خلافات عربيّة على مشروع القرار يساوي الضحية بالجلادنيويورك ــ نزار عبود
وسط ضغوط غربية ـــــ إسرائيلية كبيرة لمنع تبنّي قرار في الجمعية العامة يكرّس تقرير غولدستون ويجعله وجهة نظر المجتمع الدولي الرسمية، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة جلستها أمس تحت عنوان «حقوق الإنسان»، بحضور عدد كبير من الدول الأعضاء تجاوز الثلثين. ولوحظ غياب العديد من الوفود المؤيّدة للسياسة الأميركية أو الخاضعة لضغوطها.
أما على المستوى العربي، فقد أحجمت سوريا والجزائر والسودان عن رعاية مشروع القرار العربي، نظراً إلى تضمنه فقرة تعطي انطباعاً بالمساواة بين المعتدي والمدافع عن نفسه. تحفظات تركزت على الفقرة الرابعة من مشروع القرار التي تطالب الفلسطينيين بإجراء تحقيقات مستقلة وذات صدقية ومتوافقة مع المعايير الدولية في «الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي أوردتها بعثة تقصّي الحقائق في تقريرها، بهدف ضمان المساءلة والعدالة».
ويدعو مشروع القرار، بعد تبنّي تقرير غولدستون، الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى إجراء تحقيقات تحظى بالثقة، وفق المعايير الدولية المستقلة، في الأحداث التي وقعت في غزة خلال العدوان الإسرائيلي. ويطلب من حكومة سويسرا عقد مؤتمر في أسرع ما يمكن بشأن تدابير إنفاذ الاتفاقية الرابعة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية.
وبناءً على هذه التحفظات، لم يُلق مندوب سوريا الدائم، بشار الجعفري، بصفته رئيساً للمجموعة العربية هذا الشهر، كلمة افتتاح الجلسة، وقدّمها مندوب مصر الدائم ماجد عبد الفتاح، بصفته رئيساً لكتلة عدم الانحياز.
وطالب عبد الفتاح أعضاء الجمعية العامة، البالغ عددهم 192 دولة، «بإظهار دعمهم القاطع لحقوق الإنسان وحماية المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين»، كذلك طالب بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات. وشددت كلمته على وجوب احترام الأطراف كافة للقوانين الدولية ومعاهدة جنيف الرابعة التي تنطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة. ورأت أنه باحترام القانون سيجد الصراع في المنطقة حلّه العادل والدائم. ودعت إسرائيل إلى وقف العقاب الجماعي في غزة، وإلى حماية المدنيين فيها بصورة خاصة، ووقف تهويد القدس ووقف حالة الإفلات من المحاسبة والانتهاك الصارخ للقانون الدولي.
بدوره، ألقى الجعفري كلمة منظمة المؤتمر الإسلامي، وتحدث عن «تسريع عملية استعمار الأراضي الفلسطينية» غير الشرعية من قبل إسرائيل والاعتداءات المنظمة على أماكن العبادة الإسلامية والمسيحية، وتهديد الحرم القدسي الشريف. وأدان تلك التصرفات بشدة، معرباً عن قلق المنظمة الشديد حيال الوضع الخطر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك «الحصار المستمر غير الإنساني، والأزمة الإنسانية المستفحلة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».
وأكد الجعفري لـ«الأخبار» أن بلاده تدعم المشروع. ورأى أن «صيغة اللغة المستخدمة غير مقبولة، لكونها تعدّ حق الدفاع عن النفس مساوياً للعدوان». وقال «نحن لا ندعم أي مساواة بين جرائم مثبتة في تحقيقات دولية وإطلاق صواريخ تأتي في إطار الدفاع عن النفس».

صيغة اللغة المستخدمة غير مقبولة لكونها تعدّ حق الدفاع عن النفس مساوياً للعدوان

أما مندوب فلسطين الدائم، رياض منصور، فرأى أن تقرير غولدستون، إلى جانب التقارير الأخرى المتعلقة بالجرائم التي وقعت، يضع حداً لسياسة الإفلات من العقاب.
بدوره، عبّر مندوب الاتحاد الأوروبي، مندوب السويد الدائم لدى الأمم المتحدة، أنديرز لايدن، عن دعمه لملاحقة منتهكي القوانين الدولية الإنسانية عموماً، ودعا إلى تطبيق المحاسبة ووقف كل أشكال العنف في المنطقة.
وستستكمل مناقشات تقرير غولدستون في الجمعية العامة اليوم، ومن المرتقب أن تنتهي بالتصويت عليه وتبنّيه.
في هذه الأثناء، تواصل إسرائيل انتقاد تقرير غولدستون، محاولة عرقلة تبنّيه، خشية أن ترى قادتها عرضة لمساءلة القضاء الدولي. وأعرب نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ماتان فلنائي، في تصريح للإذاعة الإسرائيلية، عن استنكاره للتقرير. وقال «ما من وقاحة تفوق هذا التقرير الذي صدر عن دول مشهود لها بانتهاك حقوق الإنسان».
وقال فلنائي «إن جيشنا هو الأكثر أخلاقية في العالم»، مشيراً إلى «مدونة الأخلاق» لدى الجيش الإسرائيلي «ومواصلته تطبيق معاييره الخاصة بغضّ النظر عن أي تقرير».
وكان نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، موشيه يعالون، قد رأى، أول من أمس، أن تقرير غولدستون «لا يسيء إلى إسرائيل وحسب، بل أيضاً إلى كل دولة ديموقراطية وسلمية عليها أن تواجه الإرهاب».