واشنطن ـ محمد سعيد كشفت صحيفة «غارديان» البريطانية أن أجهزة أمن السلطة الفلسطينية تتعاون مع رجال وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في تعذيب معتقلي حركة «حماس» وأنصارها في سجون السلطة في الضفة الغربية المحتلة. وأوضحت الصحيفة أن أجهزة الأمن الفلسطينية تستخدم معهم وسائل تعذيب قاسية في جلسات التحقيق، من بينها الضرب المبرح والتقييد في أوضاع مؤلمة لأوقات طويلة والحرمان من النوم وحشر أعداد كبيرة من السجناء في زنازين ضيقة، ويجري ذلك بإشراف رجال الـ«سي آي إيه»، بالرغم من المرسوم الرئاسي الذي كان قد أصدره الرئيس الأميركي باراك أوباما قبل أقل من عام والذي يحظر فيه التعذيب.

وقالت الصحيفة إن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تشرف مباشرة على عمل جهازي الأمن الوقائي والاستخبارات العامة، وهو ما ينفيه الجانبان الأميركي والفلسطيني.

ولفتت الصحيفة في تقريرها إلى أن عدداً من المنظمات التي تنشط في مجال حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وثّقت أساليب وممارسات التعذيب المستمرة التي تقوم بها أجهزة أمن السلطة ضد معتقلي «حماس» الذين لم يقدّم أي منهم إلى المحاكمة. وأوضحت الصحيفة أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية كانت على علم بحالات التعذيب، غير أنها لم تحرّك ساكناً لإيقافها.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن العلاقة بين الـ«سي آي إيه» وجهازي الأمن الوقائي والاستخبارات العامة وثيقة جداً. وقال دبلوماسي غربي كبير إن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تعدّ «هذين الجهازين ملكاً لها، وهما ذراع متقدمة لها في الحرب على الإرهاب».

ومن بين منظمات حقوق الإنسان التي وثّقت أو اشتكت من سوء معاملة المعتقلين الذين تحتجزهم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، منظمة العفو الدولية، هيومان رايتس ووتش، مؤسسة الحق ومنظمة بتسيلم الإسرائيلية. كذلك فإن لجنة حقوق الإنسان التابعة للسلطة الفلسطينية أعربت بدورها عن «قلقها العميق» إزاء سوء معاملة المحتجزين.

ومن بين أساليب التعذيب الأكثر شيوعاً تعريض المعتقلين للضرب المبرح واستخدام أسلوب التعليق المعروف باسم الشبح، حيث يُقيّد المعتقلون ويُجبرون على اتخاذ أوضاع مؤلمة لفترات طويلة، إضافة إلى الحرمان من النوم، وحشر أعداد كبيرة منهم في زنزانات صغيرة لمنعهم من الراحة. وبدلاً من أن يمثل المعتقلون أمام المحاكم المدنية يُخضعون لنظام القضاء العسكري، ما يحول دون تقديمهم إلى المحاكمة لمدة ستة أشهر.

ووفقاً لمسؤولين في السلطة الفلسطينية، فإن عدد المعتقلين من أنصار حركة «حماس» في معتقلات الأمن الوقائي والاستخبارات العامة يصل إلى ما بين 400 و500 معتقل.

وفي سياقٍ متصل، أدانت جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الأنباء التي تحدثت عن مشاركة وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» بتعذيب معتقلي حركة «حماس» في سجون السلطة الفلسطينية.

وفي بيانين منفصلين للجماعة والحزب نشرا على موقعهما الإلكترونيين، رأى مسؤول الملف الفلسطيني في الجماعة كاظم عياش أن تعاون جهات فلسطينية مع «جهات خارجية معادية» ضد مقاومين أمر مستهجن، لافتاً إلى أن هذا السلوك «مرفوض من كل وطني فلسطيني شريف».

وشدد على أن هذا التعاون مع أميركا ومن قبله مع «العدو الصهيوني» هو بمثابة «خنجر في خاصرة الشعب الفلسطيني عامة»، لأنه «يستهدف المقاومة الخيار المجمع عليه من كل الفلسطينين».

بدوره، رأى مسؤول الملف الفلسطيني في الحزب حسان الذنيبات أنه «من غير المستغرب على أميركا وإدارتها مثل هذا الصنيع الذي يضرب بحقوق الإنسان عرض الحائط»، مشيراً إلى السجل الأميركي «الأسود» في مجال انتهاك حقوق الإنسان في العراق وأفغانستان وغيرهما من الأماكن».