مستعدّون لوساطة بين لبنان وإسرائيل• لا أرى سبباً للقلق من عدوان إسرائيلي
• داوود أوغلو إلى إسرائيل قبل غول

أجرى الحوار أرنست خوري
لبّى السيد أرشاد هرمزلي، كبير مستشاري الرئيس التركي عبد الله غول، دعوة من المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق التابع لحزب الله، فوجد نفسه وسط بحر من طلبات المقابلات والأحاديث الإعلامية، بما أنّ تركيا باتت «نجمة الساحة»

وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما الدور التركي بـ«المهم» في حلّ الأزمة النووية الإيرانية. هل القيادة التركية مقتنعة فعلاً بأنّ أهداف البرنامج النووي الإيراني سلمية؟
- ليس من واجبنا أن نحكم على ما إذا كانت المبادرات الإيرانية النووية سلمية أو لا. إيران تقول إنها تطور برنامجها النووي لأغراض سلمية. وإذا كان هذا صحيحاً، فمن حقها تطوير الطاقة النووية. موضوع التحقق من ذلك ليس مسؤوليتنا، بل مسؤولية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تنتمي إليها إيران، ولذلك فقد فتحت باب المحادثات مع الوكالة.

لاحظنا تناقضاً في تصريحات الرئيس عبد الله غول ورئيس حكومتكم رجب طيب أردوغان في الملف الإيراني. من جهة، دافع أردوغان عن إيران نووية، منتقداً سلوك الغرب تجاهها، بينما الرئيس غول جزم بأن تركيا لا تريد أن يكون لها جارة نووية.
- ليس هناك من تناقض، وأود أن أصحح إذا ما أسيء فهم كلام الرئيس أردوغان، الذي كان يقصد أنه إذا كان لإيران مطامح باستخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، فهذا من حقها ولا يجوز أن يمنعها أحد من ذلك، وهذا ما قاله الرئيس غول أيضاً. ولكن موقفنا واضح بأننا نرفض أن تكون هذه المنطقة ساحة صراع نووي، وتحتوي على أسلحة دمار شامل.

عرضت تركيا أخيراً استضافة اليورانيوم الإيراني لتخصيبه تسهيلاً لاقتراح وكالة الطاقة الدولية. لكن طهران رفضت العرض التركي. ماذا يمكنكم أن تفعلوا أكثر في هذا المجال؟
- تركيا لا تفرض شروطها على أحد، لكن نقدم التسهيلات لجارتنا إيران لتفادي الأزمات. فإذا كانت إيران تريد تخزين اليورانيوم المخصَّب في تركيا أو في غير تركيا، أو إذا كانت تريد استبدال يورانيوم مخصَّب من دول أخرى متقدمة في مقابل ترحيل اليورانيوم الموجود لديها، فهذا شأنها، ونحن لا نفعل سوى تقديم التسهيلات. إذا طلب الإيرانيّون أن تتحدث تركيا بالنيابة عنهم مع دول لا تربطهم معها علاقات دبلوماسية، فتركيا أيضاً على استعداد للقيام بذلك. تركيا تقوم بدور الوساطة أو المسهّل في أي مسألة إذا ما طلب منها ذلك ومن جانب الطرفين.

هل تجدون نية حقيقية عند الطرفين الإيراني والغربي في حل هذا الموضوع دبلوماسياً، أم أنّ المفاوضات المتعثرة ومن ثم العقوبات هي السياق الطبيعي لتبرير ضربة عسكرية ضد إيران؟
- مما يبعث على التفاؤل أنّ الأوضاع لم تصل إلى الطريق المسدود. هناك حوار، أكان من خلال مجموعة الـ 5 + 1 أو عبر وكالة الطاقة وعمليات التفتيش التي تجريها بموافقة إيرانية.

إذا شنّت إسرائيل عدواناً جديداً، فسيكون لكل حادث حديث بالنسبة إلى ردّ تركيا
في ظل التوتر الذي لا يزال سائداً العلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية، ولو أن حدّته قد خفتت، هل ينوي الرئيس غول زيارة تل أبيب قريباً لإعادة العلاقات إلى طابعها الاستراتيجي؟
- هناك دعوة من الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إلى السيد غول لزيارة إسرائيل، لكن أرى أن حلحلة جميع المشاكل، والتوصل إلى أسس صحيحة للتفاهم في هذه المنطقة والوصول إلى بداية الطريق لحل أزمات المنطقة أمر مهم. ويجوز أن تسبق زيارة الرئيس إلى إسرائيل، زيارة من وزير الخارجية السيد أحمد داوود أوغلو، لتفتح الطرق أمام تبادل الزيارات على مستويات أرفع.

