يبدي معظم العاملين على الملف النووي إعجابهم بـ«قوة المفاوض الإيراني»، حتى باتت مسألة هذا الملف «مطاطة في الزمن» وسجلت ربحاً في ميزان الوقت لمصلحة طهران
باريس ــ بسّام الطيارة
يصف دبلوماسي غربي المتفاوضين الإيرانيين في الملف النووي بأنهم «يتحدثون بأي شيء إلا عن هدف الاجتماع» حين يشاركون في محادثات مع الدول الأخرى. لكنه يشير إلى أنهم «قبل انفضاض اللقاء بـ٣ دقائق يرمون فكرة». بيد أن هذا الأمر «ليس علامة ذكاء»، حسبما يؤكد مصدر فرنسي رفيع المستوى لـ«الأخبار»، مشيراً إلى أن «إضاعة الوقت لم تعد تساعدهم، أنا أعطيهم ١٥ يوماً حتى ينفد صبر الأميركيين»، مضيفاً «يجب ألا يحصلوا على القنبلة. هناك تهديدات كثيرة في المنطقة، نحن مستعدون لتوفير الطاقة لهم». وينهي حديثه بالقول «لكنهم يكذبون».
إلاّ أن مصدراً مقرّباً من الملف الإيراني كشف أن «المفاوض الايراني ألغى موعداً مع الوزير الفرنسي برنار كوشنير قبل لقاء فيينا»، مشيراً إلى أن الفرنسيين «كانوا يريدون الحوار» قبل أن يحاول الإيرانيون «إخراجهم من العملية» ويتعثر الاتفاق. وعزا المصدر هذا الفشل إلى «أن المسؤولين في إيران غير منسجمين».
هكذا يمكن اختصار وضع الملف النووي الإيراني، الذي يصفه الغرب بأنه «أحد التحديات الكبرى التي يواجهها النظام العالمي للحد من نشر الأسلحة النووية». ويتفق خبراء مع دبلوماسيين غربيين على أن «النزاع الداخلي وعدم الاتفاق بين المسؤولين الإيرانيين» هو اليوم وراء المماطلة وأن الأمر لم يعد «تكتيكاً تفاوضياً».
المفاوض الايراني ألغى موعداً مع كوشنير قبل لقاء فيينا
وفي هذا السياق، يقول خبير في الشؤون الدولية إن «البرنامج النووي الإيراني أصابه تأخير سنة ونصف». إلا أنه يلفت إلى أنه «رغم هذا» فإنه من هنا حتى ٥ أو ٦ أشهر يدخل هذا البرنامج «مرحلة اللاعودة من ناحية التقنية العسكرية»، أي إنه لا يعود بالإمكان «إجبار طهران على وقف برنامجها».
ويصف خبير أوروبي آخر، هذه المرحلة بأنها «مصاف كوريا الشمالية»، التي بات من الصعب «إجبارها على التراجع من دون نزاع شامل» (Global confrontation).
من هنا، يبدو من الصعب على اسرائيل أن «تترك الأمور تتطور إلى هذا الحد». ويؤكد الخبير الدولي كلام المصدر الفرنسي عن «نفاد صبر أميركا»، مشيراً إلى أن الفارق بين إسرائيل والولايات المتحدة هو أن الأخيرة «تبحث عن حل، بينما إسرائيل تبحث عن إطالة وقت الأزمة».
في ضوء ذلك، باتت النتيجة «شبه المحسومة» تقول إن إسرائيل لا بد من أن «تضرب إيران» في حال تلكؤ طهران وقبول الغرب الدخول في لعبة المماطلة، وذلك ليس فقط لمنعها من الحصول على السلاح النووي بل أيضاً لتأزيم الأوضاع في المنطقة.
وحين تسأل أحد الخبراء عما يمكن أن تكون عليه ردة فعل الدول العربية إذا أقدمت إسرائيل على ضرب إيران؟ يجيب بأنهم سيقومون بـ«أقل ما يمكن من الخدمة». ويمكن أن تجتمع الجامعة العربية وتصدر بعض البيانات.
وعن إمكان «حلحلة المسألة»، سألت «الأخبار» المصدر الرفيع المستوى في وزارة الخارجية الفرنسية عما إذا كان من الممكن أن «يقبل الغرب بنصف كمية اليورانيوم المطلوب إخراجها»، فجاء الجواب نفياً قاطعاً، وهو ما فسّره دبلوماسي عربي في باريس بأن «جميع الفرقاء يؤججون، من حيث لا يدرون، أزمة سعياً وراء أهداف متباينة، ويظنون أنها مدروسة النتائج غير أنها مجهولة المآل».