تعزيزات إضافية... و«مجالس صحوات» قبليّةجمانة فرحات
مع توجّهه اليوم إلى الأكاديمية العسكرية الأميركية في ويست بوينت لإعلان استراتيجيّته الجديدة بشأن أفغانستان، سيحاول الرئيس الأميركي باراك أوباما تقديم تصوّره لإنهاء الحرب التي شنّها سلفه جورج بوش على هذا البلد بحجة أحداث الحادي عشر من أيلول وملاحقة زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، آخذاً في الاعتبار ثماني سنوات من الفشل والخسائر التي تتكبّدها قوات بلاده وحلفاؤها في حلف شمالي الأطلسي كل يوم، والتكلفة الباهظة للحرب التي أرهقت الميزانية الأميركية بمئات مليارات الدولارات.
توضيحات ستحاول تبرير قراره بالتصعيد العسكري، مع توقّع إعلانه تعزيز القوات الأميركية بنحو 30 ألف جندي إضافي، ليصل عديد القوات الأميركية في أفغانستان إلى 98 ألف جندي. كذلك سيحاول أيضاً، وفقاً للتسريبات، الكشف عن نظرته إلى كيفية نقل مهمات القتال إلى الحكومة الأفغانية، ومحاولة إعطاء تصوّر لخططه للانسحاب، من خلال وضع إطار زمني مرن لن يقلّ عن 8 سنوات لإنهاء المهمة التي حدّد أهدافها بـ«منع استخدام المنطقة مجدداً لمهاجمة الولايات المتحدة».
وستكون لخطاب أوباما اليوم رسائل خارجية متعددة. رسائل باتجاه الحلفاء في الغرب الذين يبدون ممانعة في إرسال المزيد من التعزيزات خوفاً على حياة جنودهم ومنعاً لإثارة الرأي العام في بلادهم. وبدأت أولى بوادر التجاوب مع خطته مع إعلان وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني، أمس، استعداد بلاده لتقديم «مساهمة إضافية» في عمليات حفظ السلام في أفغانستان، فيما عبّرت بولندا عن عزمها على إرسال ألف جندي إضافي استجابة لدعوة قائد القوات الأميركية ستانلي ماكريستال. في المقابل، لا تزال فرنسا متمسّكة برفضها أيّ زيادة في عديد قواتها.
كذلك فإن رسائل أوباما ستطال أيضاً باكستان، التي رأى البعض أنها ستحتل حيّزاً واسعاً في استراتيجية أوباما الجديدة؛ فباكستان النووية، التي تعاني من ضعف نظام الحكم السائد الذي يشارف على الانهيار، تؤدي دوراً حاسماً في نجاح الاستراتيجية الأميركية. كذلك فإنها تهدّد في الوقت نفسه بتقويضها، بفعل المعارك التي تشهدها مع حركة طالبان الباكستانية على حدودها الأمنية. ولذلك، يتوقع أن يطالبها الرئيس الأميركي بتشديد تعاملها مع الحركات المسلّحة التي تنتشر على أراضيها.
أما أفغانستان، التي تمثّل نواة الاستراتيجية، فإن أوباما سيحمل في خطابه توقّعات محددة إلى رئيسها حميد قرضاي. توقّعات تبدأ بضرورة محاربة الفساد وانتشار المخدرات، لتركّز في شقها العسكري على ضرورة تدريب القوات الأفغانية ورفع عديدها لتكون قادرة على أن تحلّ مكان القوات الدولية.
وفي السياق، تعود إلى واجهة الخيارات الأميركية قضية ما يسمى «الصحوات الأفغانية» التي تستقي تجربتها من مجالس الصحوات العراقية، في ظل التقارير التي تتنبّأ بعجز أيّ زيادة في القوات الأجنبية، مهما بلغ عديدها، عن احتواء الأزمة الأفغانية.
