واصل رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، جولته الشرق أوسطية أمس، حيث انتقل إلى الأردن بعد يوم واحد من المشاركة في القاهرة في توقيع عقد شراء مصر لسفينتي «ميسترال» (بتمويل خليجي جزئي)، على أن يتوجه غداً إلى الرياض، حيث تحدثت مصادر مطلعة إلى وكالة «رويترز» أن الدولتين ستتفقان على عقود طيران كبيرة.
وفي وقت تعكس فيه جولة فالس التأكيد على وقوف باريس إلى جانب حلفائها ضمن «التحالف الدولي» الذي أطلقته واشنطن نهاية صيف العام الماضي بزعم محاربة «داعش»، إذ سيبحث في جولته الأزمة السورية والدور الروسي، إلا أنها تُبرز بصورة أكبر مدى الاستثمار الذي تقوم به فرنسا في أسواق الشرق الأوسط، على اعتبار أنها تمثّل مساحة يمكن ضمنها تصريف صناعات عسكرية فرنسية في ظل تنامي حدة الصراعات.
وكانت المحطة المصرية لجولة مانويل فالس قد عكست بصورة واضحة البعد الاقتصادي (والتجاري) للسياسة الفرنسية القائمة راهناً في الشرق الأوسط، إذ شهد في القاهرة، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، توقيع عقد شراء القاهرة لسفينتي «ميسترال» فرنسيتين (بقيمة تبلغ نحو مليار دولار) كانت باريس قد ألغت عقدا ببيعهما الى موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية.
وبإمكان «ميسترال» حمل 16 طوافة وألف جندي ويتوقع تسليمهما في شهر آذار بعد أن يتلقى الجانب المصري التدريبات اللازمة، بينما نقلت في وقت سابق «رويترز» عن مصدر دبلوماسي في باريس قوله إن القاهرة تريد وضع إحدى الحاملتين في البحر المتوسط، والأخرى في البحر الأحمر. من جهة أخرى، قال مصدر حكومي فرنسي إنّ السعودية ستشارك في تمويل شراء السفينتين. وأوضح المصدر لوكالة «فرانس برس» أن «التمويل السعودي سيكون كبيرا».

مصدر حكومي فرنسي:
التمويل السعودي لصفقة ميسترال سيكون كبيراً

وأكد رئيس الوزراء الفرنسي، أول من أمس، «عزم» بلاده «على دعم الرئيس (عبد الفتاح) السيسي والحكومة المصرية في نيتهما تأمين استقرار البلاد وتطويرها، وخصوصا تطويرها الديموقراطي». وأضاف أن «مصر شريك مركزي للتصدي لكل الأزمات التي تؤثر في المنطقة: سوريا وعملية السلام بين اسرائيل وفلسطين والتوتر في ليبيا أو اليمن»، مشدداً على دعم باريس لمصر وللسيسي. وتابع ان «فرنسا تؤمن بمصر... المنطقة والمتوسط وأوروبا والعالم تاليا يحتاج إلى مصر قوية ومستقرة»، لافتاً إلى أن «لدينا عدوا مشتركا هو داعش».
وسبقت توقيع العقد محادثات بين السيسي وفالس (الذي التقى أيضاً شيخ الأزهر احمد الطيب في وقت لاحق)، شارك فيها وفدان يمثلان البلدين، كما عقدت مباحثات بين فالس ورئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل. وقال بيان أصدره مجلس الوزراء المصري إن المباحثات «استمرار لتأسيس مرحلة جديدة ووطيدة من العلاقات الثنائية». وأضاف أن إسماعيل رحب بالعلاقات العسكرية المتنامية بين البلدين «وآخرها شراء حاملتي الطائرات الفرنسية من طراز ميسترال».
ومع بيع القاهرة سفينتي ميسترال، حققت فرنسا نجاحا جديدا مع صفقة التسلح هذه بعد عقد اول مع مصر مطلع العام لشراء طائرات رافال. وبعد تسليم فرقاطة متعددة المهمات، ستسلم القاهرة 24 طائرة «رافال» بموجب عقد بقيمة 5,2 مليارات يورو. وعلى غرار صفقة الرافال، جرت صفقة الميسترال بسرعة بين مصر وفرنسا. وتتفاوض فرنسا مع مصر أيضا لبيعها سفينتين حربيتين من طراز «غوويند» وردتا في عقد وقع في أيار 2014 حول بيع اربع من هذه السفن.
ووصل فالس إلى الأردن أمس، حيث تنشر فرنسا طائرات حربية تشارك في أعمال «التحالف الدولي»، وقد أشار الملك الأردني، عبدالله الثاني، خلال استقباله إلى «ضرورة التوصل إلى حل سياسي وشامل للأزمة السورية... يحفظ وحدة الأراضي السورية». وأوضح بيان الديوان الملكي أنه تم خلال اللقاء «بحث سبل دعم المجتمع الدولي للأردن في تحمل أعباء اللاجئين السوريين»، كما بحث اللقاء «الدعم الفرنسي للأردن اقتصادياً، وسبل توفير مساعدات ومنح وأدوات تمويل ميسرة للمملكة، وتطوير البنى التحتية في المناطق التنموية، وتعزيز وجذب الاستثمارات». وبحسب الأرقام الرسمية، بلغ حجم الاستثمار الفرنسي المباشر في الأردن أكثر من 1,5 مليار دولار عام 2013.
في غضون ذلك، نقلت «رويترز» عن مصادر مطلعة قولها أمس، إن فرنسا والسعودية ستتفقان على عقود طيران كبيرة عندما يزور رئيس الوزراء الفرنسي المملكة يوم غد الثلاثاء. وقال مصدر إنه سيجري الاتفاق على عقود مهمة مع السعودية، فيما ذكر مصدر آخر أن عقدا عسكريا سيبرم مع شركة «ايرباص هليكوبترز».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)