أدلى الناخبون التشيليون، أمس، بأصواتهم في صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للجمهورية، خلفاً للاشتراكية ميشيل باشليه، وأعضاء مجلس النواب، إضافة إلى نصف أعضاء مجلس الشيوخ
بول الأشقر
ماذا يحدث في تشيلي؟ كيف من الممكن أن تحلّق شعبية الرئيسة الاشتراكية ميشيل باشليه فوق 80 في المئة بسبب أدائها خلال الأزمة الاقتصادية العالمية، في البلد الذي يعدّ اقتصاده الأكثر حداثة من دول أميركا اللاتينية، وفي الوقت نفسه أن يكون فوز المرشح اليميني سباستيان بينييرا، الذي يعتمد على القاعدة الانتخابية وعلى الشخصيات التي أيّدت حكم الجنرال بينوشيه وارداً؟
الجواب مزدوج: أولاً، ليس ما هو مطروح عودة بينوشيه، وشخصية المليونير بينييرا الناشطة و«المحدثة» تسمح له بأن يجسد التغيير. أي تغيير؟ التغيير الذي يلي عهود «التوافق» (ائتلاف معتدلي اليمين ـــــ الديموقراطيّين المسيحيين ـــــ ومعتدلي اليسار ـــــ الاشتراكيين) الذي يبدو أنه استنفد دوره التاريخي، كما يدل تعدد الترشيحات الآتية من رحمه والأرقام المتواضعة التي يحصل عليها مرشحه الرسمي، الرئيس السابق الديموقراطي ـــــ المسيحي، إدواردو فريه.
ترجيح دورة رئاسية ثانية بعد شهر يتقدمها مرشح اليمين بينييرا
صورة المعركة الرئيسية شبه واضحة: ستجرى دورة ثانية بعد شهر، وسيذهب إليها كل من مرشح اليمين بينييرا ليواجه أفضل منافسيه بين ثلاثة سيتقاسمون الأصوات اليسارية، بدءاً بخورخي أراتي، السفير الاشتراكي الذي تبناه الشيوعيون، والذي قد يحقق لعرابيه أفضل نتيجة في انتخابات رئاسية منذ عودة الديموقراطية. إلا أن المعركة الحقيقية في صفوف القاعدة اليسارية تجرى بين إدواردو فريه والمرشح المستقل ماركو إنريكيز أومينامي، المنشق عن الحزب الاشتراكي والذي نافس فريه من الندّ للندّ في بداية الحملة، قبل أن يتراجع رصيده. ويراه الكثيرون مؤهّلاً أكثر من فريه لمقارعة بينييرا في الدورة الثانية.
ويتفق المحللون على أن التشكيلات المعارضة للإرث «البينوشي» لا تزال أكثرية في البلد. وقد تنجح في هزم اليمين في الدورة الثانية إذا عرفت كيف توحّد صفوفها أمام خطر عودة «رجال بينوشيه»، وذلك بالرغم من القصف العشوائي الذي مارسه المرشحون بعضهم بحق بعض.
أما انتخابات البرلمان، فنتائجها المتوقعة أكثر ضبابية بسبب نظام انتخابي يؤمّن هيمنة أكبر ائتلافين على حساب التجمعات الأخرى. مع أن عودة الحزب الشيوعي إلى البرلمان للمرة الأولى منذ عام 1973صارت أكيدة بسبب تشكيله لوائح مشتركة مع «التوافق» في دوائر حساسة.
وعلى الصعيد الإجمالي، ليس مفهوماً حتى اللحظة من المستفيد ومن المتضرر، وهناك احتمال حقيقي بأن يستعيد اليمين الرئاسة من دون أن يستعيد الأكثرية البرلمانية، ما قد يحدث اصطفافات جديدة على ساحة سياسية تحكمت بها حتى الآن مفاعيل ما بعد «البينوشيتية».