واشنطن ـ محمد سعيدخاص بالموقع - فتحت الولايات المتحدة جبهة حرب ثالثة في اليمن، بذريعة مساعدة الحكومة اليمنية في ملاحقة تنظيم «القاعدة». وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، إن «الوكالة أرسلت قبل نحو عام مجموعة من أبرز عملائها الميدانيّين، الذين يتمتعون بخبرة في مكافحة الإرهاب إلى اليمن»، فيما ذكر مسؤول عسكري رفيع المستوى أن «وحدات خاصة سرية بدأت بتدريب قوات الأمن اليمنية على تكتيكات مكافحة الإرهاب».
ويتوقع أن تنفق وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) 70 مليون دولار على مدى الأشهر الثمانية عشرة المقبلة، وتستخدم فرقاً من القوات الخاصة لتدريب وتجهيز الجيش اليمني ووزارة الداخلية وقوات خفر السواحل، أي أكثر من ضعف مستويات المساعدة العسكرية الأميركية السابقة.
وقال رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس الشيوخ الأميركي، جوزيف ليبرمان (الذي زار صنعاء في آب الماضي)، إن «اليمن بات أحد أبرز مراكز القتال اليوم»، موضحاً في مقابلة مع شبكة التلفزيون الأميركية «فوكس نيوز» أمس، أنه «لدينا وجود متنامٍ هناك. ولدينا أيضاً أطقم عمليات خاصة من ذوي القبعات الخضر والاستخبارات».
وفي السياق، يقول مسؤولون أميركيون ويمنيون إنهم «تمكنوا من التوصل إلى نقطة أساسية في العلاقة بين الطرفين الصيف الماضي، بعد زيارات سرية قام بها بطريقة منفصلة قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بيترايوس، ومستشار الرئيس أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان».
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين مطّلعين قولهم إن «الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وافق على توسيع المساعدة السرية والعلنية التي تتلقّاها بلاده، بعد ضغوط أميركية وسعودية، وازدياد الخطر الذي تواجهه الدائرة السياسية في بلاده». من جهته، أكد وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي أمس أن «التعاون العسكري بين اليمن والسعودية والولايات المتحدة قد تزايد في الأشهر الأخيرة، بعدما أثبتت التقارير الجديدة وجود تنظيم القاعدة في البلاد». ونقلت الصحيفة عن القربي قوله إن «التقارير أشارت إلى أن التنظيم كان يستهدف السفارة البريطانية في اليمن، إضافةً إلى عدد من المؤسسات الحكومية والمدارس الخاصة»، مشيراً إلى أن «الغارات الجوية كان قد خُطّط لها منذ شهرين أو ثلاثة أشهر، لكن لم تنفّذ إلا بعد تلقي الحكومة اليمينية معلومات استخباراتية حديثة عن مواقع كوادر القاعدة، الذين جرى استهدافهم».
إلا أن القربي أصرّ على أن الولايات المتحدة «قدّمت المعلومات الاستخباراة»، التي وصفها بأنها «العنصر الأكثر أهمية، وأمّنت الأسلحة التي استُخدمت في الهجمات»، رغم نفي الجيش اليمني.
وتطرق بعض المسؤولين اليمينيين إلى نقطة مهمة في المساعدة الأميركية لليمن. وقال مسؤول رفيع المستوى رفض الكشف عن اسمه إن «المشكلة تكمن في أن مشاركة الولايات المتحدة تخلق تعاطفاً مع تنظيم القاعدة. إن التعاون ضروري ولكن ليس هناك من شك في أنّ له تأثيراً على المواطن العادي، إنه يتعاطف مع القاعدة».
وسارع تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» إلى إصدار بيان أمس، اتهم فيه الطائرات الأميركية بتنفيذ غارات على منطقة المحفد في محافظة أبين اليمنية الخميس الماضي، والتسبب بمقتل 50 من النساء والأطفال، بالتزامن مع حملة عسكرية شنّتها السلطات اليمينية. وقال البيان إن «المسلمين شاهدوا طائرات التجسس الأميركية وهي تجوب ولايات اليمن على مدى أشهر عدة، وما زالت مستمرة، منتهكة حرمات المسلمين بالتواطؤ مع حكومة اليمن، ما أدى إلى قتل المسلمين الأبرياء الآمنين».
وأوضح التنظيم أن «العملية جرت باتفاق وتنسيق يمني وأميركي ومصري وسعودي، وبتعاون من دول الجوار».
إلى ذلك، اتهمت مصادر يمينية معارضة السلطات اليمنية بمحاولة «إقحام اسم الشيخ أنور العولقي، الذي كان له مراسلات مع الرائد في الجيش الأميركي نضال حسن، المتهم بالهجوم الذي وقع على قاعدة فورت هود في أميركا في شهر تشرين الثاني الماضي، لكي تقدّم رأسه إلى أميركا حتى لو لم يكن له علاقة بالقاعدة».