فشلت جهود الدول العربية في حشد أصوات مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة نقاش خاصة بتقرير غولدستون، واكتفت بجلسة مقدَّمة التاريخ لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط تتضمن التقرير، على أن يكون موعدها الأربعاء المقبل
نيويورك ــ نزار عبود
اختتمت المحاولات العربية لعرض تقرير غولدستون أمام مجلس الأمن الدولي بتلبية جزئية لمطالبهم، بعدما قرر أعضاء المجلس تقديم موعد جلسة النقاش الشهري للحالة في الشرق الأوسط إلى الأربعاء المقبل بدلاً من 20 تشرين الأول الحالي، على أن يتضمن جدول النقاش مناقشة التقرير.
وعقب الجلسة المغلقة، التي انتهت فجر أمس، قال السفير الفييتنامي لدى الأمم المتحدة، لي لوانغ مين، «بعد مناقشات مكثفة، دعم أعضاء المجلس قرار تقديم موعد الجلسة الشهرية الخاصة بالشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، إلى الثاني عشر من هذا الشهر بدلاً من العشرين منه، بما يسمح لكل أعضاء المجلس وأعضاء الأمم المتحدة ببحث جميع القضايا ذات الصلة، بما في ذلك تقرير لجنة غولدستون».
الاتحاد الأوروبي يرى التقرير «جديراً بالاهتمام»... وإسرائيل تنتقد
من جهته، عبّر الممثل الدائم لليبيا لدى الأمم المتحدة، عبد الرحمن شلقم، عن رضاه عن النقاشات التي جرت خلال الجلسة. وقال «نريد زخماً، ويكفي أنّ خمس عشرة دولة عضواً في المجلس ناقشت هذا التقرير وعناصره. إننا من خلال عقد هذه الجلسة حققنا شيئاً»، وأضاف «وضع التقرير على طاولة المجلس هو مكسب».
لكنّ مندوب السودان الدائم الذي يتولى رئاسة المجموعة العربية وكتلة عدم الانحياز في الأمم المتحدة، عبد المحمود عبد الحليم محمد، اتهم مجلس الأمن الدولي بأنه «انتقائي» ويتّسم عمله بازدواجية المعايير.
وشدد المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، على أن الموضوع الأساسي هو طرح تقرير لجنة غولدستون على طاولة المجلس، معتبراً هذه الخطوة «مهمة في اتجاه إبقاء ملف المحاسبة وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين عن الجرائم التي ارتكبوها».
في المقابل، أبدت الولايات المتحدة اعتراضها على مناقشة التقرير في مجلس الأمن، لأن معالجته لا تكون إلا في مجلس حقوق الإنسان. وألقى نائب المندوبة الأميركية، أليخاندرو وولف، بالمسؤولية على من وافقوا على تأجيل القرار في جنيف. وأكد أن «هذه العملية» لن يكون المجلس مكانها، لأنه «ليس مكاناً للمناكفات»، مشدداً على أن التقرير «منحاز».
في هذا الوقت، رأت الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي، أمس، أن تقرير غولدستون «جدير بالاهتمام»، ويجب أن يناقش أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وقال وزير الخارجية السويدي كارل بيلت، خلال مؤتمر صحافي في ستوكهولم، إن التقرير «بالتأكيد جدير بالاهتمام، وأعتقد أن غولدستون شخص يتمتع بصدقية كبيرة وبنزاهة كبيرة، وبالتالي فإن تقريره ذو وزن».
بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، يغال بالمور، إن «كل من يطّلع على التقرير بكامله، لا على مجرد عناوين الصحف، يدرك أنه ليس تحقيقاً مستقلاً أو مهنياً، بل إنه لائحة اتهامات نقلتها (حركة المقاومة الإسلامية) حماس إلى أعضاء لجنة (التحقيق)». وأضاف أن «تصريحات الوزير السويدي مخيّبة جداً، لأنها تظهر أنه لم يقرأ النص جيداً أو أنه لم يفهم حقاً ما كتب فيه».
وفي السياق، دعت حركة «فتح» «حماس» والفصائل الفلسطينية كافة إلى تأليف إطار وطني فلسطيني تكون مهمته تفعيل تقرير غولدستون في المؤسسات الدولية.
وقال نائب أمين سر الحركة اللواء جبريل الرجوب، في مؤتمر صحافي في رام الله، إن «فتح» «ترى هذا الإطار ضرورياً من خلال جهد فلسطيني مشترك وآليات موحدة تشارك فيها كل القوى الفلسطينية». وأشار إلى أن «فتح» اعترفت بأن «هناك خطأً حصل بتأجيل مناقشة تقرير غولدستون، لكنّ الرئيس ألّف لجنة تحقيق على مستوى منظمة التحرير، ونحن في فتح ألّفنا لجنة تحقيق أخرى، وسنكشف نتائج التحقيق». ودعا «حماس» إلى «التوقف عن التحريض»، موضحاً «لا أهدد أحداً، لكنّ التحريض والتطاول لا يخدم حماس ولا غيرها، والوحدة الوطنية الفلسطينية مصلحة للجميع».
من جهتها، دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى رفع الحصانة عن المسؤولين عن إرجاء تقرير غولدستون ومحاسبة كل من تثبت إدانته في ارتكاب هذه الخطيئة، وفي مقدّمهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وفي محاولة لتخفيف الضغط الذي يتعرّض له عباس، شارك المئات من أعضاء حركة «فتح» في مسيرة برام الله وسط هتافات منددة بحركة «حماس» وداعمة لأبو مازن.
في المقابل، نظمت حركة «حماس» تظاهرة شارك فيها عشرات المصابين الفلسطينيين في الحرب الإسرائيلية على غزة في مخيم جباليا، احتجاجاً على إرجاء مناقشة التقرير.