صباح أيوبتأسس المكتب في برلين (بإدراة جواكيم غوك، وحالياً بإدارة ماريان بيرثلير)، وخصصت له ميزانية عالية جداً (تصل إلى 100 مليون يورو)، عدد الموظفين يتراوح بين 40 و 45 عاملاً كلّ اتخذ «كيسه» ويتابع العمل عليه يدوياً، فيقرأ محتوى كل قطعة ويجمّع الأسماء ثم يكمل معنى الجمل ويلصقها ببعضها كي يكتمل المضمون. إلى أن أدخل برترام نيكولاي عام 2007 تقنية إلكترونية تسمح بتجميع القطع الورقية بطريقة أوتوماتيكية عبر برنامج خاص على الكومبيوتر. بهذا، بات الأمل كبيراً بفكّ أسرار 400 كيس بحلول عام 2011 (بميزانية بلغت 6 ملايين يورو)، كما صرّح نيكولاي.
16 ألف كيس يحتوي على 16 مليون قطعة ورقية، آلاف الميكروفيلم و180 كيلومتراً من التسجيلات
ومنذ عام 1991 سمح المكتب الفدرالي لبعض من وردت أسماؤهم في الملفات ممن كانوا تحت مراقبة مشدّدة من الـ«شتازي» بمعاينة ملفاتهم والمعلومات التي جمعت عنهم لسنوات. ثم، مع تقدّم استكمال الملفات الخاصة بالمواطنين (حوالى 400 ملف لغاية اليوم) سُمح لمن يرغب بتقديم طلب رسمي للمكتب بغية تمكينه من الاطلاع على ملفه الخاص، وقد استقبل المكتب أكثر من 5 ملايين طلب لغاية اليوم. وبدأ مواطنو ألمانيا الشرقية يكتشفون مَن كان يتجسس عليهم من أقاربهم وجيرانهم وأصدقائهم... امرأة من ألمانيا الشرقية مثلاً اكتُشف من خلال متابعة المعلومات في ملفها الخاص أنّ عملاء الاستخبارات سعوا إلى طلاقها من زوجها بغية إنجاح خطّة استخبارية ما... آخرون علموا بعد عشرات السنين لماذا وأين اختفى أصدقاؤهم وأقاربهم. بعض شروط السرية التامة تطبّق على ملفات الشخصيات السياسية من الدرجة الأولى، لكن كل العملاء السابقين بأسمائهم السرية والحقيقية هي معلنة للجميع.
مع ذلك، فإن بعض الأسماء المهمة باتت علنية، ومنها مثلاً إحدى الشخصيات العسكرية الرفيعة المستوى التي أدهشت الجميع أخيراً: اسمه كارل هينز كوراس (81 سنة)، شرطي سابق في وحدة أمن ألمانيا الغربية. برز اسمه في الحرب الباردة وفي تاريخ ألمانيا، فهو الشرطي الذي أطلق النار على أحد الطلاب اليساريين الذينكانوا يتظاهرون احتجاجاً على زيارة شاه إيران لألمانيا الغربية (حزيران عام 1967) فقتله، ما أثار حركة احتجاجية واسعة في القسم الغربي من ألمانيا وحرّك الشارع الألماني والأوروبي ضد الحكومة الغربية لخرقها حقوق الإنسان والتظاهر والتعبير عن الرأي. لكن الشرطي كوراس بُرِّئ بحجّة الدفاع عن النفس، وأكمل خدمته في الشرطة الألمانية حتى سنّ التقاعد. لكن ستة آلاف صفحة من المعلومات السريّة في أرشيف الـ«شتازي» كشفت أخيراً أن كوراس كان عميلاً للنظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية برتبة «سرّي جداً» منذ عام 1955.
كتب كوراس للاستخبارات الشرقية 152 تقريراً، وشارك في الإعداد لـ«خطّة الاجتياح» التي يُقال إنها كانت تُحضّر لاحتلال ألمانيا الغربية. كما عُهدت له منذ عام 1965 مهمة الكشف عن عملاء الـ«شتازي» داخل السلك!


ماذا حلّ بمركز الـ«شتازي»؟