كما في الولايات المتحدة، يبدو أن بريطانيا تسعى إلى استراتيجية جديدة في أفغانستان، تعتمد على تكثيف انتشار جنودها في مكان معيّن بدلاً من توزيعهم في المناطق النائية، في محاولة منها للحدّ من خسائرها
في الوقت الذي تدرس فيه الولايات المتحدة إمكان زيادة عديد قواتها في أفغانستان، ها هي بريطانيا تسعى إلى البحث عن استراتيجية جديدة في هذا البلد، في محاولة منها للحد من خسائرها. وذكرت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية أمس أن “قادة الجيش البريطاني يعكفون حالياً على وضع خطة لسحب القوات البريطانية من قواعدها النائية في أفغانستان، وتجميعها في المدن الكبرى في إقليم هلمند». وقالت إن هؤلاء القادة، وفي إطار تغيّر بارز في استراتيجية مكافحة تمرد “طالبان” المتنامي، “يدرسون الآن إمكان التخلي عن عدد من القواعد، بما في ذلك قاعدة موسى قلعة، التي كانت مسرحاً لمعارك دامية مع مقاتلي طالبان أودت بحياة 15 جندياً بريطانياً، والسعي فقط إلى الاحتفاظ بالمدن الكبيرة في إقليم هلمند”.
وأوضحت الصحيفة أن الاستراتيجية الجديدة “تحظى بدعم قائد الجيش البريطاني ديفيد ريتشاردز. إلّا أن رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، لم يتخذ القرار النهائي حيالها، بسبب تخوف وزراء حكومته من وصفها بالانهزامية”. ونقلت الصحيفة عن قائد عسكري بريطاني وصفته بالبارز، قوله “يجب التعامل مع الاستراتيجية الجديدة بمنتهى الحساسية، لأنه ليس بمقدورنا أن نفعل كل شي وفي أي مكان. يتعيّن علينا تركيز جهودنا في بعض المناطق الجغرافية، واختيار هذه المناطق المحددة والتمسك بها من أجل تنفيذ المهمة بالطريقة الصحيحة”.
وأشارت الصحيفة إلى أن القادة العسكريين البريطانيين “يأملون أن تسمح تهدئة المراكز السكانية الرئيسية في تحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية والازدهار لغالبية سكان إقليم هلمند”. وقال وزير الدفاع البريطاني بوب إينزوورث للصحيفة “إن الجهود البريطانية في أفغانستان ستتركّز في المستقبل على البلدات الكبرى وسط هلمند”، رافضاً تأكيد “ما إذا كانت القوات البريطانية ستتخلّى عن قاعدة موسى قلعة”، قائلاً “لدينا قوات في هذه المدينة تؤدّي عملها على نحو جيّد، وتفرض مستوى من السيطرة على المنطقة، ولا أرى لماذا ينبغي العودة إلى الوراء في هذا الصدد”. هذه الاستراتيجية البريطانية الجديدة، قوبلت بتشاؤم أعرب عنه رئيس أركان الجيوش البريطانية سير جوك ستيراب، إذ قال إن “القوات الأفغانية لن تتمكّن من ضمان أمن البلاد إلّا عام 2014”. وأضاف “لست مكلّفاً التنبؤ بأي جدول زمني. إننا في أفغانستان لضمان الأمن من أجل تطبيق حلول سياسية. لكننا سنضمن الأمن إلى أن يتمكّن الأفغان من القيام بذلك بأنفسهم”. وتابع “أعتقد أن ذلك سيحصل بحلول عام 2014”، واصفاً تقديرات قائد القوات الدولية في أفغانستان ستانلي ماكريستال، الذي قال إن “ذلك لن يجري قبل عام 2013”، بأنها “متفائلة”.
أميركياً، أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية جورج كيسي أن “الوضع في أفغانستان يحتاج إلى إرسال مزيد من القوات الأميركية، ومنح ماكريستال القدرة على الحد من نجاح طالبان، ريثما ندرّب القوات المدنية الأفغانية”.
ميدانياً، أعلنت قوة حلف شمالي الأطلسي الدولية المساهمة في إرساء الأمن في أفغانستان (إيساف)، ووزارة الدفاع البريطانية، مقتل جنديين في هجومين في أفغانستان أول من أمس، أحدهما بريطاني والآخر أميركي.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)