وضع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي خطاً أحمر واضحاً ولاءً جديدة، تتناسب مع مرحلة ما بعد الاتفاق النووي، ولا تلغي ما قبلة. «لا تفاوض مع أميركا»، عبارة ترد على كافة التكهّنات والتقديرات التي تبعت الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة دول «5+1»، وتنفي الادعاءات والتحليلات، التي ترتقب تغييراً في السياسة الداخلية والخارجية الإيرانية بما يتوافق مع السياسة الغربية، فالسبب وراء هذا التأكيد، وفق خامنئي، هو «منع نفوذ أميركا إلى الداخل الإيراني»، والسبيل الوحيد إلى ذلك، هو حظر إجراء المزيد من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة.
«هؤلاء يريدون فتح الطرق لإملاء آرائهم على إيران»، قال خامنئي متحدثا عن الأميركيين، لدى استقباله عدداً من قادة وكوادر القوات البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري»، فأشار إلى أنهم «استغلوا أي فرصة وجدوها في المفاوضات النووية ونفذوا منها».
وأضاف خامنئي «التفاوض مع أميركا ممنوع، بسبب أضراره العديدة وعدم وجود أي نفع منها»، كما أوضح أن «هذا يختلف عن التفاوض مع الدول التي لا تمتلك الإمكانات الأميركية ولا النيات الأميركية».
لكن المرشد الأعلى أكد، في الوقت ذاته، أن «الجانب الإيراني في المفاوضات النووية كان يقظاً، إلا أن الأميركيين وجدوا بعض الفرص وقاموا بفعل شيء يضرّ بمصالحنا الوطنية».
في هذا المجال، أوضح خامنئي أن «سبب المشكلة الحالية التي تواجهها البلاد، هو وجود بعض الأشخاص غير المبالين أو السذج، الذين لا يفهمون هذه الحقائق». وقال إن «هؤلاء الأشخاص هم أقلية قليلة أمام الجماهير الثورية العظيمة والواعية والبصيرة في البلاد، لكن هذه الأقلية هي ناشطة وتكتب وتتكلم وتكرر مواقفها والعدو يساعد هؤلاء».
وأضاف «هناك من يقول لماذا تعارضون التفاوض مع أميركا، ونحن نرى أن الإمام أمير المؤمنين، والإمام الحسين تفاوضا مع الزبير وعمر بن سعد؟»، موضحاً أن «الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسين قد أخطرا الزبير وعمر بن سعد ونصحاهما ولم يكن هناك تفاوض كما يجري اليوم». وبناء عليه، رأى أن «التفاوض اليوم يعني عقد صفقة وأخذ شيء وإعطاء شيء، فهل عقد الإمام أمير المؤمنين أو الإمام الحسين صفقة مع الزبير أو عمر بن سعد؟ هل تفهمون التاريخ بهذا الشكل وتفسرون حياة الأئمة بهذا الشكل؟».
المرشد الأعلى لفت، أيضاً، إلى المخططات الخطيرة التي تعدها القوى الاستكبارية للمنطقة، مؤكداً أن «هذه القوى لا تمتنع عن استخدام الأسلحة الخطيرة جداً والأساليب غير الإنسانية لقتل الأبرياء»، ومضيفاً أن «ادعاءات هؤلاء بشأن الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المواطنة تخالف الحقيقة وهي فارغة وعبثية بالكامل».
ورأى خامنئي الهجوم على مستشفى في أفغانستان، وقتل الشعوب في سوريا والعراق واليمن وفلسطين والبحرين، نماذج لجرائم القوى الاستكبارية وقسوتهم. وقال إن «أكبر خطر يهدّد العالم، اليوم، هو النفاق والرياء وكذب المتشدقين بحقوق الإنسان». ونوّه خامنئي بالدور ومكانة إيران في المنطقة في الوقت الحالي، مؤكداً أن «إيران استطاعت الحؤول دون تنفيذ مخططات ومؤامرات الأعداء في المنطقة، فضلاً عن سد نفوذ العدو في الداخل».
من جهته، أعلن قائد القوة البحرية لـ«الحرس الثوري» الأدميرال علي فدوي، استعداد قواته لتلقين «الشيطان الأكبر» وأيديه قتلة الضيوف والأطفال في المنطقة درساً لن ينسوه. وأشار الأدميرال فدوي، خلال اللقاء مع خامنئي، إلى بطولات «الحرس» إبان «الدفاع المقدس».

إيران استطاعت الحؤول دون تنفيذ مخططات ومؤامرات الأعداء في المنطقة
وأكد فدوي «أننا على أتم الاستعداد»، موضحاً أن «عرض جزء من القدرات القتالية وجاهزية القوات البحرية للحرس الثوري دفعا الأعداء إلى الحديث عن ضرورة تغيير استراتيجيته البحرية، في الوقت الذي يعلمون عنّا ما لا يمكن مقارنته بما لا يعلمون».
كذلك، ردّ رئيس مركز الأبحاث الإستراتيجية لمجمع تشخيص مصلحة النظام علي أكبر ولايتي على التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، وقال إن «إيران مستقلة ومقتدرة ولا تحتاج أبداً إلى المساعدة الأميركية».
ولدى استقباله وفد المجلس الأعلى للثورة اليمنية، أشار ولايتي إلى التصريحات الأخيرة لكيري التي قال فيها إن «بلاده ستساعد إيران إذا توقف شعار الموت لأميركا في هذا البلد». وقال ولايتي «لم يطلب أحد من جون كيري والمسؤولين الأميركيين الآخرين التعاون»، مضيفاً أن «التفاوض مع أميركا ممنوع، إلا في حالات استثنائية كالملف النووي».
وأكد رئيس مركز الأبحاث الإستراتيجية أن «شعبنا يمتلك البصيرة ويعلم جيداً أن الأميركيين لا يرحمون حتى حلفاءهم، والمثال على ذلك هما سوريا واليمن اللذين كانت لديهما أكبر العلاقات مع أميركا في الماضي»، كما أكد أن «أميركا تعرف في كل مناطق العالم كرائدة للظلم ضد المظلومين ولذلك يجب ألا نحاور الظالم».
في سياق آخر، أعلن مساعد وزير الخارجية في الشؤون القنصلية والبرلمانية حسن قشقاوي أن «مصير 70 حاجاً إيرانياً لا يزال مجهولاً ولا يمكن التأكد من أنهم علی قيد الحياة أو قضوا في کارثة منی». وأوضح قشقاوي أن «هولاء لا يزالون في عداد المفقودين، ولم نعثر علی جثامينهم کما أنهم لم يرجعوا إلی قوافلهم»، مضيفاً أن «ما يقال بشأن اعتقالهم أو وجودهم في المستشفيات يأتي ضمن الاحتمالات وليس مؤکداً».
وأضاف قشقاوي أن إيران «لديها ثلاثة مطالب رئيسية من السعودية، الأول هو إعادة جثامين جميع الحجاج الذين قضوا في کارثة منی، والثاني عدم دفن الحجاج الإيرانيين في السعودية إلا بموافقة ذويهم، والثالث ضرورة التعاون مع المسؤولين الإيرانيين المعنيين بشؤون الحج لتحديد هوية ومصير المفقودين».
(الأخبار)