باريس ــ بسّام الطيارةاحتفال «نادي دوفيلبان» بنجمه دومينيك دوفيلبان بعد أيام من انتهاء محاكمة ملف «كليرستيرم» كان أقل من مهرجان انتخابي، وأكثر من مجرد لقاء مع أصدقاء. فقد اجتمع ما يزيد على ألف مؤيّد لرئيس الوزراء السابق، بينهم عدد من النواب الأعضاء في حزب تجمع الأكثرية الحاكم، ليسمعوا ما عدّه المراقبون «أول خطاب في الحملة الانتخابية الرئاسية» لعام ٢٠١٢ وهو ما كان ينتظره الحاضرون. وكان دوفيلبان عند حسن ظنهم بقوله «شكراً لكم اليوم، شكراً لكم غداً».
كل كلمة في الخطاب المدروس بعناية فائقة كانت ترمي لتسجيل انتقاد لساركوزي، الذي لم يذكر اسمه ولا مرة. وقال أحد المقربين من دوفيلبان، لـ«الأخبار»، إن «مضمون الخطاب يرمي إلى بناء خيار جديد للفرنسيين». وبالفعل، فقد شدد دوفيلبان على أن «الجمهورية في خطر»، في تذكير مباشر لقول الجنرال شارل ديغول، الذي برز وراء كل مقطع.
وحمل النقد الموجه لساركوزي كل ما يسبّب ضيقاً للفرنسيين. فقد انتقد دوفيلبان «شخصنة الحكم». ودافع عن موقع رئيس الوزراء، وهو ما رآه البعض نوعاً «من الشفقة» على فرانسوا فييون الذي يبدو بعيداً عن مواقع القرار، في محاولة لدق إسفين بينه وبين الرئيس.
وقال دوفيلبان إن على الدولة أن «تمثل التنوع الفرنسي كاملاً»، في إشارة مباشرة إلى ورشة الهوية الوطنية التي فرضها ساركوزي، والتي تلاقي اعتراضات من معظم الجهات السياسية حتى بين أوساط الحزب الحاكم. وشجب «سياسة التنديد» لمعالجة مشاكل الضواحي و«عدم القدرة على إيجاد حلول للبطالة»، ووصف السياسة اليومية للحكم الساركوزي بأنها تقوم على «فضيحة تطرد فضيحة أخرى».
وبدا أن دوفيلبان لا يتوجه فقط إلى محازبي الحزب الحاكم، الذي ينتمي إليه وساركوزي، بل للأطراف السياسية كافة بقوله إنه يخاطب «كل الجماعات» ويدعوها إلى التجمع «لإنقاذ فرنسا». وهو من وحي ما تقوم عليه خطابات الحملات الانتخابية الرئاسية، حين يتوجه المرشح إلى الشعب لا إلى فريق خاص. ويرى مراقبون أن دوفيلبان يريد أن يركب موجة التذمر المتصاعدة من سياسة ساركوزي، لا فقط لدى حزبه، ولكن للاستفادة أيضاً من تشرذم الحزب الاشتراكي والخوف من عودة أقصى اليمين الذي يعتري شرائح واسعة من المجتمع الفرنسي بما فيها الوسط الضائع بين الانصياع لساركوزي والذوبان في سلطته أو الانجرار وراء الخضر والاضمحلال. وكان دوفيلبان قد صرّح قبل يومين بأنه من «هؤلاء الذين يكافحون من أجل تقديم بديل للفرنسيين»، مضيفاً «أعتقد أننا نعيش في ديموقراطية تغيب فيها أحياناً الاصوات المنفردة أو المختلفة».


لوحظ أن بين المتحلقين حول دومينيك دوفيلبان عدداً محدوداً من النواب وصفهم الإعلام بـ«الشجعان»، لأنهم أظهروا دعمهم لمن أراد ساركوزي استغلال قضية «كليرستيرم» لتحطيم مستقبله السياسي. ويُرجح أن يرتفع عدد هؤلاء النواب ليزيد من قدرة دوفيلبان على «إيذاء ساركوزي». ويتوافق الجميع على أن «لا أمل لدوفيلبان بربح معركة الرئاسة ولكنه قادر على أن يسبّب خسارة ساركوزي»