Strong>تولّى وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو مهمّة كشف أوراق بلاده في التعاطي مع إسرائيل: لن تعود الثقة بيننا قبل توقّف القتل والحصار ضد الفلسطينيين. تصعيد كان لا بد من إرفاقه بطمأنة إلى غياب نية قطع العلاقات مع تل أبيببدا أمس أنّ تركيا تعتمد سياسة التصعيد كاستراتيجية ثابتة لإدارة الأزمة الناشبة مع إسرائيل، على خلفية الموقف التركي من الجرائم بحقّ فلسطينيّي غزة وحصار القطاع، وما تلاه من إلغاء المشاركة الإسرائيلية في مناورات «نسر الأناضول»، وعرض قناة تلفزيونية تركية حكومية مسلسل «الوداع» الذي رأت فيه تل أبيب «تحريضاً على قتل اليهود».
فقد جزم وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، بأن «أي عودة إلى علاقات جيدة بين إسرائيل وتركيا أمر مستبعد، طالما استمرت معاناة الفلسطينيين، وبقيت عملية السلام في الشرق الأوسط متوقّفة». وطالب الدولة العبرية بالعمل على وقف «المأساة الإنسانية وتحريك جهود السلام على المسارين الفلسطيني والسوري على حد سواء، مع إعطاء الأولوية مجدّداً للسلام في المنطقة». وأشار إلى أنه «عندما نعود إلى طريق السلام، ستعود علاقات الثقة مع إسرائيل إلى المستوى الذي كانت عليه من قبل».
وتوقّف داوود أوغلو عند الوضع السائد في غزة منذ توقف عدوان «الرصاص المصهور»، لافتاً إلى أنه «رغم أنه لم يطلق أي صاروخ فلسطيني من غزة على إسرائيل منذ ثمانية أشهر، فإن أطفال غزة محرومون المدارس، والناس يفتقرون إلى منازل ليأووا إليها». وختم ملاحظاته بالتساؤل «كيف تبقى دولة مثل تركيا صامتة أمام هذا الموضوع؟». وفي الوقت نفسه، أوضح أن «هذا الموقف لا يعني أن نكون ضد إسرائيل، فهذا وضع إنساني».
وفي معرض تعليقه على إلغاء مناورات «نسر الأناضول»، حذّر الوزير التركي من أنه «طالما استمرت المأساة الإنسانية في غزة، فلا يطلبنّ أحد منّا الظهور مع عسكريين إسرائيليين»، نافياً وجود نيّات تركية للقيام بأي عمل ضد الدولة العبرية.
وكان نائب رئيس الوزراء التركي بولند أرينش قد أكد أن بلاده «ليست لديها نيّات سياسية ضد إسرائيل» من خلال عرض مسلسل «العودة»، ملمّحاً إلى أن هذا المسلسل «قد يسحب عن الشاشات إذا كان محتواه مسيئاً».
نتنياهو خائب من «التحريض التركي» وأردوغان إلى واشنطن في نهاية الشهر
وكرر أرينش، الذي يُعدّ أحد الإسلاميين الأكثر تشدّداً في حكومة رجب طيب أردوغان، ما سبق أن أعلنه داوود أوغلو، عندما نفى وجود نية لقطع العلاقات مع دولة الاحتلال. ودافع عن المسلسل التلفزيوني موضوع الخلاف، بما أنه «لا يتضمّن مشاهد معادية للسامية»، مبرّراً مضمونه بالقول «بالطبع نحن نشعر بالحزن إزاء ما يحصل في فلسطين». وأضاف «عندما قُصف الناس في لبنان، شعرنا بالحزن وكأن القنابل كانت تنفجر فوق رؤوسنا، وهذه حقائق يجب أن يجري تصويرها». وطمأن إلى أنه سيلتقي السفير الإسرائيلي لدى أنقرة (كابي ليفي) «لإبلاغه أن على إسرائيل ألّا تقلق».
وفي الجبهة الإسرائيلية، أعرب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن خيبة أمله إزاء «التحريض الذي بثّه التلفزيون التركي»، متسائلاً «ما هو الاتجاه الذي تسلكه السياسة التركية؟ نأمل أن يكون اتجاهها نحو ترسيخ السلام لا في اتجاه المتطرفين»، وذلك خلال لقائه مع نظيره الإسباني خوسيه لويس ثباتيرو في القدس المحتلة في وقت متأخر من مساء أول من أمس.
لكن نتنياهو أراد الدفاع عن تركيا عندما اتهم الاتحاد الأوروبي بوضع عراقيل تحول دون انضمامها إليه. كلام دفع بثباتيرو إلى الاعتراف بأن «المشكلة الأساسية هي مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، فهو ببساطة ليس مستعداً لقبولهم».
وفي السياق، أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن وزارتي الخارجية الإسرائيلية والتركية تبادلتا في الأيام الأخيرة رسائل بهدف حلّ الأزمة في العلاقات، ووقف التصريحات الهجومية من أجل إعادة العلاقات إلى سابق عهدها، بحسب صحيفة «معاريف»، التي نقلت عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين قولهم إن «مشكلتنا الأساسية مع تركيا هي أردوغان نفسه، الذي يُعدّ مصدر التوتر، وهو الذي يغذّيه».
أما على صعيد الرد غير الرسمي الإسرائيلي على تركيا، فقد أعلنت لجان العمال في عدد من كبار المؤسسات أنها أوقفت تنظيم إجازات لأعضائها إلى أماكن الاستجمام في تركيا. ورأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّ الخطوة الإسرائيلية تُعدّ ذات أهمية في ضوء الإحصاءات التي تشير إلى أنّ نصف عدد السيّاح الإسرائيليين إلى تركيا خلال الأعوام الأخيرة، كانوا من أعضاء هذه اللجان.
وفي شأن تركي متّصل، رجّح أردوغان أن يزور واشنطن بدعوة من الرئيس باراك أوباما في 29 من الشهر الجاري. وكشف أردوغان أنه ينوي التوجّه مباشرةً من طهران التي سيزورها، إلى واشنطن، إلا أنه أشار إلى احتمال تعديل الموعد عندما قال «نبحث عن بدائل في الموعد إذا لم يناسب تاريخ 29 تشرين الأول الأميركيّين».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز)