أرفع لقاء أميركي ـ إيراني وقبول للتخصيب في دولة ثالثةعناصر عديدة تميّزت بها مفاوضات جنيف أمس بين الدول الست وإيران، لعلّ أبرزها فتح قناة مباشرة أميركية ــ إيرانية تمثّلت بلقاء مباشر جمع مندوبي الطرفين، في وقت كان فيه منوشهر متكي يصف من نيويورك، خلال زيارة استثنائية للولايات المتحدة، المحادثات بأنها «بنّاءة». لكن النقطة الأبرز في هذا الاجتماع تبقى الاختراق النوعي الذي تمثّل بقبول إيران تولي طرف ثالث مهمة تخصيب اليورانيوم الخاص بها وفتح منشأة قم أمام التفتيش الدولي، في خطوة أظهرت أن العقوبات قد باتت مستبعدة. تطورات رحب بها باراك أوباما، الذي طالب بدخول المفتشين الدوليين للمنشأة الإيرانية الجديدة خلال أسبوعين، مهدداً بأنّ «لصبرنا حدوداً»
أعلن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، أن المحادثات التي أجريت أمس بين مجموعة الست وإيران في ريف جنيف، أدّت إلى اتفاق على عقد جولة أخرى من الاجتماعات قبل نهاية تشرين الأول الحالي، وعلى تخصيب جزء من اليورانيوم الإيراني في دولة ثالثة. لكن كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين سعيد جليلي، الذي مثّل بلاده في هذه المفاوضات، نفى تخلّي إيران عن حقها في التكنولوجيا النووية، حتى مع وفائها بالتزاماتها بموجب معاهدة منع الانتشار النووي.
وقال سولانا، في مؤتمر صحافي في جنيف بعد انتهاء المحادثات بين مندوبي الدول الست (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا) وإيران، إن الجمهورية الإسلامية أعربت عن استعدادها للتعاون تعاوناً كاملاً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وستدعو «قريباً» وفداً منها لزيارة المنشأة النووية التي كُشف عنها أخيراً قرب مدينة قم، متوقعاً أن تكون الزيارة في الأسابيع المقبلة.
وأكد سولانا أنه اتُّفق في الاجتماعات على نقل جزء من اليورانيوم الإيراني «إلى دول أخرى لتخصيبه قبل إعادته مجدداً إلى إيران»، مشيراً إلى الاتفاق على عقد اجتماعات «سريعة» و«مكثفة» قبل نهاية الشهر الجاري بين مجموعة الست وإيران ستُبحَث خلالها القضايا النووية، بما فيها الاقتراحات التي وضعها الطرفان في السابق.
ورداً على سؤال من مراسل صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عما إذا كانت إيران قد أُبلغت باحتمال تشديد العقوبات عليها إذا لم يُحرَز تقدم في المحادثات، أجاب سولانا: «ستكون لدينا اجتماعات أخرى. لننتظر ونرَ ما الذين سيحصل». كذلك أثنى على «الانخراط الأميركي الكامل» في المحادثات.
وأوضح مسؤول أميركي أن أغلب اليورانيوم الإيراني المنخفض التخصيب سيرسل إلى روسيا لتخصيبه بموجب اتفاق تجري صياغته لتعزيز الثقة الدولية في برنامج إيران النووي. وكان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قد قال أول من أمس: «نحن على استعداد لتقديم اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 في المئة، وبإمكانهم زيادة تخصيبه وتسليمه إلينا بنسبة 19.75 في المئة».
أمّا جليلي، فقال من جهته: «أجرينا محادثات واسعة. خلق هذا الاجتماع فرصة جيدة لتعاون جديد لإزالة المخاوف الدولية». وأضاف: «نحن ملتزمون بتعهداتنا في إطار معاهدة منع الانتشار النووي، وفي الوقت نفسه سنمضي قدماً ونتمسك بحقوقنا النووية في إطار المعاهدة».
