يخوض المجتمع الأميركي في هذه الفترة معركة من أجل إعطاء المثليّين حقوقهم المتساوية، وإلغاء التمييز ضدهم، وخصوصاً داخل المؤسسة العسكرية التي لا تزال تعتمد سياسة «لا تسأل، لا تُخبر» التي تنزع عن المثليّين إنسانيتهم
شهيرة سلّوم
«نحن أمّة تعترف اعترافاً نهائيّاً بالعلاقات بين رجلين أو امرأتين كعلاقات طبيعية ورائعة، شأن العلاقات بين رجل وامرأة»، وإذ «لا أحد يجب أن يخاف من أن يكون مثلياً في أميركا... سوف أضع حداً لسياسة: لا تسأل، لا تُخبر». تلك العبارات من خطاب لباراك أوباما أمام حفل لجمع التبرّعات لـ«هيومن رايتس ووتش» أول من أمس، جدد خلاله الوعد الذي قطعه إبان حملته الانتخابية بشأن إلغاء سياسة «لا تسأل، لا تُخبر» والسماح للمثليين بإشهار ميولهم الجنسية داخل الجيش، من دون أن يؤدي ذلك إلى العقاب، لكنه لم يحدد تاريخاً أو مهلة زمنية للتنفيذ.
وأثار موقف أوباما انتقادات المدافعين عن حقوق المثليين، الذين يطالبون بموقف حاسم لإلغاء سياسة «لا تسأل، لا تُخبر»، التي أقرّتها إدارة الرئيس بيل كلينتون في 1993، وقد عُدّت تطوراً نسبة إلى أنه كان محرّماً قبل هذا الوقت على أي مثليّ من الجنسين دخول الجيش، وإن اكتشفت ميوله بعد دخوله طُرد على الفور.
وتمنع هذه السياسة المثليين من (homo و bi) من الكشف عن ميولهم الجنسية أو التحدث علانية عن علاقاتهم المثلية، ومن ضمنها الزواج أو أي من الارتباطات العائلية، خلال خدمتهم بالجيش. أما بالنسبة إلى الجزء المتعلق بـ«لا تسأل» من القانون، فهو ينص على أن من هم في موقع القيادة يجب ألا يجروا تحقيقات حول الميول الجنسية للجنود في غياب تصرفات غير مسموح بها.
وتجري داخل الولايات المتحدة معركة حامية من أجل إلغاء السياسة المتعلقة بالمثليين داخل المؤسسة العسكرية. ويستند مناصرو هذه الحملة إلى الانتهاكات التي حصلت داخل الجيش باسم هذه السياسة.
وفي هذا السياق، يروي الجندي السابق في البحرية الأميركية، جوزف روتشا، في مقال في صحيفة «واشنطن بوست» نُشر أمس، تجربته مع الجيش وتلك السياسة. ويقول إنه بدأ خدمته العسكرية بعدما أتم الثامنة عشرة من عمره في البحرين عام 2005. وهناك تعرض للتعذيب والإذلال النفسي والجسدي من زملائه ورؤسائه لكونه مثلياً. ويرى أن السخرية في سياسة «لا تسأل، لا تُخبر» أنها تحمي المتعصّبين وتعاقب المثليّين الذين يعترضون.
ويروي جوزف أنه أراد خلال خدمته أن ينضم إلى فرقة النخبة التي تستخدم الكلاب لتعقب المتفجرات، واجتاز الامتحانات، ونجح. وانتقل للخدمة إلى وحدة خاصة. ويقول إنه خلال أحاديث عامة داخل الوحدة حول الجنس، تحدث زملاؤه عن تجاربهم، من حفلات التعرّي في الأيام الخوالي إلى المغامرات التي يتطلّعون إليها، وفسّروا صمته وقلة اهتمامه بالحديث «كأني مدمن مثليّة». وتابع «هذا الأمر أعطاهم الحق في أن يقيّدوني إلى الكرسي والسخر مني وحبسي في بيت كلبٍ مليءٍ بالبراز».
وفي أحد الأيام، داخل الصف، وصور القائد المؤسّس تملأ المكان، جعلوا من جوزف طعماً خلال التدريبات بأمر من القائد العسكري. وُجّه الأمر إليه بأن يركع على يديه وركبتيه، ويحاكي «الجنس الشفهي». كان من المفترض أن يدّعي بأنه كان برفقة مدرب للكلاب في غرفة النوم، وأن الكلاب أمسكت بهما يمارسان الجنس. ويقول إنه أجبر على إعادة هذا السيناريو مع 32 كلباً.
ويقول أيضاً إن هذه السياسة طبّقت أيضاً ضدّ الفتيات المتعدّدات الميول الجنسية، اللواتي كن يقلن إنهنّ تعرضن للاعتداء الجنسي، فيتوجّه إليهن قائدهنّ من أجل حماية زملاء لهنّ، قائلاً «أنتنّ لم تتعرضن للاعتداء، سمعت أنكنّ مثليّات».