شهيرة سلّوميعيش أكثر من 181 ألف أوسترالي من أصول لبنانية في أوستراليا، التي كانت مقصداً لموجة الهجرة اللبنانية منذ عام 1870. بعضهم وصل إلى مراكز مرموقة وتمكّن من الاندماج، والبعض الآخر شعر بالتمييز والعنصرية، فردّ على رفضه بالفوضى. وكان للجهاز الإعلامي دور أساسي في إثارة الحساسيات والتحريض بين السكان المحليين والمهاجرين. مقدم البرامج في راديو «2 جي بي» آلان جونز يُمثل نموذجاً لهذه الحالة.
فقد أمرت محكمة أوسترالية، أمس، آلان جونز بأن يدفع مبلغ 10 آلاف دولار كتعويض واعتذار علني بسبب إهانته للمسلمين اللبنانيين، إثر دعوى تقدّم بها الأوسترالي المسلم قيصر طراد، الذي ينتمي إلى أصول لبنانية، متّهماً جونز و «جي بي 2» بالتشهير العنصري.
وشدد الحكم على أن عدداً من التعليقات التي أدلى بها جونز تدلّ على أنه لم يكن منطقياً أو حسن النية. ورأى الادعاء أن جونز، مستدلاً بتعليقاته خلال أحداث كرونولا 2005، قال إن الشباب اللبناني يكره أوستراليا، ويغتصب البلاد ويسلبها وينهبها ويقوّض ثقافتها.
وأحداث كرونولا كانت عبارة عن مواجهات غوغاء وأعمال شغب قام بها أشخاص غير محليّين، عُرّفوا بأنهم شباب شرق أوسطيين من ضواحي سيدني الجنوبية الغربية. وقام هؤلاء بأعمال الشغب في كرونولا وضواحيها قبل أن تمتد إلى مناطق متفرقة في ضواحي سيدني، وذلك لدوافع عنصرية.
وكانت هيئة مراقبة البث الأوسترالي قد رأت في نيسان 2007 أن «2 جي بي» ومقدّمها آلان جونز قد خرقا قواعد مدوّنة العمل الإذاعي، وذلك من خلال ما جرى بثه عن أعمال الشغب في كرونولا. وأشارت إلى أن المواد والتعليقات التي بُثت شجعت على العنف والوحشية عبر الحط من قدر الأشخاص اللبنانيين، وذوي الأصول الشرق أوسطية على أساس عرقي. ووصف جونز حينها الذين نفّذوا أعمال تهديد وشغب على شاطئ كرونولا بأنهم «حثالة شرق أوسطيين». وقرأ رسالة لمستمع على الهواء مباشرةً تقول «اقتراحي أن ندعو إحدى عصابات الدراجات النارية كي تحضر بأعداد كبيرة من أعضائها إلى الطريق الرئيسي لكرونولا، حيث هؤلاء البلطجية اللبنانيّون، يستحق الأمر أن نرى هؤلاء الجبناء يهرعون إلى القطار كي يلحقوا برحلتهم إلى عرينهم».
من جهة ثانية، رأت المحكمة أن جونز استغل محاضرة للشيخ اللبناني فايز محمد (34 عاماً) في بانكستاون للقول إن الشيخ برّر اغتصاب الرجال المسلمين للنساء غير المسلمات، وبالتالي التحريض على المسلمين. وكان الشيخ اللبناني المولود في سيدني، وهو ملاكم سابق يدرس في مركز «غلوبال إسلاميك يوث» في ليفربول، قد قال أمام أكثر من 1000 شخص خلال محاضرة في بانكستاون في آذار الماضي إن «النساء اللواتي يتعرّضن للاغتصاب يتحمّلن المسؤولية لأنهن أثرن شهوة الرجال من خلال الثياب غير المحتشمة». ومضى الشيخ يقول إن هناك «ضحية جريمة اغتصاب تقع في كل دقيقة في مكان ما في العالم، لماذا؟ لا أحد يُلام غيرهن». وتابع «فهي تعرض جمالها للعالم بأسره»، مشيراً إلى أن النساء يظهرن بـ«حمّالة، عارية الذراعين، بلا أكمام، لا شيء سوى تنانير شيطانية وقصيرة ومشقوقة، وقميص شفاف، وسروال ضيق، كل هذا لإثارة الرجل ونداء طبيعته الشهوانية». وشبّه المرأة التي ترتدي نوعاً كهذا من الملابس بالنعجة وتساءل «هل تضع نعجة تحبّها وسط ذئاب جائعة؟ لا .. ستُلتهَم. الوضع نفسه هنا. أنت تضع هذه الفتاة الغالية أمام عيون شهوانية وشيطانية لذئاب جائعة. ما ستكون عواقبه؟ دمار كارثي وتحرّش جنسي وانحراف وانحلال». إلا أن الشيخ فايز عاد واعتذر عن تصريحاته، بعد الانتقادات الواسعة التي تعرّض لها، ولا سيما من جانب المسلمين في أوستراليا. وقال إنه أُسيء فهمه ولم يعنِ قطّ أن يكون الأمر على الشكل الذي فُهم به. لكنه لم يُبرّئ المرأة التي تتعرض للاغتصاب من كامل المسؤولية «فهن يتحمّلن جزءاً منها».