أصبحت عودة تركيا إلى الشرق الأوسط قضية خصبة للأتراك، وهنا نتيجة لأحد استطلاعات رأي مواطنين عرب ينظرون إلى تركيا نظرة إيجابية جداً
أرنست خوري
أجرى مركز «المؤسسة التركية للدراسات الاقتصادية والاجتماعية» (تيسيف) في اسطنبول أخيراً استطلاعاً للرأي، حصلت «الأخبار» على نتائجه التي تشير إلى أن الدور التركي المستجد في المنطقة، أمر مرحَّب به على نطاق واسع عند المواطنين العرب في 7 دول، هي: لبنان، سوريا، الأردن، السعودية، العراق، مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأظهر الاستطلاع أنّ المواطنين الألفين وستة الذين استمزجت آراؤهم، يؤيّدون بحماسة مساعي حكام أنقرة لحل الأزمات الإقليمية، يتقدمها الملف النووي الإيراني والنزاع العربي ـــــ الإسرائيلي. حتى انّ ثلاثة أرباع المستطلعين أعربوا عن اعتقادهم بضرورة أن تكون تركيا «أكثر نشاطاً في معالجة مشاكل المنطقة»، و61 في المئة منهم رأوا أنّ هذا البلد، بدستوره العلماني وشعبه المسلم، هو «نموذج ناجح» للتطبيق في العالم العربي.
وفي تحليلهم لنتائج الاستطلاع، أوضح معدّو التقرير، تتقدمهم الأكاديمية التركية مليحة ألتونيسيك (الصورة)، أنّ المواطنين العرب، ممثلين بالعيّنة الإحصائية، يرون أن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان قطع مع السياسات الخارجية التركية السابقة التي كانت «غير ملتزمة بقضايا الشرق الأوسط». وفي أحد أسئلة الاستطلاع الذي جاء تحت عنوان «التصورات الشرق أوسطية عن تركيا»، وصف معظم العرب الذين اختيروا ليكونوا عناصر العيّنة الإحصائية، حزب «العدالة والتنمية» بأنه «حزب جذوره إسلامية عمل على تعزيز الديموقراطية وفعّل المصالح الشرق أوسطية في تركيا تفعيلاً ملحوظاً». وفي السياق، عبّر 75 في المئة من المستطلعين عن وجهات نظر «جيّدة وجيدة جداً» إزاء تركيا، وصنّفوها على أنها ثاني أكثر دولة ذات شعبية في المنطقة بعد السعودية.
وتعليقاً على هذه الخلاصات، أوضح رئيس «تيسيف»، منصور أكغون، أنّ تركيا فعّلت سياسة حلّ النزاعات، وهو ما أمّن لها دعماً شعبياً كبيراً لدى مواطني دول المنطقة». وقدّم أكغون نصيحة إلى أردوغان وزملائه تفيد بأنهم إذا أرادوا أن يحافظوا على هذه النسبة من التأييد الشعبي في الدول العربية، «عليهم أن يظلّوا محايدين في نزاعات المنطقة ومشجعين للوساطات السلمية».
وأشارت ألتونيسيك، في تحليل الأجوبة على أسئلة الاستطلاع، إلى أن مواقف كالتي أدلى بها أردوغان دفاعاً عن الملف النووي الإيراني، قبل أيام، والتوتر الذي شاب العلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية، «قد تكون حاجزاً أمام النيات التركية بالسير في وساطات عديدة». وشدّد 79 في المئة من المستطلعين على ضرورة أن تخوض أنقرة دور وساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، و76 في المئة أعربوا عن ثقتهم بأنّ لدى تركيا القوة والنفوذ الكافيين لإحلال السلام في العالم العربي.
وكانت أجوبة المستطلَعين لافتة حيال الأسئلة التي تطرّقت إلى ملف ترشيح تركيا لنيل العضوية في الاتحاد الأوروبي؛ فقد أيّد أكثر من 50 في المئة من العرب مبدأ قبول دولة إسلامية في النادي الأوروبي، و64 في المئة أكّدوا أنّ لمساعي تركيا على صعيد الانضمام إلى الاتحاد «تأثيرات إيجابية على العالم العربي». موضوع بدا أنّه أكثر ما أثار اهتمام معدّي تقرير استطلاع الرأي الذين خلصوا إلى أنّه «ما دامت تركيا نشيطة في الشرق الأوسط، فهي ستتعزز أيديها مع الاتحاد الأوروبي، وستستمر في نيل القبول والدعم من دول المنطقة».