قبل أيام من اجتماع الدول الست مع إيران للبحث في «مخرج» للملف النووي، يتساءل المراقبون عما إذا كان المتحاورون سيتكلمون بلغة واحدة، وهل هم متفاهمون على مضمون اللقاء
باريس ـ بسّام الطيارة
رغم التكتم الذي يحيط بمشاورات «الفريق الغربي»، المؤلف من فرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وألمانيا والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بدأت بعض المعلومات «التقنية» تتسرب قبل ٤٨ ساعة من الاجتماع الذي يبدأ يوم الاثنين المقبل في جنيف.
لعل أهم هذه المعلومات ما قاله أحد الخبراء المقربين من الملف لـ«الأخبار» عن وجود «سوء تفاهم مبني على سوء نيات متبادل». لكن مصادر الإليزيه تقول إن واشنطن وباريس متفقتان على «ضرورة مواصلة المقاربة الدولية الموحدة لمواجهة طموحات إيران النووي».
إلا أن الدخول في تفاصيل ما يبحث عنه الفريقان المتفاوضان، يدل على أن «الهوة لا تزال واسعة» بين مطالب المجتمع الدولي، الذي يحث إيران على خطوات بناء ثقة، وبين ما تقول به طهران من أن برنامجها يصب فقط في مسار مدني لا غبار عليه من ناحية القوانين الدولية.
بعكس ما تروّج العواصم الأوروبية، فإن موافقة إيران على التخصيب في الخارج غير مضمونة
وسط هذا الجدل، شرح أحد الخبراء الغربيين لـ«الأخبار» الرد الذي تنتظره باريس وواشنطن من طهران في اللقاء، والذي لا يمكن اختصار ترجمته فقط بـ«١٢٠٠ كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، ليصار إلى رفع تخصيبه في روسيا من 3.5 في المئة إلى 19.6 في المئة، قبل إعادة شحنه إلى فرنسا لتحويله إلى صفائح تستخدم كمحرك للمفاعل النووي التجريبي الوحيد الذي يعمل على الماء الخفيف في قم».
وبحسب هذا الخبير، فإن هذا «المسار البهلواني» لحلحلة الملف الإيراني، أتت به وكالة الطاقة بعدما «شرحت إيران ضرورات تشغيل مفاعلها». ويرى البعض أن هذا الطرح «إذا قبلته إيران»، وهو غير مضمون بحسب أكثر من مصدر، يعني «تأجيل الحل لسنوات» وهو تأجيل يمكن أن يخدم كل الأطراف.
وبعكس ما تروّج له الدوائر الرسمية في العواصم الأوروبية، فإن «موافقة إيران غير مضمونة» البتة، واللقاء هو «للاستماع للرد الإيراني»، الذي يعترف البعض «بتعقيداته المتعددة».
ثمة عدد من الأسئلة لا تزال من دون جواب، رغم أن الفرنسيين يظهرون نوعاً من الارتياح لأن في الأمر «سحب ١٢٠٠ كيلوغرام من اليورانيوم المخصب من أصل ١٥٠٠ كيلوغرام». إلا أن سؤالاً عن «الكمية المتبقية» يطرح نفسه، وخصوصاً أن خبيراً في التسلح أكد لـ«الأخبار» أن الإيرانيين يخصّبون ما يعادل ٨٠ كيلوغراماً شهرياً استناداً إلى معطيات وكالة الطاقة، أي إنهم «سيعيدون تكوين احتياط جديد بأقل من سنة ونصف السنة».
إلا أن مصدراً فرنسياً يقول إن أهمية الاتفاق هذا أنه «يلبي مطالب المجتمع الدولي»، قبل أن يشير إلى أن المطلوب أيضاً الوصول إلى المواقع النووية الإيرانية، وكشف مستوى الخبرة الإيرانية عبر التواصل مع التقنيين والمهندسين الذين عملوا على البرنامج، إضافة إلى تسهيل رقابة وكالة الطاقة من «دون أي عائق».
ولا تخفي المصادر الفرنسية أن تنفيذ هذا الاتفاق «سيتيح على المدى القصير تقليص خطر أن تتمكن إيران من تحويل هذا اليورانيوم إلى صنع سلاح نووي».
حديث معظم الذين يتناولون الملف الإيراني حالياً يوحي كأن إيران باتت «شريكة صناعية» مع الغرب، فيما تغيب عن هذه الأحاديث التهديدات بزيادة العقوبات، أو مسألة العقوبات الحالية وما إذا كانت تسمح بـ«تزويد طهران بمواد مشعة»، أو ما إذا كان مطلب طهران بـ«مرافقة تقنييها لكل مراحل تطوير المواد الخارجة من مصانعها»، أمراً مقبولاً من فرنسا وروسيا. كل هذا يشير إلى أن «الحل المنشود لا يزال بعيداً عن نافذة التحقيق»، وأن الفريقين يحاولان كسب وقت لتحقيق مكاسب سياسية تجاه الرأي العام الداخلي أو تجاه الرأي العام العالمي. لكن يبقى «السؤال الكبير»: هل تقبل اسرائيل بإضاعة الوقت؟ أم تستبق أي اتفاق وتضرب ضربتها؟