خاص بالموقع- «استراتيجية انسحاب» من أفغانستان تلوح في الأفق. إذ كشف مسؤولون في الإدارة الأميركية لصحيفة “نيويورك تايمز” اليوم أن الموازنة الضخمة التي تتطلّبها الحرب في أفغانستان قد تزيد من الضغوط الداعية إلى الحدّ من تورّط الولايات المتحدة، وهو ما دفع الرئيس باراك أوباما إلى الطلب بإعداد “أسرع استراتيجية خروج ممكنة”، فيما أعلنت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أن بلادها لن تبقى طويلاً في أفغانستان، وأن “الالتزام الأول هو تجاه الشعب الأميركي”.وذكرت “نيويورك تايمز” أن التقديرات الحكومية الأخيرة تُفيد أن تلبية طلب الجنرال قائد القوات الأميركية في أفغانستان، ستانلي ماكريستال، المتعلّق بإرسال 40 ألف جندي إضافي سترفع تكلفة الحرب من 40 مليار دولار في السنة إلى 54 مليار.
وحتى لو جرى خفض عدد الجنود المنوي إرسالهم، فستظلّ صيغة الإنفاق على الحرب حوالى مليون دولار لكلّ جندي.
ولو تبنّى أوباما قرار إرسال عدد أقل من الجنود أيضاً، فإن التكلفة الجديدة للحرب في أفغانستان ستقضي على مشروع الحكومة القاضي بتوفير 26 مليار دولار سنوياً ابتداءً من عام 2010 بعد الانسحاب من العراق، وقد ترتفع الموازنة العسكرية حتى 734 مليار دولار، أي بزيادة 10 في المئة عن الحد الأقصى، الذي سجّلته في عهد الرئيس الأميركي جورج بوش، والذي بلغ 667 مليار دولار.
وقد يمثّل هذا الازدياد للإنفاق العسكري أمراً مضراً سياسياً بالرئيس أوباما، في وقت يتزايد فيه العجز في الميزانية، وتمرّ فيه البلاد في فترة ركود اقتصادي.
وقد أعرب مسؤولون في مجلس النواب الأميركي عن تحفّظهم تجاه التكلفة البعيدة المدى، التي قد تنجم عن إطالة مدة الحرب في أفغانستان، وقد يواجه أوباما صعوبة في الحصول على الموافقة على هذا الإنفاق الجديد في الكونغرس، حيث قد يتعيّن عليه الاعتماد على الجمهوريين للحصول على دعمهم لمواجهة الليبراليين الديموقراطيين المنشقّين.
وقال مسؤول رفض الكشف عن اسمه إن هذا القلق دفع بالرئيس الأميركي إلى الإصرار على أن يتضمن كل اقتراح عسكري عرض خلال اجتماع يوم الأربعاء الماضي مع المسؤولين العسكريين أسرع استراتيجية انسحاب ممكنة.
وقال “ركّز الرئيس على أن نطرح الأسئلة الصعبة بشأن الوصول إلى نهاية اللعبة هناك”، مشيراً إلى أن الرئيس يدرك جيداً أنه لا يمكن الاستمرار في الحرب إلى ما لا نهاية. وأشارت الصحيفة إلى أن إرسال عدد أقل من الجنود قد يخفض التكلفة، غير أنه قد يقوّض المهمة الأميركية في أفغانستان.
وقال محلّلون عسكريون إن زيادة التكلفة ناتجة من استخدام المزيد من الآليات المضادة للألغام، وأجهزة المراقبة التي يستعملها الجنود في أفغانستان والعراق، غير أن بعض النفقات تتعلّق بأفغانستان فحسب، وخاصةً في ما يتعلق بإرسال الوقود إلى الجنود الأميركيين في المناطق الجبلية النائية.
وفي السياق، شدّدت وزيرة الخارجية على أن الولايات المتحدة لا تريد البقاء في أفغانستان على المدى الطويل، ولفتت إلى أن الرئيس الأفغاني حامد قرضاي يجب أن يحسّن أداءه. وقالت في مقابلة مع شبكة “اي بي سي” التلفزيونية “نحن لا نريد أن نبقى في أفغانسان. وليست لنا أية أهداف بعيدة المدى هناك. نود أن نوضح ذلك جليّاً”.
وأضافت “نحن متفقون على أن هدفنا هو هزم “القاعدة”. وهذا هدف واضح للرئيس منذ أطلق في الربيع الماضي التزامه بإرسال مزيد من القوات”. وتابعت “ونحن ندرك أن الأفغان أنفسهم بحاجة إلى مساعدة من أجل الدفاع عن أنفسهم في مواجهة “طالبان”، ولكن التزامنا الأول هو تجاه الشعب الأميركي”.
من جهة ثانية، كشفت صحيفة “أوبزيرفر” البريطانية أن نصف عدد العربات القتالية المدرعة لدى القوات البريطانية في أفغانستان غير صالحة للخدمة، ورأت أن ذلك يثير مخاوف جديدة بشأن حماية هذه القوات.
وقالت الصحيفة إن أرقاماً جديدة لوزارة الدفاع البريطانية أظهرت أن أكثر من 1000 عربة مدرعة من ناقلات جنود المشاة لدى القوات البريطانية في أفغانستان لا تعمل بسبب مشاكل الصيانة، والقنابل المزروعة على جوانب الطرق، وافتقادها المعدّات المطلوبة.
وأضافت إن أرقام الوزارة كشفت أيضاً أن 1049 عربة من أصل 2027 ناقلة جند مدرعة أُوقفت عن الخدمة بعد شكاوى كبار الضباط من وجود نقص في العربات الصحيحة على مسرح العمليات العسكرية في أفغانستان.
ميدانياً، أُعلن مقتل جندي بريطاني، فيما أكدت وزارة الدفاع الألمانية تعرّض موكب مروحيات وزير الدفاع الألماني كارل ثيودور زو غوتنبرغ لإطلاق رصاص خلال زيارة مفاجئة قام بها أخيراً للقوات الألمانية في أفغانستان.
ولم تُصب أيّ من مروحيات الموكب الثلاث في ذلك الهجوم، الذي وقع صباح الجمعة بعدما تفقّد الوزير الجنود الألمان في ولاية قندز (شمال).

(أ ف ب، يو بي آي، أ ب)