خاص بالموقعبول الأشقر
وقّعت الرئيسة الأرجنتينية، كريستينا كيرشنر، أمس، قانوناً جديداً للقطاع المرئي والمسموع، بعدما أقره أول من أمس، مجلس الشيوخ بـ 44 صوتاً مقابل 24، فيما لم يعدّل مجلس الشيوخ المشروع، الذي تبنّاه مجلس النواب في أواسط أيلول الماضي بـ 134 صوتاً مقابل 3 بعدما انسحبت المعارضة من الجلسة.

وبذلك يحلّ هذا القانون محل القانون الحالي الذي وضعته الديكتاتورية العسكرية (1976-1983). بيد أن هذا القانون الجديد لقي معارضة طاحنة من المجموعات الإعلامية العملاقة، مجموعة «كلارين» تحديداً، التي تسيطر على جزء من صناعة الورق والصحف وقنوات التلفزيون وإذاعات «الأ.إم». و «الإف. إم». في العاصمة والمناطق. إضافةً إلى تملّكها نظام التوزيع الغالب لقنوات التلفزيون للمشتركين. وتنتج مجموعة «كلارين» أيضاً، أكثرية البرامج للتلفزيونات، المفتوحة منها كما المخصّصة للمشتركين، في غياب أي تشريع يحول دون الاندماج العمودي كما هي الحال في دول عديدة.

وحتى آب الماضي، كانت «كلارين» تحتكر كامل حقوق مباريات كرة القدم في الأرجنتين كما في الأوروغواي والباراغواي.

أمّا القانون الجديد، فينصّ على تأليف لجنة مراقبة تطبيق القانون من الكونغرس، وعلى إنشاء مجلس وطني للقطاع يشرف على التطبيق. إضافةً إلى مركز «أومبودسمان» للدفاع عن مصالح مستهلكي الخدمات الإعلامية.

ويمنع القانون الجديد أية مؤسسة من تملّك أكثر من 10 إذاعات أو تلفزيونات، فيما القانون الحالي يجيز التملك لغاية 24 محطة. كما يمنع التملك في المنطقة نفسها، محطة تلفزيون مفتوحة إضافةً إلى محطة للمشتركين، وهي النقطة التي أثارت أعنف انتقادات المجموعات الكبيرة.

من جهة ثانية، أيّد القانون الجديد مئات من الجمعيات المدنية والمهنية وشخصيات كبيرة من عالم الفن والإعلام والجامعة، التي عانت بشكل أو بآخر «سلطة غير منتخبة تحوّلت إلى سلطة فوق السلطات».

في غضون ذلك، كان عشرات الآلاف ينتظرون نتيجة الاقتراع على باب مجلس النواب فيما لم تجمع تظاهرة معادية للقانون إلا بعض المئات، قبل الجلسة بأيام معدودة.

وستحاول المجموعات الإعلامية الكبيرة الآن، اللجوء إلى المحاكم بعدما فشلت في إدخال تعديلات على بعض مواد القانون، وذلك على الأقل لتمديد الفترة المتاحة لالتزامها بالقانون الجديد (سنة واحدة)، إذ ترى في قصرها خفضاً من قيمة ممتلكاتها «الفائضة» حسب التشريع الجديد.

ويدل سياسياً إقرار القانون على أن الزوج كيرشنير (الرئيس السابق نيستور كيرشنير وزوجته الرئيسة الحالية) ما زال حيّاً، وأن الرئيسة كريستينا لم تتحوّل إثر هزيمتين مؤلمتين (الأولى في صراعها مع المصدّرين الزراعيين في بداية ولايتها، والثانية في خسارتها الأكثرية في انتخابات نصف الولاية)، إلى «بطة عرجاء» كما يفترض التقليد في السياسة الأرجنتينية.

وكانت مجموعة «كلارين» قد أيّدت بقوة نيستور كيرشنير في ولايته الرئاسية، قبل أن ترتد بقوة على الرئيسة كيرشنير في الصراع مع المصدّرين، بعدما ابتعد جمهورها المؤلف من الطبقات الوسطى المدنية من كريستينا كيرشنير أيضاً.

ويمثّل موضوع سلطة المجموعات الإعلامية العملاقة، التي نشأت أو ترسّخت عادة خلال الديكتاتوريات العسكرية، «معضلة ديموقراطية» في أميركا اللاتينية، حيث تحوّلت مع صعود الحكومات التقدمية إلى معاقل للمعارضة أو حتى بدائل عن الأحزاب اليمينية المتهالكة.