استضافت العاصمة السورية، دمشق، في اليومين الماضيين، مناسبة مهمة في إطار تعميق العلاقات العربية ــ التركية من خلال الاجتماع الوزاري الثاني للمنتدى العربي ــ التركيثبّت المشاركون في المنتدى العربي ـــــ التركي، في دمشق أمس، اتفاقهم حول الملفات الرئيسية؛ من جهة، جددت القيادة السورية إصرارها على إيلاء أنقرة دور الوسيط في أي مفاوضات مقبلة مع إسرائيل، بينما طمأن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إلى أن علاقات تركيا مع الدول العربية «ليست بديلة من علاقتها مع أي طرف غير عربي (في إشارة إلى إسرائيل) بل تكاملية وتعاونية». أخيراً، بلور المجتمعون موقفاً موحداً حول «رؤية مشتركة لتحقيق الأمن في المنطقة، والتوصل إلى حل عادل وشامل للنزاع العربي ـــــ الإسرائيلي على المسارات الثلاثة: الفلسطيني والسوري واللبناني وفق قرارات مجلس الأمن ومبدأ الأرض مقابل السلام ومرجعية مؤتمر مدريد ومبادرة السلام العربية».
وحضر المنتدى ممثلون عن قطر وليبيا والسودان والصومال والعراق وسوريا وتركيا والجامعة العربية، وغاب باقي العرب وأبرزهم مصر والسعودية. وقبل صدور بيان ختامي اختصر مواقف الأطراف المشاركة في الاجتماع، الثاني من نوعه، إزاء مختلف قضايا المنطقة، وصف وزير الخارجية السوري وليد المعلم مشاركة العراق في المنتدى بأنها «أمر طبيعي»، لأن العلاقات الدبلوماسية السورية ـــــ العراقية لا تزال قائمة، نافياً أن يكون قد جرى بحث توتر العلاقات بين البلدين أو أي مواضيع ذات صبغة «ثنائية». وأوضح أن «العراق لم يستطع أن يقدم أي دليل على اتهاماته لسوريا بالتورط في التفجيرات التي شهدتها بغداد». ورداً على سؤال بشأن إمكان إقامة منتدى عربي ـــــ إيراني مماثل مستقبلاً، أجاب المعلم بأن هذا الأمر «يطرح في إطار جامعة الدول العربية، فهناك مجالس مماثلة مع الصين واليابان والهند، إضافة إلى التعاون مع أميركا اللاتينية وأفريقيا». وجدد تمسك بلاده بدور تركيا كوسيط في المفاوضات غير المباشرة مع الدولة العبرية، رغم تشديده على أن دمشق «لا تجد حالياً شريكاً إسرائيلياً».
وأحال المنتدى، الذي سيعقد أعمال نسخته الثالثة في اسطنبول في حزيران المقبل، اقتراحاً للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لتفعيل العلاقات العربية ـــــ التركية، إلى المجلس الوزاري العربي الذي سيعقد في آذار المقبل في القاهرة.
أما داوود أوغلو، فقد تركّزت إجاباته على الطابع الاقتصادي مع كل الدول العربية، لافتاً إلى أن أنقرة على أتمّ الاستعداد للقيام بدور إيجابي لحل المشاكل وإزالة الصعوبات في ما يخصّ إقليم دارفور. أما موسى فقد رأى أن الدور التركي «مهم» لأنه «دور إقليمي أساسه التعاون مع الجامعة العربية والإصرار العربي على السلام العادل والشامل وفق قواعد القانون الدولي ومتطلبات الاستقرار والسلام». وفي بيانهم الختامي، أصرّ المشاركون على أن استئناف المفاوضات العربية ـــــ الإسرائيلية يتطلب التزام تل أبيب بـ«وقف كل الأنشطة الاستيطانية وإزالة الحواجز والقيود والانسحاب إلى خطوط 28 أيلول عام 2000 في الضفة الغربية والإفراج عن الأسرى والمحتجزين العرب والفلسطينيين ورفع الحصار عن قطاع غزة»، مشددين على ضرورة «تحقيق المصالحة الفلسطينية، ومجددين دعمهم لجهود مصر في هذا الإطار.
ورحب المنتدى بتأليف «حكومة وحدة وطنية في لبنان»، ودعم مسار برشلونة ـــــ الاتحاد من أجل المتوسط، معرباً عن تأييده للجهود التي تبذلها قطر في الشأن السوداني.
(أ ف ب، يو بي آي)