واشنطن تحذّر من المماطلة... وزعماء أوروبا يلمّحون إلى عقوباتأكدت طهران أمس أنها لم تقدّم بعد ردّها النهائي على مسوّدة اتفاق الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة، مشيرة إلى أنها بحاجة إلى مزيد من المفاوضات، في خطوة يبدو أنها استفزّت واشنطن، التي أشارت إلى أن مهلة المفاوضات ليست بلا نهايةأعربت إيران أمس عن أملها بإجراء مزيد من المفاوضات بشأن «مشروع اتفاق» أعدّته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بناءً على طلب أميركي لتخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج مقابل الحصول على وقود، مؤكدة أنها لم تقدّم بعد ردها النهائي والرسمي على الخطة.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية «ايرنا» عن مصدر مطّلع، لم تكشف هويته، قوله إن «الجمهورية الإسلامية لم تقم سوى بإعلان رأيها الإيجابي حيال المفاوضات. وقالت إنها على استعداد لمفاوضات معمّقة تتناول اعتبارات تقنية واقتصادية بالنسبة إلى وسيلة التزوّد بالوقود لمفاعل طهران».
وأوضحت الوكالة إن الرسالة التي وجّهتها طهران إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية «لم تكن رداً على مشروع الاتفاق»، مضيفة إن الجمهورية الإسلامية ستعلن موقفها النهائي بعد مفاوضات جديدة.
في المقابل، أكدت واشنطن أمس أن طهران ليس أمامها مهلة «غير محدودة» للموافقة على العرض في شأن برنامجها النووي المثير للجدل. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، إن «الوقت الرئاسي ليس غير محدود، وهو لم يكن عن الكلام لمجرد الكلام بل هدفه التوصل إلى اتفاق بدا أن الإيرانيين قبل بضعة أيام كانوا يريدونه».
وكانت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، قد أشارت إلى أن واشنطن ستسمح للمحادثات مع إيران، بأن تأخذ مجراها قبل أن تفكّر في فرض عقوبات جديدة عليها.
ورداً على سؤال لشبكة «سي.ان.ان» الأميركية، عما إذا كان الوقت قد حان لوقف الحديث مع إيران والتحرك صوب فرض العقوبات، أوضحت كلينتون «نعمل مع وكالة الطاقة ومع فرنسا وروسيا. وهم جميعاً متّحدون ويبدون حسماً في التعامل مع الرد الإيراني، ويسعون إلى الحصول على توضيح. لذا سأترك هذه العملية حتى نهايتها».
إلاّ أن وزارة الخارجية الفرنسية طالبت، طهران بتقديم «رد رسمي» على مشروع الاتفاق النووي الأخير. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، «ندعو إيران إلى إعطاء ردّ رسمي بلا تأخير. الرد الإيراني المنقول شفهياً الى وكالة الطاقة يقترح تعديلات في مشروع الاتفاق».
وفي بروكسل، أعلن زعماء الاتحاد الأوروبي، في بيان ختامي لقمتهم، أنهم ما زالوا يشعرون بقلق بالغ من البرنامج النووي الإيراني. ودعوا إيران «إلى الاتفاق مع وكالة الطاقة على جدول إمداد مفاعل الأبحاث في طهران بالوقود النووي، وهو ما قد يسهم في بناء الثقة، فيما يلبي احتياج إيران إلى نظائر مشعّة للأغراض الطبية».
وقال البيان إن مجلس زعماء الاتحاد الأوروبي «سيقرّر خطواتنا التالية في سياق توجّه المسار الثنائي»، في إشارة إلى سياسة تقترح حوافر لإيران للتخلي عن أنشطتها النووية، أو تهدد بفرض عقوبات إذا لم تفعل.
وقال دبلوماسيون أوروبيون في بروكسل إن وزراء الاتحاد الأوروبي طلبوا بالفعل من المفوضية الأوروبية بحث فرض عقوبات إضافية.
وكان لافتاً أمس ثناء إسرائيل، وإن بحذر، على مسودة الاتفاق الذي أعدّته وكالة الطاقة، وذلك غداة إعلان وزير دفاعها إيهود باراك أن هذا الاتفاق يعطي «شرعية» للبرنامج النووي لطهران.
وفي ختام مباحثات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، قال نتنياهو في تسجيل وزّعه مكتبه أمس «أعتقد أن الاقتراح الذي قدمه الرئيس (الأميركي باراك أوباما) لاجتماع جنيف لدفع إيران إلى إرسال جزء مما لديها من يورانيوم مخصّب إلى الخارج خطوة إيجابية أولى في ذلك الاتجاه». وأضاف «أود أيضاً اغتنام هذه الفرصة للتعبير عن تقديري لجهود الرئيس المستمرة لمنع إيران من امتلاك قدرة عسكرية نووية».
في هذه الأثناء، نقلت شبكة «سي أن أن»، عن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أن إيران قدمت عرضاً مقابلاً للطرح الدولي، إذ عرضت تخصيب اليورانيوم من جانب طرف ثالث وتحت رعاية وكالة الطاقة، ولكن على الأراضي الإيرانية، أو شحن اليورانيوم إلى الخارج على دفعات عوضاً عن إرسال الكميات في شحنة واحدة.
وأضاف المسؤولون إن الرد الإيراني يقترح أيضاً حصول مفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن مسائل فنية تتعلق بسلامة المفاعلات، معتبراً أن ذلك قد يكون مناورة تهدف إلى جر البيت الأبيض إلى مفاوضات ثنائية.
في السياق نفسه، أفادت صحيفة «الغارديان»، أمس، أن دبلوماسيّين أوروبيّين وصفوا مطالب إيران بإدخال تعديلات على اتفاق فيينا، بأنها غير مقبولة، وبدّدوا بذلك آمال التوصل إلى اختراق دبلوماسي بشأن برنامجها النووي.
وقالت الصحيفة إن انهيار الصفقة، كما هو محتمل، سيوجّه نكسة جديدة إلى سياسة الرئيس الأميركي، بالانخراط في المفاوضات مع إيران، ويضع على الطاولة خيارات فرض عقوبات دولية جديدة وقيام إسرائيل بالرد عسكرياً.
وتابعت «الغارديان» إن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل وممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، سيزوران واشنطن الثلاثاء المقبل، لإجراء مباحثات مع إدارة الرئيس أوباما بشأن ما يمكن اتخاذه من خطوات رداً على موقف إيران الأخير.
وأضافت الصحيفة إن الولايات المتحدة وحليفاتها الأوروبية اتفقت على أن المفاوضات استنفدت هدفها، وهناك حاجة الآن إلى التحرك باتجاه فرض عقوبات جديدة على طهران من جانب مجلس الأمن الدولي.
في المقابل، أعلن رئيس غرفة تجارة وصناعة ومناجم طهران، يحيي آل إسحاق، أن إيران الآن «في أفضل الظروف لمواجهة أي عقوبات تجارية».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)