strong>تل أبيب تنفي وجود أزمة وواشنطن تؤكد رفضها للاستيطاناستقبل باراك أوباما أمس بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، وسط تقارير إسرائيلية تؤكد وجود أزمة في العلاقة بين الدولتين على خلفية تعثّر عملية السلام، واستياء الإدارة الأميركية من المواقف الاستيطانية للزعيم الإسرائيلي

فراس خطيب
التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في واشنطن أمس، الرئيس الأميركي باراك أوباما، بعد شهر ونصف شهر على أول اجتماع رسمي بين الرجلين. لكن من يفتش عن طقوس احتفالية، كما أتقن الإسرائيليون صنعاً قبل كل قمة أميركية ـــــ إسرائيلية، سيجد صعوبة هذه المرة. فقد نشرت وسائل الإعلام العبرية أنّ مسؤولي البيت الأبيض «غاضبون»، وينتابهم شعور بأنّ قمة نتنياهو ـــــ أوباما فرضت عليهم فرضاً.
لكنّ مصدراً سياسياً إسرائيلياً رجّح أنّ السبب الذي دفع البيت الأبيض إلى التعاطي بمثل هذه الطريقة مع نتنياهو هو الحاجة الأميركية إلى «إرضاء الفلسطينيين». وقال إنّ الأميركيين «يحاولون إعادة ثقة الفلسطينيين بإدارة أوباما، بعد إعلان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أنه لن يرشح نفسه، موجهاً إصبع الاتهام إلى الرئيس الأميركي».
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، إن «سياسة الإدارة الأميركية لعقود لطالما كانت: لا لمزيد من المستوطنات، وهذا ليس بالأمر الجديد (مع) هذه الحكومة».
وحاول نتنياهو إطلاق بعض المواقف الإيجابية، قبيل ساعات من لقائه أوباما بدعوة إلى استئناف المفاوضات مع إسرائيل فوراً.
وقال نتنياهو، أمام مؤتمر لزعماء يهود أميركيين، إن «أي حكومة إسرائيلية لم تكن على استعداد لكبح النشاط الاستيطاني هكذا». وأضاف: «أنا أقول اليوم لمحمود عباس إنّ علينا اغتنام الفرصة للتوصل إلى اتفاق تاريخي»، موضحاً أن الهدف «ليس المفاوضات من أجل المفاوضات» بل «التوصل إلى معاهدة سلام دائمة بين إسرائيل والفلسطينيين، وقريباً».
البيت الأبيض أراد أن يتصبّب نتنياهو عرقاً قبل استقباله
بدوره، شدّد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، الموجود في واشنطن حالياً، على أنّ «إسرائيل ملزمة بالعمل بكل قوتها للتوصل إلى اتفاقيات مع جاراتها» في إشارة إلى السلطة الفلسطينة. وأكد ضرورة الدور الأميركي، قائلاً إن «تجنيد الرئيس أوباما والولايات المتحدة لمباشرة المفاوضات هو أمر حيوي»، وإن «الولايات المتحدة هي القوة العظمى الرائدة في العالم ورئاسة أوباما (للولايات المتحدة) هي فرصة نادرة للتوصل إلى سلام»، مشيراً إلى أن «كل الخيارات الأخرى أكثر سوءاً».
كذلك، نفى المستشار الإعلامي لنتنياهو، نير حيفتس، التقارير التي تحدثت عن وجود أزمة في العلاقات بين حكومة إسرائيل والإدارة الأميركية. وقال إن «وصف الأجواء بأنها تدل على أزمة وأن هناك ضغوطاً إسرائيلية على البيت الأبيض هو ببساطة ليس الحقيقة».
وكانت ملامح التوتر قد بدأت تظهر بعدما حاول المسؤولون في مكتب نتنياهو ترتيب لقاء يجمع رئيسهم بأوباما، بينما تعمّد المسؤولون في البيت الأبيض في المقابل جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي «يتصبب عرقاً». وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس إنّ البيت الأبيض تعاطى مع لقاء أوباما ـــــ نتنياهو كأنه «لقاء متسرّع، نصف مفروض عليهم، ليس ملائماً، ولا مرغوباً فيه، ونظم من دون خيارات في اللحظة الأخيرة».
وأرجعت وسائل الإعلام الإسرائيلية السلوك الأميركي إلى المواقف السياسية التي يعلنها نتنياهو، من بينها مسألة الاستيطان.
في السياق، كتب المعلق السياسي لصحيفة «هآرتس»، ألوف بن، مقالاً بعنوان «أوباما وإهانة نتنياهو في الطريق إلى واشنطن»، رأى فيه أنّ البيت الأبيض «أراد أن يتصبب نتنياهو عرقاً قبل استقباله لدى الرئيس (أوباما). وأن يعرف الجميع أنه تصبب عرقاً». وأوضح أن «التأخير في إيجاد وقت للقاء أظهر أنّ نتنياهو ضيف غير مدعو ألقى أوباما عظمة له». وأضاف: «في وضع كهذا، ليس مهماً ما الذي سيقال خلال اللقاء، فقد جرى إذلال رئيس الوزراء أمام نظر الجميع».
وأشار بن إلى أنّ الدولة العبرية «تشكو انعدام الحميمية، لكنها تأخذ فقط ولا تُعطي شيئاً». وأوضح أن «أوباما يتوقع من نتنياهو أن يستجيب لمطالب الولايات المتحدة، مثلما هي تستجيب لمطالب إسرائيل، عندما تطلب أميركا منه تجميد الاستيطان، وتنفيذ خطوات تجاه الفلسطينيين».
ولفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من التوتر مع البيت الأبيض، إلا أنّ نتنياهو سيحاول إقناع أوباما بأنّ إعلان عباس عدم ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة ما هو إلا «مناورة تكتيكية»، وأن لا طعم بمنح أبو مازن «هدايا مجانية» قبل أن يتخذ الأخير «خطوة جريئة والدخول إلى مفاوضات». كذلك أشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو سيقول لأوباما إنّ أبو مازن يضع شروطاً لم يشترطها على رئيسي حكومة إسرائيل السابقين، أرييل شارون وإيهود أولمرت. كذلك ذكرت وسائل الإعلام العبرية أنّ نتنياهو سيطرح أيضاً قضية التسلح النووي الإيراني.