بول الأشقرتبنّى القاضي الأرجنتيني، أريال ليخو، توصيات المدعي ألبرتو نيسمان في تفجير مقر الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية (أميا) في بوينس آيرس في 18 تموز عام 1994، الذي أدّى إلى مقتل 85 شخصاً وجرح أكثر من 200، وقرر مقاضاة رئيس الجمهورية السابق كارلوس منعم وشقيقه منير، وأول قاض تسلّم القضية، خوان خوسي غاليانو، والمحقّق آنذاك خورخي بالاسيوس ومدير الاستخبارات السابق هوغو أنزوريغوي. وتشمل التهم الموجّهة إلى هؤلاء، الذين لم يطلب بحقهم التوقيف الاحترازي، تحوير مجرى التحقيق، وإخفاء دلائل أو تدميرها وصولاً إلى تأليف عصابة.
وأعاد قرار القاضي ليخو، الذي تبنّى خلاصات نيسمان الذي كُلّف بالملف عام 2005 بعد إقالة القاضي غاليانو لارتكابه مخالفات قانونية، دور المواطن الأرجنتيني السوري الأصل ألبرتو جاسينتو كانور إيدول إلى وسط التحقيق، رغم أنه سبق أن برّئ لعدم وجود قرائن خلال محاكمة جرت عام 2004، وهو يعود اليوم إلى الظهور لأن ما ينسب إلى كارلوس منعم هو تدخله في التحقيق، بواسطة شقيقه منير، لمصلحة إيدول، الذي سبق أن أسهم والده في تمويل الحملات الانتخابية لمنعم.
واتهم نيسمان في نهاية عام 2006 ثمانية مسؤولين إيرانيين، بينهم الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني ووزير الدفاع الحالي أحمد وحيدي، إضافة إلى الشهيد عماد مغنية، بالتفجير الذي نفّذ بواسطة شاحنة مليئة بمواد متفجرة كان يقودها حسب «الموساد» إبراهيم برو، الذي يقول حزب الله إنه استشهد في جنوب لبنان.
كما سرت أيضاً حول التفجير روايات أخرى بعضها تربط بين التفجير وتعاون نووي كان قائماً بين سوريا والأرجنتين في حقبة منعم هذه، وأخرى تورّط شرطة العاصمة لأسباب محلية. وقد برّأ المتهمون المحليون عام 2005، وكذلك في لندن عام 2006، سفير إيران السابق في الأرجنتين هادي سليمان بور. وانعدام البصمات والفحوص الجنائية في المبنى المهدّم، إضافةً إلى تدخلات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والشرطة الأميركية، ضاعفت من صعوبات الوصول إلى الحقيقة.
وفي التفاصيل التي يعيدها إلى الذاكرة قرار أمس أن ألبرتو جاسينتو كانور إيدول، كان في الأيام العشرة الأولى متهماً أساسياً لأنه كان قد اتصل بكارلوس طلال الدين، الذي باع الشاحنة التي انفجرت، ولأن شاحنة أخرى وضعت قبل دقائق من الانفجار عربة مع إطارات أمام المبنى، وكانت قد عرّجت من قبلُ على شارع يملك فيه كانور شقتين، إضافةً إلى أن الشاحنة التي تركت العربة كانت ملك شركة تسجّل مشتريات كبيرة من «الأمونال». وعلى قاعدة هذه المعلومات، أمر غاليانو بالتنصّت على هواتف كانور ومداهمة منازله واعتقاله. وكان على مفكرّته رقم مستشار سفارة إيران الثقافي في الأرجنتين محسن رباني، الذي ادّعى عميل إيراني سابق في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» عام 2002 أنه مدبّر العملية.
وبالعودة إلى تفاصيل قرار الأمس، يتصل والد كانور بالقصر الرئاسي ثم يجتمع بمنير منعم فيه، وبعد ذلك يتوقف التنصّت، وتختفي التسجيلات من عند القاضي، والمحقّق وتجري المداهمة بعد إبلاغ المعنيّين بسبب تواطؤ المحقق. هذه هي الاعتبارات التي تضمّنها قرار أمس الذي قال «إن وقف التحقيق آنذاك كان نتيجة رغبة غير شرعية لرئيس الأمّة كارلوس منعم بالتواطؤ مع شقيقه منير».