إذا كان الاقتصاد يدفع باتجاه تطبيع العلاقات الصينية ـــ التايوانية، فإن للموضوع العسكري تأثيره السلبي في المقابل. ولا يستثني هذا التأثير بالنسبة إلى الصين من يزوّد تايوان بالأسلحة، بما في ذلك الولايات المتحدة
جمانة فرحات
هل يعود التوتر إلى العلاقات الصينية ـــــ الأميركية من البوابة التايوانية. احتمال بات يطرح بعد الكشف عن استعداد الإدارة الأميركية لبيع مجموعة من الأسلحة لتايوان، ومسارعة الصين إلى التحذير من الانعكاسات السلبية للصفقة على العلاقات بينها وبين تايوان من جهة، والولايات المتحدة من جهةٍ ثانية.
ونقلت تقارير صحافية عن مصادر في الحكومة التايوانية قولها إن حزمة المبيعات لن تتضمن طائرات «أف 16»، في صفقة يبدو أنه تم الإعداد لها بسرية قبل فترة من زيارة الرئيس باراك أوباما إلى بكين قبل مدة وجيزة.
كذلك أشارت المصادر إلى أن الإدارة الأميركية كانت واضحة منذ البداية في عدم رغبتها في استفزاز الصين، وأبلغت التايوانيين بأن الصفقة لن تتم إلا بعد زيارة أوباما للصين، مرجّحة أن يصدّق الكونغرس عليها خلال الشهر الجاري.
واستدعى الإعلان عن الصفقة تحذيراً صينياً سريعاً، وخصوصاً مع ترجيح أن تتضمن حزمة المبيعات العسكرية أسلحة متطورة. وتشمل طائرات هليكوبتر من طراز بلاك هوك، وصواريخ باتريوت إضافية لدفاعات الجزيرة ونظم تحكم ومساعدة في بناء غواصات جديدة، مع ما يمثله ذلك من تحدّ للقوات البحرية الصينية.
الصفقة لن تتضمن طائرات «أف 16» التي تعدّ بمثابة خطّ أحمر للصين
ودعت وزارة الخارجية الصينية الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لدعم التنمية السلمية للعلاقات عبر المضيق، والحفاظ على الوضع الشامل بين الصين والولايات المتحدة.
ولمّحت إلى التأثير السلبي المتوقع للصفقة على العلاقات الأميركية ـــــ الصينية بقولها «إن عدم بيع أسلحة لتايوان سوف يحافظ على التنمية السليمة للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة، فضلاً عن العلاقات عبر المضيق».
تحذير له ما يبرره من وجهة نظر بكين، التي تعتقد أن مبيعات الأسلحة لتايبيه تمثل شكلاً من أشكال التدخل في شؤونها الداخلية. وتنظر الصين لتايوان على أنها إقليم منشقّ ولا بد من إعادته إلى الحظيرة، وذلك على الرغم من الانفتاح الذي بدأت تشهده العلاقات مع انتخاب الرئيس التايواني ما يينغ جيو في عام 2008.
والانفتاح الذي اتخذ طابعاً اقتصادياً بالدرجة الأولى، ويستكمل عبر المحادثات المشتركة الرفيعة المستوى التي انطلقت قبل ثلاثة أيام، لم يمنع الجزيرة من تقديم طلب للولايات المتحدة للحصول على أسلحة. وبررت تايوان طلبها بالحاجة الى حماية نفسها في أعقاب الارتفاع الحاد في الإنفاق العسكري في الصين.
ويُخشى من أن تنعكس الصفقة ضرراً في العلاقات بين واشنطن وبكين، وخصوصاً أن مشكلة تايوان لطالما كانت حجر عثرة في طريق تطور العلاقات بين البلدين.
ففي عام 2008، عندما اختارت الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق جورج بوش السماح ببيع أسلحة لتايوان، انطلاقاً من ارتباطها بما يعرف بقانون «العلاقات مع تايوان»، جاء الرد الصيني قاسياً. وتمثل منعاً لحاملة الطائرات «كيتي هوك»، وغيرها من السفن من دخول ميناء هونغ كونغ، وتوقفاً في العلاقات على المستوى العسكري لم تستأنف إلا في حزيران الماضي.
في المقابل، يقلل بعض الخبراء من أهمية الرد الصيني. وتوقع الخبير في مركز الأمن الأميركي الجديد، ابي دنمارك، أن «الصين ستسجل شكواها من الصفقة، ثم تمضي قدماً».
إلا ان اللافت في الصفقة توقيتها الذي يأتي بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها أوباما إلى بكين، والتي قيل إنها لم تستطع أن تضخ دفئاً متزايداً في وتيرة التعاون بين البلدين. كما تتزامن مع ما يبدو أنه لعب صيني في الفناء الخلفي للولايات المتحدة، وتحديداً في البرازيل.
وتعليقاً على الموضوع، رأى مدير برنامج الصين في معهد الحوار الأميركي، دان اريكسون، أن بكين التي «تسعى جاهدة لخلق عالم متعدد الأقطاب، والذي يقلل ضمناً من الحصة النسبية لقوة الولايات المتحدة، تسعى الى تعزيز التعاون مع البرازيل كجزء من جدول الأعمال هذا».