الذي سعى بتأييد عربي على مدى 3 سنوات لعقد مؤتمر سلام دولي بشأن الشرق الأوسط في موسكو، قد غيّر موقفه أيضاً. وأصبح الجانب الروسي يرى أن عقده المؤتمر سابق لأوانه قبل استئناف المباحثات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية، كما صرّح لافروف، ليتناغم في ذلك مع موقف نظيره الإسرائيلي، الذي استبعد في حديث إلى صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الروسية، إمكان عقد المؤتمر في المستقبل المنظور، متّهماً الجانب الفلسطيني بتجاهل عملية السلام، ومعتبراً أنه « ليس هناك، إزاء الحالة (الجمود في المفاوضات)، ما يمكن بحثه في مؤتمر موسكو».
وتسعى موسكو إلى تنشيط علاقاتها مع تل أبيب، وخصوصاً في مجال الطاقة، إذ تريد روسيا، بعد حصولها على موافقة تركيا على عبور خط الغاز الروسي «السيل الجنوبي» أراضيها، أن يصل خط الأنابيب إلى إسرائيل.
من جهة ثانية، يعوّل الكرملين في موقفه الجديد المتشدّد من طهران أيضاً على إحراز اختراق حقيقي في علاقات التعاون العسكري والتقني مع السعودية، التي لا تزال تراوح مكانها بعد زيارة الرئيس الروسي آنذاك فلاديمير بوتين إليها مطلع عام 2007.
وكشف مصدر في مجمع الصناعات العسكرية الروسية، في أيلول الماضي، عن إنجاز صفقة سعودية كبيرة لشراء أسلحة روسية بقيمة ملياري دولار. ورجّح أن ترتفع قيمة هذه الصفقة إلى 7 مليارات دولار، لتشمل شراء المزيد من الأسلحة بينها 30 مروحية هجومية من طراز «مي ـــــ 35» و120 مروحية للنقل من طراز «مي ـــــ 17» و150 دبابة من طراز «تي ـــــ 90» إضافة إلى منظومة الدفاع الجوي الصاروخية المتطورة «إس ـــــ 400».