strong>عقدة الرئاسة تنتظر الإجماع... والمساهمة المناخيّة تُحسم اليومخصصت القمة الأوروبية جلستها الافتتاحيّة في بروكسل أمس لإنقاذ معاهدة لشبونة من العقدة التشيكية. إنقاذ يبدو بات جاهزاً بفعل ليونة الرئيس فاتسلاف كلاوس، لينفتح الباب أمام معضلة جديدة تتمثل في انتخاب الرئيس الجديد للاتحاد الأوروبي

بروكسل ــ بسّام الطيارة
جمعت بروكسل، أمس، زعماء ٢٧ بلداً أوروبيّاً في قمّة ذات عنوانين: كيف يمكن وضع معاهدة لشبونة حيز التنفيذ؟ وكيف يمكن تمويل محاربة الاحتباس الحراري؟ هذا ما سوف يطفو على واجهة البيانات والتصريحات. إلا أن العنوان الأول يحمل في طياته بذور «تأجيل القرارات الكبرى» لأنه يتطرق إلى معطى خفي يجري تداوله وراء الكواليس ثنائياً في صفوف «الدول الكبرى»، وعلى طريقة الثورة على الكبار «الدول الصغرى».
وكالعادة، بدأت القمة أمس باجتماع مع «كامل الأحزاب السياسيّة الممثلة في البرلمان الأوروبي». اجتماع وصفه أحد السياسيين لـ«الأخبار» بأنه «مكافأة مجانية للنواب لامتصاص التساؤلات حول سبب عدم انتخاب رئيس الاتحاد مباشرة من البرلمان الأوروبي».
وما إن باشرت القمّة أعمالها حتى انكبت على «حلحلة» مسألة توقيع الرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس على معاهدة لشبونة «من دون تحفظات» قد تفتح الباب أمام عقد أخرى، ما يمكن أن يطيح المعاهدة.
وحسب آخر الأخبار المتسرّبة من القمة، فإن موقف كلاوس بدا ليّناً، ومن المتوقع أن يعلن توقيعه مرفقاً برسالة يشير فيها إلى «ضرورة تأجيل النظر في ما يمكن أن يفتح جروح الحرب العالمية الثانية»، في إشارة إلى «تطبيق شرعة الحقوق الأوروبية الأساسية»، التي قد تسمح بإعادة أموال ألمان السوديت، إضافة إلى إعادة «تقييم شاملة لتقاسم أملاك تشيكولوفاكيا». وتوقيع كلاوس سينتظر قرار المحكمة الدستورية التشيكية في الثالث من الشهر المقبل، الذي يتوقّع معظم المحامين أن يكون بأن المعاهدة لا تخالف الدستور التشيكي.
وما إن يتم تجاوز هذه النقطة حتى يبرز أول «تنفيذ فعلي» للمعاهدة، بحسب قول أحد المشاركين، وهو «تعيين» رئيس للاتحاد الأوروبي «يكون نداً لزعماء القوى العظمى»، وهو ما يثير سخرية أحد المشاركين في الوفد الإيطالي، الذي علق متسائلاً «كيف يمكن أن يكون نداً لزعماء العالم ما هو مديناً لرؤساء أوروبا بمنصبه؟».
مخاوف من تضارب صلاحيّات رئيس الاتحاد الأوروبي مع رئيس المفوضيّة
وفي الواقع، فإن عدداً متزايداً من السياسيين يطرحون كماً من الأسئلة عن «دور رئيس الاتحاد الأوروبي»، منها دوره خلال القمم الصناعية حيث «لا وزن له سوى الوزن الذي تريد الحكومات الأوروبية إعطاءه إياه؟». ثم يسأل مشارك في أحد الوفود «وماذا نصنع برئيس المفوضية»، في إشارة إلى خوسيه مانويل باروزو، إذ إن معظم القرارات المؤثرة التي تفرض «نمطاً أوروبيّاً» على سياسات البلدان المنتمية للاتحاد تصدر عن المفوضية. ويقول أحد الناشطين المعارضين «لبيروقراطية بروكسل»، لـ«الأخبار»، «الإضافة أنه سوف يكون للاتحاد الأوروبي مقعدان في اللقاءات الدولية، واحد للمفوضية وآخر للرئيس الجديد»، قبل أن يضيف «بانتظار تنافس وعراك بينهما».
الأسماء المتداولة عديدة رغم تسليط الأضواء على عدد محدود منها (راجع الإطار). إلا أن المناورات بدأت قبل أيام بين الدول المؤثرة، وكان آخرها لقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في الإليزيه حول طاولة عشاء، قبل ٢٤ ساعة من التوجه إلى بروكسل. وقيل إن الزعمين تدارسا عرض رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون إعطاء المنصب لطوني بلير في مقابل أن يؤول «منصب وزير خارجية الاتحاد» (الذي سوف يحل مكان منسق الاتحاد للشؤون الخارجية الذي يحتله خافيير سولانا) إلى ألماني على أن يذهب منصب مفوض التجارة إلى فرنسي.
ولكن غياب سيلفيو برلوسكوني بسبب إصابته بـ«الحمى القرمزية»، حسب قول وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني، قد يؤثر سلباً على اتخاذ قرار، وكذلك موقف وزير خارجية إسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس المتردد من ترشيح بلير. ورغم أن القرار يمكن يؤخذ بالأكثرية النسبية، إلا أن من المؤكد، بحسب قول أكثر من مشارك، أن الزعماء سوف يبحثون عن «إجماع أوروبي» لتعيين أول رئيس لهم.