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن المتحدث باسم الحكومة الأميركية روبرت وود، أن جليلي التقى نائب وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، وليم بيرنز، على انفراد على هامش الجولة الأولى من الاجتماعات.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي قوله إن هذا اللقاء، الأعلى مستوى بين الولايات المتحدة وإيران منذ 30 عاماً، عُقد في الوقت الذي كانت فيه الوفود الأخرى تستعد للغداء، ودام 30 دقيقة.
وسارع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الترحيب بنتيجة المفاوضات، مشيراً إلى أنها «بداية بنّاءة». لكنه دعا السلطات الإيرانية إلى اعتماد الشفافية في أنشطتها النووية السلمية، وفتح مفاعل قم أمام المفتشين الدوليين خلال أسبوعين، مشيراً إلى زيارة سيقوم بها المدير العام لوكالة الطاقة محمد البرادعي «خلال أيام» لطهران. كذلك دعاها إلى القيام بإجراءات لبناء الثقة بسلمية البرنامج النووي، بينها الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مثنياً في هذا الإطار على قبول إيران تخصيب اليورانيوم في بلد ثالث. ومع ذلك عاد وأكد «أننا لن نواصل المفاوضات إلى ما لا نهاية» وأن «لصبرنا حدوداً».
وقبل انعقاد الاجتماع، أعلنت وزارة الخارجية الاميركية أن موضوع العقوبات على إيران قد حذف من جدول أعمال مجموعة «5+1»، فيما أعلن وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، أن باريس لا تبحث فرض العقوبات في الوقت الراهن.
وفي نيويورك، أعلن وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متكي، أن محادثات جنيف جرت في أجواء «بنّاءة». وقال، في مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة: «نأمل أن تكون لدى الطرف الآخر الرغبة السياسية نفسها والتصميم نفسه». وتوقع متكي تأليف لجان مختصة للبحث في كل الجوانب النووية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، يمكن أن تتطور لتصبح على مستوى زعماء الدول. وأكد أن «رزمة العرض الإيراني قوبلت هذه المرة بإيجابية قياساً بالطروحات السابقة».
وأوضح متكي أسباب زيارته لأميركا، قائلاً: «ليس لدينا علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، لكن هناك علاقات اجتماعية وثقافية واقتصادية يعود عهدها إلى الماضي مستمرة منذ ما قبل قطع العلاقات الدبلوماسية».
وشدد متكي على أن مفاوضات جنيف «لن تمسّ حقوق إيران في امتلاك برنامج نووي، وليس هناك حديث عن تجميد التخصيب كما كانت الدول تشترط من قبل»، مشيراً إلى وجود تفاوت في مواقف الدول الست، «لكن القاسم المشترك بينها الاتسام بالواقعية».
في هذه الأثناء، قال مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن صواريخ اعتراضية ستُنشَر في غرب الولايات المتحدة عام 2010، ستكون قادرة على إسقاط صواريخ إيرانية بعيدة المدى. وقال رئيس وكالة الدفاع الصاروخي في وزارة الدفاع الأميركية، إن سفناً حربية أميركية مزودة بنظام «ايجيس» الاعتراضي الصاروخي ستُنشر في شرقي البحر المتوسط «يمكن أن توفر غطاءً إضافياً دفاعياً كاملاً فوق إسرائيل».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
مهر، إرنا، يو بي آي)


عالم إيراني اختفى في السعودية

نيويورك ـ نزار عبودوقالت مصادر إن «العالم الإيراني كان يؤدي مراسم العمرة في مكة، لكن الاتصال به انقطع، ولم تفلح الاتصالات الدبلوماسية في معرفة شيء عنه. وتظاهر ذوو أميري أمام السفارة السعودية في طهران، مطالبين بالكشف عن مصيره».
من جهتها، رفضت المتحدثة باسم بان، ميشال مونتاس، الإفصاح عن تفاصيل اللقاء الذي جرى بين متكي والأمين العام بشأن المسألة، واكتفت بالقول إن اللقاء «كان انفرادياً، ولم يكن هناك أي مسؤول آخر معهما».