واشنطن ـ محمد سعيدخاص بالموقع - كشف قادة عسكريون أميركيون عن زيادة ملحوظة في الاعتماد على وحدات العمليات الخاصة السرية في الجيش الأميركي في تنفيذ عمليات ملاحقة، واعتقال وقتل لعناصر تدرجهم الولايات المتحدة على قائمة أعدائها في أفغانستان والعراق، في إطار ما تسميه «الحرب على الإرهاب».
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير لها نشر منذ يومين إن وحدات القوات الخاصة المعروفة باسم «قوة دلتا» في الجيش الأميركي، ووحدات الكوماندوس في البحرية الأميركية المعروفة باسم «وحدات سيل» حقّقت نجاحاً في إضعاف شبكة سراج الدين الحقاني، التي تعدّ الأقوى بين محاربي طالبان في شرق أفغانستان حيث يدّعي الأميركيون أنها نفّذت من قواعدها في باكستان عدداً من الهجمات القاتلة داخل العاصمة الأفغانية كابول وحولها.
وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي باراك أوباما وكبار مساعديه لم يناقشوا علناً هذه المهمّات العالية السرية كجزء من الاستراتيجية الأميركية الجديدة في أفغانستان وباكستان، فإنّه يُتوقع أن تزداد هذه العمليات مع نشر 30 ألف جندي إضافي في أفغانستان مع مطلع العام المقبل.
ويعتمد القادة الأميركيون في أفغانستان على الوحدات الخاصة للقيام ببعض أكثر العمليات تعقيداً ضد قادة المسلحين، ولا يُعترف بهذه المهمّات علناً.
وكان قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس، قد تحدث في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، يوم التاسع من كانون الأول الجاري، عن زيادة التركيز على عمليات مكافحة المقاومة الأفغانية، لكنّ حديثه كان بطريقة مواربة عن الفرق التي تقوم بهذه العمليات ضد طالبان، وخاصةً في المناطق الريفية خارج المناطق ذات الكثافة السكانية، التي تعمل فيها القوات الأميركية التقليدية. وقال «لا شكّ في ضرورة قتل أو اعتقال أولئك الأشرار الذين لا يمكن التصالح معهم، ونعتزم أن نفعل ذلك، وسيكون لدينا عناصر للقيام بمهمة وطنية إضافية مع حلول الربيع المقبل».
وتعدّ وحدات النخبة الخاصة هي نفسها التي تطارد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، والتي كانت قد ألقت القبض على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والتي قادت عمليات البحث التي أدت إلى مقتل زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي.
وقال قادة عسكريون في أفغانستان إن العمليات التي تقوم بها الوحدات الخاصة تؤدّي دوراً مهماً في إلحاق الأذى ببعض أقوى الجماعات المسلحة، وشراء الوقت قبل وصول التعزيزات العسكرية الأميركية الإضافية وتدريب القوات الأفغانية المحلية.
ويذكر أن قائد القوات الأميركية الأطلسية في أفغانستان، الجنرال ستانلي ماكريستال، كان يتولى قيادة قوات العمليات الخاصة المشتركة لمدة خمس سنوات (2003ـــــ 2008). وذكرت الصحيفة أنه إلى جانب القوات الخاصة الأميركية فإن قوات عمليات خاصة تابعة لحلف الشمالي الأطلسي تنفّذ هي الأخرى مهمّات مشتركة مع قوات أفغانية في إطار محاربة قوات طالبان.
وتنسّق القوات الأميركية في أفغانستان مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في تكثيف الهجمات ضد مقاتلي طالبان وأنصارهم، في المنطقة القبلية (وزيرستان) المتاخمة للحدود الباكستانية ـــــ الأفغانية باستخدام طائرات بدون طيار، لكنّ مسؤولاً في وكالة الاستخبارات الباكستانية (آي إس آي)، قال إن هناك أكثر من 60 عملية مشتركة جرت بين (آي إس آي) و(سي آي إيه) في المنطقة القبلية وإقليم بلوشستان في العام الماضي. مشيراً إلى أن تلك المهمات كانت تشمل خطف واعتقال مسلحين مهمين، وأيضاً قتل زعماء منهم. وأضاف إن تلك العمليات كانت تجري بناءً على معلومات استخبارية تقدّمها الولايات المتحدة أو باكستان لاستخدامها ضد طالبان والقاعدة. ونقلت «نيويوك تايمز» عن دبلوماسي أميركي كبير في باكستان قوله «يمكن أن نتوقع المزيد من العمل العسكري الأميركي ضد (شبكة) حقاني».
من جهة أخرى، تجري وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مراجعة لعملياتها الخاصة بالمعلومات الاستراتيجية، التي بلغت كلفتها حتى الآن نحو مليار دولار، أُنفقت على نشر تقارير في صحف، وبثّ برامج في محطات إذاعة وتلفزة تشيد بجهود القوات الأميركية في العراق وأفغانستان. وتشرف على هذا البرنامج القيادة المركزية الأميركية.
وقد أدى الاهتمام المتزايد ببرنامج «الاتصال الاستراتيجي» داخل الوكالات الحكومية الأميركية إلى قيام البيت الأبيض بعقد اجتماعات تنسيق نصف شهرية، يشارك فيها مندوبون عن وزارة الخارجية، ووكالات الاستخبارات ووزارة الدفاع. وقال مسؤول أميركي كبير «إنه جهد لجمع كل الأطراف الفاعلين داخل الحكومة المهتمة بالاتصال الاستراتيجي»، مشيراً إلى أنه يجري التركيز الآن على أفغانستان وباكستان بالاستعانة بمختصين إعلاميين استراتيجيين، وقال «استناداً إلى قاعدة المعلومات فإن أشخاصاً يعملون الآن على أفضل وسيلة لإيصال رسالتنا، سواء من خلال الإذاعة والتلفزيون أو وسائل أخرى».
وأعدّت قيادة العمليات الأميركية الخاصة، بالتعاون مع القيادة الأميركية لأوروبا موقعاً إلكترونياً تديره الآن القيادة الأميركية لأفريقيا (افريكوم)، ويقدم أخباراً باللغة العربية والإنكليزية والفرنسية حول منطقة المغرب العربي. فيما تقوم وزارة الخارجية الأميركية من خلال إدارة الدبلوماسية العامة ووحدة التواصل الخارجي الإلكتروني بترويج السياسة الأميركية ومواقفها لدى العرب والأفغان والباكستانيين، من خلال مقالات يُعدّها موظفون وصحافيون متعاونون مع الخارجية الأميركية.