نيويورك ـ نزار عبود في خطوة أولية مهمة نحو تفعيل تقرير غولدستون المتعلق بجرائم الحرب في غزة وإيصاله إلى مجلس الأمن الدولي، صدّقت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، بغالبية 114 صوتاً من أصل 192 في ظل امتناع 44 وتغيّب 16 ومعارضة 18 دولة، على القرار الذي حمل الرقم a/64/l.11.
جاء في مقدمة معارضي القرار الولايات المتحدة وإسرائيل وبولندا وكندا والتشيك وغانا وألمانيا وهنغاريا وإيطاليا وناورو وجزر مارشال وماكرونيزيا وهولندا ونيبال وبنما وسلوفاكيا ومقدونيا وأوكرانيا.
وسبق التصويت يومان من النقاش العام شارك فيه 43 مندوباً، بينهم من كان يمثّل كتلاً كاملة مثل الاتحاد الأوروبي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجموعة 77 وكتلة عدم الانحياز. وسجل المندوبون، خلال هذا النقاش، مواقف من جرائم الحرب وانتهاك القوانين الدولية الإنسانية في غزة ودعوا إلى ضرورة سوق مجرمي الحرب إلى العدالة. كذلك انتقدوا المعايير المزدوجة وتقاعس مجلس الأمن الدولي عن القيام بواجبه. وتضمنت بعض الكلمات تصورات عن شكل تسوية الصراع في الشرق الأوسط.

سعت المجموعة الأوروبية وأصدقاؤها إلى تغيير مشروع القرار، لكن المجموعة العربية تمسكت بالنص
الولايات المتحدة غابت عن النقاش، فيما سعت المجموعة الأوروبية وأصدقاؤها إلى تغيير مشروع القرار العربي بحيث يدعو إلى الترحيب بتقرير غولدستون بدلاً من التصديق عليه وتفعيل توصياته. لكن المجموعة العربية تمسكت بالنص بحرفيته رغم النواقص التي تضمنها لجهة المطالبة بإجراء تحقيق فلسطيني في مقابل آخر إسرائيلي «نزيه وموضع ثقة». وتضمن القرار الذي قدمته 19 دولة عربية الفقرات العاملة السبع الآتية:
1ـــــ تؤيد (الجمعية العامة) تقرير مجلس حقوق الإنسان عن أعمال دورته الاستثنائية الثانية عشرة التي عقدت يومي ١٥ و ١٦ تشرين الأول ٢٠٠٩،
٢ـــــ تطلب إلى الأمين العام أن يحيل تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة إلى مجلس الأمن،
٣ـــــ تطلب إلى حكومة إسرائيل أن تتخذ كل الخطوات الملائمة، في غضون ثلاثة أشهر، لإجراء تحقيقات مستقلة وذات صدقية ومتوافقة مع المعايير الدولية في الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي أوردﺗها بعثة تقصي الحقائق في تقريرها، ﺑهدف ضمان المساءلة والعدالة،
٤ـــــ تحثّ، تماشياً مع توصية بعثة تقصي الحقائق، على أن يجري الجانب الفلسطيني، في غضون ثلاثة أشهر، تحقيقات مستقلة وذات صدقية ومتوافقة مع المعايير الدولية في الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي أوردﺗها بعثة تقصي الحقائق في تقريرها، ﺑﻬدف ضمان المساءلة والعدالة،
٥ـــــ توصي حكومة سويسرا، بصفتها الحكومة الوديعة لاتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب، بأن تتخذ الخطوات اللازمة في أقرب وقت ممكن ليُعقد من جديد مؤتمر للأطراف المتعاقدة السامية في اتفاقية جنيف الرابعة بشأن تدابير إنفاذ الاتفاقية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وكفالة احترامها وفقاً للمادة ١ المشتركة،
٦ـــــ تطلب إلى الأمين العام أن يقدم إلى الجمعية العامة، في غضون ثلاثة أشهر، تقريراً عن تنفيذ هذا القرار، ﺑﻬدف النظر في اتخاذ إجراءات أخرى، إذا لزم الأمر، من أجهزة الأمم المتحدة وهيئاﺗها المعنية، بما فيها مجلس الأمن،
٧ـــــ تقرر إبقاء المسألة قيد نظرها (الجمعية العامة).
وحاولت مندوبة إسرائيل، غابريلا شاليف، إبعاد النظر عن النقاش بشأن جرائم دولتها بالتركيز على تهريب السلاح، وقالت: «لدى الدول الحق، بل واجب، ملاحقة أولئك الذين يمارسون تكتيكات إرهابية بربرية. والدول التي ترعى الإرهاب، وهي أعضاء في هذه المنظمة، والذين يشاركون في نشاطات على غرار تهريب السلاح والذخيرة والإرهابيين بحراً وجواً وبراً، يجب أن يحاسبوا أمام المجتمع الدولي». كذلك وصفت لجنة غولدستون بأنها «عملية تقصي حقائق غير شريفة». وقالت إن تل أبيب ملتزمة «التصرف وفق القانون الدولي، والتحقيق في كل ادعاء بسوء تصرف قواتها».
بدوره، هاجم مندوب تركيا، أرتيغرول أباكان، الجرائم التي ارتُكبت وتُرتكب في فلسطين. وأكد أن بلاده تؤمن بسلام دائم في المنطقة، منبهاً إلى أنه «لم يعد ممكناً البقاء غير مبالين حيال الوضع في الغزة. لقد مر وقت طويل منذ أن أصبحت مسألة إنسانية وقضية نزاهة. ولقد تراكم العبء على عاتق المجتمع الدولي. وبات واجباً على الأمم المتحدة أن تقارع الحصانة من العدالة، وتطبّق الحساب وتتصرف بتماسك».
أما إيران، فقد رأت على لسان مندوبها، محمد خزاعي، أن العدوان الإسرائيلي على غزة، فضلاً عن الحصار الطويل، «مثّلا خرقاً فاضحاً ووقحاً لكل حقوق الشعب الفلسطيني». وأعلن تأييده لمشروع القرار، واصفاً النظام الإسرائيلي بالإرهابي، ومكرراً ما أثبتته لجنة التحقيق من استخدام أسلحة محظورة دولياً، وانتهاك أبسط حقوق الإنسان.