«غيتمو الشمال» لا يرضي أحداً ... وينعش اقتصاد ألينوي ديما شريف
ثمانية أشهر هي المدة التي قد تفصل سجناء «غوانتانامو» الحاليين عن الانتقال إلى الأراضي الأميركية. ثمانية أشهر هي مدة إعداد «مركز تومسون الإصلاحي» في ولاية ألينوي لاستقبال ساكنيه الجدد «الخطيرين». هذا ما أعلنه البيت الأبيض بداية الأسبوع الحالي ليقطع الشك باليقين بشأن إغلاق غوانتانامو نهائياً، لكن بعد سنة من الموعد المحدد سابقاً؛ فقد توقّع أحد مسؤولي البيت الأبيض ألا يُغلَق المعتقل السيّئ الذكر نهائياً قبل كانون الثاني 2011.
وبرّرت الإدارة هذا الخيار بأنّه يقطع الطريق على «القاعدة» في البروباغندا الخاصة بها التي تهاجم معتقل غوانتانامو طيلة الوقت. وأوضح مستشار الأمن القومي جايمس جونز أنّ هذه الخطوة «تسلب المنظمات الإرهابية حول العالم ما يمثله غوانتانامو من أداة ترويجية لقدرتها على التجنيد».
ويقع السجن الجديد في ولاية الرئيس الأميركي، وتحديداً في بلدة تومسون، التي لا يتخطى عدد سكانها الـ550 شخصاً. بلدة رحب سكانها وسكان المدن القريبة منها بالخطة لكونها ستؤدي إلى خلق 3000 وظيفة تحتاج إليها المنطقة، التي تعاني نسبة بطالة مرتفعة وصلت في تشرين أول الماضي إلى 11 في المئة. ورأى نائب الولاية الديموقراطي ديك دوربين أنّ هذه الخطوة ستكون مساعداً كبيراً على خفض نسبة البطالة، وتجديد اقتصاد المنطقة.
واختار البيت الأبيض هذا السجن لأنّه كبير، إذ تصل سعته إلى 1600 نزيل ولا يُستعمل حالياً إلا لحبس عدد قليل من السجناء القليلي الخطورة (200 شخص) رغم كونه يتمتع بحماية عالية جداً. وبنت الولاية السجن في 2001 بكلفة بلغت 128 مليون دولار أميركي، لكنّها لم تستطع توفير المبلغ الكافي لإدارته. وتبلغ مساحة الأرض التي بُني عليها السجن نحو 146 هكتاراً، يحيط به سياج كهربائي مزدوج وشبكة كبيرة من الكاميرات العالية الجودة إلى جانب أبراج مراقبة داخلية وخارجية. ويتوقع أن تزداد أنظمة الحماية، بعد أن تتسلّمه وزارة الدفاع إلى جانب إضافة قاعة محكمة داخله.
ويتوقع أن يُنقل سبعون سجيناً على الأقل إلى «غيتمو الشمال»، كما أصبح اسم السجن الجديد، تيمّناً بغوانتانامو. وأوضح أحد المسؤولين أنّ إدارة أوباما نقلت حتى الآن 30 سجيناً خارج غوانتانامو، وجرت الموافقة على ترحيل 65 من الـ210 الباقين إلى سجون في دولهم، واتفق مع دول أخرى على استقبال 25 إلى 30 شخصاً. كما يبقى 15 شخصاً لم يجرِ الاتفاق مع أي بلد على استقبالهم. أمّا السبعون الذين من المؤكد نقلهم إلى تومسون، فمنهم 40 سيُحاكمون، فيما سيبقى 30 مسجوناً من دون أمل بخضوعهم لمحاكمة.
هذا الأمر دفع ناشطين في مجال حقوق الإنسان إلى اعتبار أنّ أوباما يغيّر عنوان غوانتانامو فقط من دون تغيير المبادئ التي قام عليها السجن، وأنّ «تومسون» سيصبح «غولاغ» لبعض السجناء. في المقابل، يتخوف آخرون، وخصوصاً من الجانب الجمهوري، من أن يؤدي نقل «الإرهابيين» إلى الأراضي الأميركية إلى منحهم حقوقاً لا يستأهلونها، كما قالت ابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني، ليز. وهذا فعلاً ما يطمح إليه محامو بعض المسجونين المتوقّع نقلهم. إذ أوضح المحامي دايفيد رايمز، الذي يدافع عن 20 من معتقلي «غيتمو»، أنّه سيستطيع استغلال عدد كبير من المواد الدستورية لمصلحة موكّليه بعد انتقالهم إلى أميركا. لكنّه لا يوافق على قرار النقل لأنّه لا يغير في طبيعة الاعتقال، ولن يمنح الحرية لموكليه.
وكان ديك تشيني قد رأى أنّ نقل السجناء إلى الأراضي الأميركية سيعرّض المنطقة التي يكونون فيها لخطر إرهابي وللاعتداءات، وسيمنح «أعداء الولايات المتحدة موطئ قدم داخلها للتخطيط ضدها». ولهذا السبب، يعتزم عدد من الحقوقيين في اليمين رفع دعاوى على الإدارة لمنعها من نقل السجناء إلى أميركا.
لكن قبل البدء بتجهيز السجن، يجب على الإدارة أن تحصل على موافقة الكونغرس، وهنا تكمن المشكلة؛ فقد أعرب ممثلان عن الحزب الديموقراطي في مجلس الشيوخ عن اعتراضهما على الخطوة، وأعلنا صراحةً تحفّظهما. لكن في المقابل رحب السيناتور الجمهوري جون ماكاين وزميل له بالموضوع.
لهذه الأسباب يعتزم البيت الأبيض طرح القضية من خلال موازنة العام المقبل كزيادة في النفقات، كي يستطيع إمرارها عوضاً عن طرحها وحدها، ذلك أن الحكومة الفدرالية ستشتري السجن من ولاية ألينوي كي تنقل السجناء إليه. وما يريح الإدارة أكثر هو أنّ قانون الولاية يسمح لها بالبيع من دون سن قانون لذلك، لكنّها ستنتظر رأي لجنة استشارية اختيارية ستُعقد في 22 الشهر الحالي لتقويم عملية البيع، ومن المتوقع أن توافق عليه. ولم يعرف حتى الآن المبلغ الذي ستطلبه الولاية ثمناً للسجن.