بعد ذلك، تنكب القمة اليوم (الجمعة) على ملف المناخ لإعداد «ردود أوروبية» على قمة كوبنهاغن، التي تلتئم بعد ٦ أسابيع. وقد وضع الزعماء نصب أعينهم «الاتفاق على قيمة المساهمات المالية التي سوف تقدم للدول الفقيرة» لمساعدتها على التصدي للاحتباس الحراري.
وتقدر المفوضية الأوروبية هذه المساعدات بـ«مئة مليار يورو»، فيما وعد الاتحاد الأوروبي بدفع «حصته بإنصاف»، في إشارة إلى ضرورة مشاركة دول غنية أخرى أعضاء في «نادي الـ٢٠». وبعد الاتفاق (في حال حصوله) على حصة الاتحاد، سوف يخوض المجتمعون في «حصة كل دولة داخل الاتحاد»، قبل البدء بدراسة توصيات المفوضية للإجراءات الواجب اتخاذها على الصعيد الصناعي الأوروبي للمساهمة بخفض انبعاث ثاني أوكسيد الكربون.
وتسربت إحدى التوصيات، وهي تتعلق بصناعة السيارات التي عليها «خفض انبعاث الكربون من سيارات الفان الجديدة» بنسبة ١٤ في المئة بحلول عام ٢٠١٦ وإلا واجهت عقوبات.


المرشّـــــحون لتــــــرؤس الاتــــــحادـ طوني بلير: اهتمامه بالمنصب لا شك فيه. وقد ورد اسمه قبل سنتين عندما ذكره للمرة الأولى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، لكن يبدو أن نجمه أفل اليوم، وخصوصاً أن ساركوزي تخلى عنه قبل أسابيع.
من مزاياه أنه في السادسة والخمسين. يتمتع بشهرة وحضور، لكن من مساوئه أنه كان مسؤولاً عن بريطانيا التي تعد بلداً مناوئاً للاتحاد الأوروبي، لم يشارك في نظام عملة اليورو ولا في نظام شنغن، إضافة إلى أنه كان مقرباً من جورج بوش خلال الحرب على العراق.
ـ جان كلود يونكر: رئيس وزراء لوكسمبورغ، عميد قادة الاتحاد الاوروبي الحاليين. يتطلع لهذا المنصب منذ وقت طويل. إلا أن هذا الاوروبي، الذي يرأس أيضاً منتدى وزراء المال في منطقة اليورو، تراجع تأثيره قليلاً منذ اندلاع الأزمة المالية خريف ٢٠٠٨ والتي غاب خلالها عن واجهة الأحداث وكان معارضاً لبعض القرارات الأوروبية المتعلقة بها، إضافة إلى أن اللوكسمبورغ كانت مستهدفة خلال الحملة الدولية على الجنات الضريبية بسبب ممارستها للسرية المصرفية. ويقوم يونكر بحملة مناوئة لطوني بلير. يمكنه الاستفادة من «حجم دولته الصغير» بسبب معارضة عدد من الدول لإعطاء المنصب لدولة كبيرة.
ـ يان بيتر بالكينندي: رئيس الوزراء الهولندي الذي قد يكون مرشح التسوية بين بلير ويونكر. ويتميز بكونه يأتي من بلد «صغير» أيضاً وبالتالي بإمكانه طمأنة كل الذين يخشون أن يتولى مرشح دولة كبيرة زمام السلطة في الاتحاد الاوروبي. إلا أنه غير معروف على الساحة الدولية.
ـ بافو تابيو ليبونن: رئيس الوزراء الفنلندي السابق، قد يكون مرشحاً بديلاً من الدول الصغرى ولكنه «غير معروف أوروبياً» ولا على الساحة الدولية، وإن كان ملماً كثيراً بالقضايا الاوروبية. وكونه ينتمي الى الحزب الديموقراطي الاجتماعي قد يمكنه من تحقيق توازن سياسي في أوروبا التي يقود اثنتين من مؤسساتها رجلان من وسط اليمين: خوسيه مانويل باروزو في المفوضية وجيري بوزك في البرلمان الأوروبي.
ـ ماري روبنسون (الصورة): رئيسة جمهورية إيرلندا سابقاً. ورد اسمها مراراً لمراكز عالمية. وقد يكون حافزاً قوياً للاتحاد الأوروبي أن تتولى امراة أول منصب رئيس مستقر في المجلس الاوروبي. ورغم إعلانها أنها «لا يمكنها ان تقبل التحدي» إلا أنه يمكن توقع قبولها إذا وقع عليها الخيار.
ـ فرانسوا فييون: رئيس وزراء فرنسا الحالي. بدأ التداول باسمه منذ مدة قليلة، بعد تحدث البعض عن تغيير حكومي محتمل. من الصعب أن تقبل بريطانيا وألمانيا بـ«تسليم» فرنسا هذا المركز البارز، رغم أن «كاتب الدستور الأوروبي الجديد» هو الرئيس السابق جيسكار ديستان، كذلك من المستبعد أن «يعطي» ساركوزي رئيس وزرائه هذا الموقع المهم على الساحة الدولية فيجعل منه منافساً قوياً في انتخابات الرئاسة المقبلة. كذلك يجب عدم استبعاد خروج اسم في آخر لحظة، كما حصل بالنسبة لاسم باروزو حين فاز بالمفوضية الأوروبية عام ٢٠٠٤.