وتناقلت الصحف الأميركية، خلال الأيام الماضية، تأكيدات أن المسؤولين الأميركيين والأفغان يدرسون إمكان زيادة عدد الميليشيات المسلّحة في الجزء الجنوبي والشرقي من البلاد حيث المعاقل الأساسية لطالبان، في إطار خطة أطلق عليها اسم «مبادرة الدفاع». وتهدف المبادرة إلى السماح لآلاف الرجال المسلّحين بالدفاع عن أرضهم من هجمات طالبان، وفي الوقت نفسه تقدم مساعدة إضافية لقوات التحالف والقوات الأفغانية، إلا أنّ تجهيزات هذه الميليشيات لن تتخطى المال والتدريب لا السلاح الذي تمتلكه أصلاً. ولا يبدو أن الاقتراح يقتصر على الولايات المتحدة فقط، إذ إن بريطانيا تستعد بدورها لتدريب ميليشيات أفغانية لمواجهة حركة «طالبان». وتتضمن الخطة البريطانية، وفقاً لصحيفة «التايمز»، تشجيع الأفغان على تلقّي تدريب عسكري في كلية جديدة لتدريب الشرطة في هلمند ستفتح في الخامس من الشهر الحالي.
وبالتزامن مع التوجه الأميركي والبريطاني، برزت ورقة أعدّها الميجر الأميركي جيم غانت، بعنوان «قبيلة واحدة في كل مرة: استراتيجية للنجاح في أفغانستان»، روى خلالها تجربته في تنظيم «فرق المشاركة القبلية» من المقاتلين المحليين للمساعدة في صدّ طالبان، داعياً إلى تعميمها في مختلف أنحاء أفغانستان.
وينطلق غانت، الذي سبق أن خدم في العراق وأفغانستان عضواً في فرق استشارية للجيش الأميركي، في دعوته إلى أن أفغانستان «لم يكن لها قطّ حكومة مركزية قوية ولن تكون أبداً». وبدلاً من ذلك، فإن بنية المجتمع والسلطة ستكون دائماً مبنية على القبائل، ولذلك فإن أيّ جهد لهزيمة «طالبان» يجب أن يتمحور حول القبائل.
ويؤكد غانت أنه سواء ربحت الولايات المتحدة أو خسرت، فإن القبائل هي الوحيدة التي ستبقى في أفغانستان، ولن تفقد أهميتها أبداً، ولذلك يدعو واشنطن إلى إدراك أهميتها، وتحديداً في ما يتعلق بالموضوع الاستخباري، والتعامل معها من هذا المنطلق. ويقرّ غانت بأن القبائل عندما تتحول إلى هدف لهجمات «طالبان»، سيُنتج ذلك عدواً مشتركاً للقبائل والقوات الأميركية، ما يعزّز من فرضية أن يكون التوجّه الجديد مقدمة لإجبار «طالبان» على التفاوض مع الحكومة المركزية، وخصوصاً في ظل عودة الحديث عن دور تؤدّيه الرياض في الوساطة بين الحركة والرئيس الأفغاني من جهة، والإدارة الأميركية من جهة ثانية، وذلك خدمة لهدف واحد، يتمثّل في السماح لأوباما بالبدء بالتفكير في «استراتيجية خروج» من بلاد اشتهرت بأنها «مقبرة الإمبراطوريات».


تساؤلات عن الكلفة ودافعهامن جهته، رأى رئيس لجنة الخدمات المسلّحة في مجلس الشيوخ، كارل ليفن، أن «مفتاح النجاح في أفغانستان هو أن يتولّى الجيش الأفغاني محاربة طالبان».
أما السيناتور المستقل بيرني ساندرز، فقال «لدي مشكلة حقيقية بشأن توسيع نطاق هذه الحرب، حيث يجلس باقي العالم ويقول: أليس شيئاً لطيفاً أن يقوم دافعو الضرائب من الولايات المتحدة والجيش الأميركي بالعمل الذي يجب أن يقوم به باقي العالم؟».
(رويترز)