واشنطن ــ محمد سعيديتوقع أن يزور مسؤولون رفيعو المستوى من طاقم باراك أوباما للأمن القومي والسياسة الخارجية، كابول وإسلام أباد، للتأكيد لمسؤولي البلدين أن إعلان الرئيس الأميركي موعد بدء الانسحاب من أفغانستان في غضون 18 شهراً، لا يعني أبداً أن الولايات المتحدة تعتزم تركهم لمصيرهم، وخصوصاً مع تزايد التقارير التي تشير إلى ضعف المكانة السياسية للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، الذي لا تزال تهم الفساد تلاحقه، وهو ما يعزز الضغوط التي تمارسها عليه واشنطن للتخلي عن بعض صلاحياته لمصلحة رئيس الوزراء يوسف جيلاني وقيادة الجيش الباكستاني.
وإضافة إلى نقل زرداري مسؤولية الإشراف على الزر النووي إلى جيلاني الأسبوع الماضي، فإن الولايات المتحدة تسعى أيضاً إلى دفع زرداري إلى التخلي عن صلاحيته بحل البرلمان وتعيين كبار القادة العسكريين، وخصوصاً أن العفو الخاص الذي حصل عليه من الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف، بموجب اتفاق عام 2007 قارب على الانتهاء، ما يفتح المجال مجدداً لملاحقته قانونياً من قبل المحكمة العليا بتهم الفساد.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أميركيين قولهم إنهم ومسؤولين أوروبيين قد عملوا على تطوير علاقات مع قيادات باكستانية أخرى، من ضمنها جيلاني، أبرز المستفيدين من أي تغيير في إسلام أباد، كما أن المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك يجري محادثات منتظمة مع زعيم المعارضة الباكستانية نواز شريف، وجنرالات الجيش الباكستاني لضمان عملية دستورية لنقل صلاحيات السلطة في البلاد.
وتحتل باكستان أهمية مركزية في استراتيجية أوباما الخاصة بأفغانستان، وخصوصاً لجهة مواصلة الجيش الباكستاني هجماته على منطقة القبائل الحدودية مع أفغانستان لملاحقة وتصفية مسلحي وأنصار «طالبان» الباكستانية والأفغانية وتنظيم «القاعدة».
وكان مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، جميس جونز، قد نقل رسالة من أوباما الشهر الماضي إلى زرداري دعاه فيها إلى بذل مزيد من الجهود لمحاربة الإرهاب، متعهداً تقديم دعم استخباري أكبر ومبيعات أسلحة وتعزيز التنمية الاقتصادية والتجارة مع باكستان.
من جهة أخرى، ذكر تحليل نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أن قرار أوباما إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان يتناقض مع انتقاده أثناء حملته الانتخابية لقرار سلفه جورج بوش، إرسال المزيد من الجنود إلى العراق. وقالت إن أوباما استوحى من بوش خطوته بإرسال مزيد من الجنود إلى أفغانستان.
ويدّعي محللون أن قرار إرسال تعزيزات إلى العراق نجح لأن القبائل السنية في محافظة الأنبار والمعروفة بـ«الصحوة» حاربت من يسمّونهم المتشددين من تنظيم «القاعدة» والذين هم بمعظمهم من الأجانب، فيما لا يبدو أن هذا الأمر سيتم في أفغانستان على المستوى ذاته الذي حصل في بلاد الرافدين، رغم محاربة بعض الميليشيات المحلية لحركة «طالبان». كما أن معظم «المتشددين» في أفغانستان هم من أبناء البلد وليسوا أجانب.
ويبدو أن الفرق الأكبر بين إرسال بوش للتعزيزات وإرسال أوباما لها، كان في تحديد الأخير لإطار زمني ينتهي عام 2011، فيما لم يحدد بوش أي جدول زمني للانسحاب. ويبدو أن نظرية الإطار الزمني تهدف إلى إفهام الرئيس الأفغاني حميد قرضاي أن للصبر الأميركي حدوداً.
وانتقد الجمهوريون إعلان أوباما الانسحاب، ورأته ميغان ساليفن، وهي أحد مهندسي إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى العراق في عهد بوش، قراراً قاتلاً للاستراتيجية العامة، لافتة إلى أن القيادات الأفغانية والباكستانية قد تراه إعادة لما حصل عام 1989 عندما انسحبت القوات الأميركية بعد هزم الاتحاد السوفياتي في أفغانستان.