ربى أبو عمو العودة إلى عام 2004 تعكس بصورة أوضح شكل النزاع بين هذين الرجلين؛ انتصر باغابش المعارض في حينها على رئيس الحكومة المدعوم من روسيا، خاجيمبا في انتخابات رئاسة الإقليم. لم يكن أمام الأخير سوى الطعن بالنتيجة قبل التوصل الى تسوية بين الرجلين قضت بالمشاركة في الحكم، وتولي خاجيمبا منصب نائب الرئيس. منصب بقي يشغله حتى أيار الماضي، حين أعلن استقالته ليدخل في إطار المعارضة.
نتائج الانتخابات لم ترض، بطبيعة الحال، تبليسي التي وصفتها بأنها «مهزلة» تحرّكها موسكو التي تنشر آلاف العسكريين في الجمهورية المستقلة حديثاً، فيما اشتكت المعارضة الأبخازية من مخالفات في العملية الانتخابية. أما روسيا، بعكس دورة الانتخابات السابقة في عام 2004، فقد بدت راضية عن النتائج. ورغم التقاء غالبية المحللين السياسيين على عدم دعم موسكو أياً من المرشحين، إلا أن كم الاتفاقيات التي عقدتها مع أبخازيا خلال ولاية باغابش، كان يشير بصورة ما إلى حتمية فوزه، مصحوباً بدعم روسي.
اتفاقات جاءت نتيجة منطقية لحرب الايام الخمسة مع جورجيا، التي أتاحت لروسيا فرصة الاستحواذ على اقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، اللذين يعدّان عمقاً استراتيجياً في منطقة القوقاز. بالتالي، فإن التفريط بهما أمر غير وارد. ويمكن روسيا أن تضمن استمراريتها في هذين الاقليمين من خلال تكريس وجودها الاقتصادي والعسكري والسياسي.
في هذا الإطار، جاءت زيارة رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين في 12 آب الماضي إلى سوخومي، حيث وعد قادتها بدعم اقتصادي وعسكري واجتماعي وسياسي. بعدها، وافق البرلمان الأبخازي على إنشاء قاعدة عسكرية روسية في سوخومي. وفي 15 أيلول الماضي، وقعت روسيا اتفاقيات تعاون عسكري، يمنحها حق بناء المنشآت العسكرية في أبخازيا، إضافة إلى تحسين البنى التحتية والقواعد العسكرية. هذا عدا عن اتفاقية 30 نيسان، التي عهدت خلالها أبخازيا إلى روسيا بحماية حدودها مع جورجيا. وفي 14 أيار، أعلن باغابش أنه يدرس تسليم روسيا إدارة مطار سوخوم، وتحديث سكك الحديد خلال السنوات العشر المقبلة.
معطيات تؤكّد نجاح روسيا في إخضاع أبخازيا لسيطرتها الكاملة، مستفيدة من عجز الأخيرة الكامل عن النهوض بدولتها من دون مساعدة موسكو. هذا التعاون بين البلدين وصل إلى ذروته خلال رئاسة باغابش، رغم اتهامه بالميل إلى جورجيا على حساب تحقيق الاستقلال والاستقلالية لبلاده، ما يشير إلى عدم وجود أي تأثير للرئيس المنتخب لأن موسكو أحكمت سيطرتها على سوخومي. هذا ما يؤكده المحلل في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، أوي هالباش، الذي يقول إن «العلاقة مع موسكو ستبقى وثيقة في ظل أي رئيس. إنه بلد صغير، يعتمد اقتصاده وسياسته الأمنية على روسيا».
وعلى هذا الأساس، فإن الانتخابات الرئاسية في أبخازيا لم تكن سوى إطار شكلي للاستقلال، يستهدف أساساً تكريس نفوذ روسيا على حساب جورجيا والولايات المتحدة.