يقول أحد عارفي السياسة الهندورية إن «(بورفيريو) بيبي لوبو يساري محاط بيمينيين، أما (مانويل) ميل زيلايا فكان يمينياً محاطاً بيساريين». فمانويل زيلايا، المعروف بـ«ميل»، كان صاحب أراضٍ انتُخب على برنامج يميني، ثم تحالف مع الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، فانقضّ عليه اليمين الهندوري، بما فيه حزبه الليبرالي.أما بورفيريو لوبو، الملقب بـ«بيبي»، فيساريته تختصر بسنتي مراهقة ناضل فيهما بالحزب الشيوعي وبدراسة قام بها في الثمانينيات في جامعة لومومبا في موسكو. جذور يمينيته، قبل يمينية محيطيه، أعمق.
وبورفيريو لوبو، المولود عام 1947، ابن مالك زراعي من منطقة أولانشو، وصل إلى البرلمان ممثلاً للحزب الوطني المحافظ. أمه من أصل فلسطيني، ودرس إدارة الأعمال في الولايات المتحدة في السبعينيات قبل أن يعود ويمارس السياسة في صفوف الحزب الوطني المحافظ. نشأ في منطقة أولانشو، حيث احتل كل المراتب الممكنة قبل أن ينتقل إلى السياسة الوطنية بدءاً من عام 1990.
لا تحبه النخبة الليبرالية التي تسيطر على النظام الهندوري، وهو الذي انتفض في شبابه على بيئته وفضّل دائماً العمل منفرداً بعيداً عن اجتماعاتها وأسرارها. عمل أولاً معلماً للغة الإنكليزية والاقتصاد في مدرسة عامة خلال عقد، ثم مشرّعاً متخصصاً بالإنتاج الزراعي ـــــ الريف معقل الليبرالية السياسي ـــــ وأيضاً بالعدالة ثم رئيساً لبلدية العاصمة على حساب مرشح الليبرالية، وأخيراً مرشحاً للرئاسة عام 2005 ضد مرشح الليبرالية آنذاك مانويل زيلايا. وقتها، هزمته النخب بفارق 73 ألف صوت، وكان يحمل «يداً من حديد» في مهرجاناته للدلالة على نياته القمعية في معالجة مشاكل الأمن التي كانت تُدمي البلد الفقير. هذه المرة لم تختره أيضاً نخب الليبرالية، وكانت تفضل خصمه إلفين سانتوس، إلا أن «بيبي» لوبو عرف باكراً، بعدما تفسخ الحزب الليبرالي بين زيلايا «اليساري» ومحازبيه «الانقلابيين»، أن ساعته قد أتت إن لم يرتكب خطأً غير محسوب. عندما وقع الانقلاب، صوتت كتلته لمصلحة تنحية زيلايا، ما سمح بالإجراء.
وعندما أعلن اتفاق التسوية في كوستاريكا أيده من دون حرج. وعندما بدت عودة زيلايا قريبة على مسافة تصويت اقتراع في البرلمان، وعد الموفد الأميركي بأن الحزب الوطني سيقترع لمصلحة عودة زيلايا «عند الضرورة». وعندما عطل الليبرالي روبيرتو ميتشيليتي تطبيق الاتفاق لتجري الانتخابات من دون عودة زيلايا، ووافقت الولايات المتحدة على الخطة، لم يتلفظ «بيبي» ولم يجب عن أي سؤال حساس في هذه الحملة بشأن الأزمة المؤسساتية التي تمزق البلد. كان فقط ينتظر الانتخاب، مع زيلايا أو من دون زيلايا. وصل المرشح لوبو إلى مبتغاه ولم يتورط كثيراً مع زيلايا ولا مع ميتشيليتي. والآن، يبدأ دور الرئيس لوبو في المرحلة الانتقالية التي تستمر شهرين. وقد يلجأ لوبو، الذي نال اقتراعاً مقنعاً، إلى البوصلة الأميركية لتساعده على وصل ما انفرط مع القارة والعالم خلال الأشهر الأخيرة.