خاص بالموقعواشنطن ـ محمد سعيد
صعَّد جنرالات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) من ضغوطهم على البيت الأبيض لدفع الرئيس باراك أوباما إلى الموافقة على إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان، استجابة لتوصيات قائد قوات الاحتلال الأميركي هناك، الجنرال ستانلي ماكريستال، في وقت تتجه فيه الأمور في أفغانستان نحو إقامة جولة ثانية للانتخابات الرئاسية.

وتؤكد العديد من المصادر، داخل البيت الأبيض وخارجه، أن استراتيجية أوباما في أفغانستان ستتضمن عناصر من توصيات ماكريستال وأفكار نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن، التي تدعو إلى إبقاء مستوى القوات الأميركية الحالي (نحو 68 ألف جندي) والاعتماد على عمليات القوات الخاصة والطائرات بدون طيار في ملاحقة عناصر طالبان والقاعدة وقتلهم داخل أفغانستان والمناطق الحدودية مع باكستان. وتشير هذه المصادر إلى أن أحد السيناريوهات المُتداولة بجدية تدعو إلى نشر قوات إضافية، ما بين10ـــــ20 ألف جندي، من بين مهماتها رفع مستوى تدريب قوات الجيش والشرطة الأفغانيين.

وقد رفض أوباما، خلال المناقشات التي جرت في البيت الأبيض طيلة الأسبوعين الماضيين، خطط جنرالات البنتاغون التي تقوم أساساً على زيادة القوات الأميركية في أفغانستان بما يصل إلى 80 ألف جندي، ودعا المخططين الاستراتيجيين في البنتاغون إلى وضع مسوّدة مختصرة لكل الطروحات الخاصة بالتعامل مع الوضع الأفغاني، في مسعى للتوصل إلى أفضل تصوّر للاستراتيجية الأميركية في أفغانستان. غير أن الجنرالات لم يقدّموا بعد أي مسوّدة جديدة، مكتفين، كما يقول الصحافي سيمور هيرش، بشنّ حرب ضد البيت الأبيض.

ويرى هيرش أن الوضع الذي يزداد سوءاً في أفغانستان وباكستان هو الاختبار المبدئي لرئاسة أوباما الذي سيتطلب تعاون جنرالات البنتاغون، قائلاً ينبغي على أوباما مواجهة جنرالات جيشه. وأضاف «فهو إما أن يدع البنتاغون يسيّر أمور البيت الأبيض أو أن يقوم هو بتسيير البنتاغون، وإذا لم يتمكن من ذلك، فإن ذلك سيقوّض رئاسته».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مصادر وصفتها بالمطّلعة على مناقشات الاستراتيجية الأفغانية قولها إنه أمام عدم تقديم مخطّطي البنتاغون مسوّداتهم، فقد بادر مساعدو بايدن إلى وضع مذكرة مكتوبة.

غير أن وزراء دفاع الدول الأعضاء الـ28 في حلف شمالي الأطلسي (ناتو) قدّموا في اجتماعهم يوم الجمعة الماضي دعماً لتوصيات ماكريستال، بالتصديق على طلب زيادة القوات في أفغانستان وزيادة مساهمة الحلف المدنية لتحسين الوضع هناك. وكان ماكريستال، الذي يُعدّ إلى جانب قيادة القوات الأميركية، قائداً لقوات حلف شمالي الأطلسي في أفغانستان، قد قام بزيارة مفاجئة لبراتيسلافا في سلوفاكيا، حيث كان وزراء الدفاع مجتمعين، ليدافع عن خطته، حيث قال الأمين العام للحلف فوغ راسموسن، إن خطة ماكريستال تلقّت دعماً واسعاً من وزراء دفاع الحلف.

غير أن أي قرار من أوباما بشأن زيادة القوات الأميركية في أفغانستان سيكون مرتبطاً بمدى التقدم الذي سيتحقق في الوضع السياسي الأفغاني، إذ إن النقاش لا يزال مستمراً بشأن الكيفية التي ستتعامل بها الولايات المتحدة وحلفاؤها مع مختلف الفصائل السياسية الأفغانية، وخاصة في أعقاب تسوية الانتخابات الرئاسية التي تقرر إجراء جولة إعادة لها في السابع من تشرين الثاني المقبل، وأيضاً إمكان إشراك قيادات من طالبان في العملية السياسية في أفغانستان، وأن يكونوا جزءاً من هيكلية الحكم.

وعلى مستوى الانتخابات الرئاسية الأفغانية، أكد وزير الخارجية الأفغاني السابق عبد الله عبد الله، الذي سيواجه الرئيس حميد قرضاي في الدورة الثانية من الانتخابات، أن الولايات المتحدة لن تحقق تقدماً بدون شريك «شرعي» في البلاد، مندّداً بحصيلة أداء الرئيس الحالي.

وقال عبد الله الذي أكد إقامة دورة ثانية، رافضاً عرضاً لتقاسم السلطة مع قرضاي، في حديث إلى شبكة «سي أن أن» الإخبارية الأميركية، إن «أيّ نجاح للاستراتيجية الأميركية في أفغانستان سيتوقف على صفة شريككم وشرعيته». وأضاف «آمل أن تقدم هذه الدورة الثانية... أيّاً كان وقت إجرائها، للولايات المتحدة والمجتمع الدولي مثل هذا الشريك».

وتابع عبد الله «لا شك في أن الشراكة لم تسر بصورة جيدة في الأشهر أو السنوات الأخيرة»، مشيراً إلى أنه بدون تغيير على أعلى مستوى «لا أتصوّر نجاحاً استراتيجياً في أفغانستان».

ورأى أن التعزيزات ضرورية لاستقرار البلاد، «ولكن بعد ثماني سنوات من الحروب كان ينبغي أن تكون أفغانستان في وضع يجعلها تطلب عدداً أقل من القوات لا أكثر». وأضاف «لم نصل إلى ذلك. لماذا؟ بسبب فشل الإدارة الحالية في أفغانستان».

هذا في وقت دعت فيه حركة طالبان إلى مقاطعة هذه الجولة الثانية، مهددة بالاقتصاص من الذين سيشاركون فيها.