هل يستطيع السيد داوود أوغلو أن يزور إسرائيل من دون المرور على قطاع غزة، بما أنه سبق له أن ألغى زيارة إلى الأراضي المحتلة بعدما مُنع من التعريج على غزة؟
- الآن نتحدث عن زيارة إسرائيل حصراً.

هل هذا يعني أن هناك زيارة للسيد داوود أوغلو إلى تل أبيب؟
- هناك مباحثات تجري بهذا الشأن، ولكن لا أستطيع الجزم إلى أين وصلت، لأن التفاصيل موجودة عند وزارة الخارجية.

لكن ما تستطيع أن تؤكده هو أن زيارة الرئيس ستسبقها زيارة لوزير خارجيتكم إلى إسرائيل.
- هذا ما أراه.

هل تعدّون تصريح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن فقدان حكومته الثقة بالدور التركي الوسيط المحايد مع سوريا، بمثابة نعي للوساطة التركية؟
- ليس بالضرورة. فالسياسة تدخل عليها متغيرات كثيرة وللحكومة الإسرائيلية أن تغيّر موقفها إذا رأت في ذلك مصلحة لها. لكن تركيا لا تطلب دوراً معيناً في هذا الموضوع، وإذا كانت إسرائيل لا تثق بالدور التركي، فهذا شأنها، ولا نفرض عليها أن نكون وسطاء، لأن الوساطة تتطلب وجود طرفين يثقان بدورنا المحايد. وإذا ما أعادت الحكومة الإسرائيلية حساباتها، وأدركت أنها قطعت شوطاً كبيراً في المفاوضات غير المباشرة، فستعلم أنه من مصلحتها استئناف المفاوضات غير المباشرة من حيث انتهت، وفي ذلك مكسب لهم.

لكن نتنياهو يكرر رغبته في أن تكون المفاوضات مع سوريا مباشرة ومن دونكم.
- إذا وافق السوريون على مفاوضات مباشرة، فمن الطبيعي ألا تبقى هناك حاجة إلى الدور التركي. ولكن ليس الأساسي في هذا الموضوع ما تطلبه إسرائيل فقط، لأن هناك الطرف السوري الذي عليه أن يقرر ما يريد. وحسبما أرى، فإنّ دمشق لا تريد إلّا مفاوضات غير مباشرة.

إلى متى تعتقدون أنكم ستظلون قادرين على المحافظة على دوركم المحايد في منطقة مقسومة عمودياً إلى معسكرين؟ مثلاً في حال حصول عدوان جديد على المنطقة (لبنان أو غزة أو إيران)، ألن تجدوا أنفسكم مضطرين إلى الانخراط مع أحد طرفي الصراع، أم أنكم ستكتفون بالمواقف اللفظية؟
- بالنسية إلى تركيا، إذا شنت إسرائيل عدواناً جديداً، فسيكون لكل حادث حديث. لكن دعنا لا نستبق الأمور، فالمجتمع الدولي قد أدرك أن هذه السياسات الإسرائيلية المبنية على الغزو والعدوان باتت أمراً مرفوضاً، ولذلك لا يتكرر الخطأ مرةً ثانية. لذلك لا أرى سبباً للقلق حالياً من وجود مثل هذا الخطر.

هل من الممكن بعد تحسّن العلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية أن تعرض أنقرة نفسها وسيطاً بين بيروت وتل أبيب؟
- إذا طلب منا الطرفان ذلك، فنحن على أتمّ الاستعداد للقيام بهذا الدور.


يستحيل معرفة أنّ أرشاد هرمزلي تركيّ الهويّة إذا ما اكتفى المستمع بلغته ولهجته العربية. فالرجل ذو الجذور العراقية التركمانية، الذي شغل مناصب دبلوماسية رفيعة المستوى في عدد من الدول العربية طيلة ربع قرن، أكاديمي أيضاً، وسبق له أن ترجم كتباً وموسوعات عن تركيا، من لغة بلاده إلى العربية.