نيويورك ــ نزار عبودتظافرت عوامل أمنية وسياسية واقتصادية عدة لتقلص محصول الخشخاش في أفغانستان للعام الثاني على التوالي وبنسبة 22 بالمئة، حسب تقرير مكتب مكافحة المخدرات الأخير التابع للأمم المتحدة. وتعد هذه الدولة التي تحتلها قوات التحالف الدولي، والخاضعة لسيطرة منظمات مقاومة وأخرى إرهابية في عدد من أقاليمها، أكبر منتج له في العالم. غير أن التقدم المتحقق يقابله جانب سلبي هو أن تجار المخدرات الذين تكدس لديهم فائض كبير نتيجة غزارة الإنتاج وهبوط الطلب العالمي، ربما بسبب الأزمة المالية الدولية الخانقة، قد يستفيدون من تراجع المساحة الزراعية في مرحلة لاحقة.
وعزا التقرير التقدم المحقق إلى الإجراءات الصارمة للسلطات الأفغانية بالتعاون مع الأمم المتحدة وقوات منظمة حلف شمالي الأطلسي. وأشار إلى وجود تعاون إقليمي قوي، ولا سيما من الجانب الإيراني ومن بعض دول آسيا الوسطى، الأمر الذي جعل 22 ولاية أفغانية من أصل 34 خالية تماماً من زراعة الخشخاش. وهبطت المساحات المزروعة بمقدار 123 ألف هكتار خلال عام واحد. أي ما نسبته 22 بالمئة.
ولقد شهدت ولاية هلمند أفضل نتيجة، رغم كونها من أكثر الولايات اضطراباً في أفغانستان، إذ انخفضت مساحة حقول الخشخاش بواقع سبعين ألف هكتار. وعزا التقرير الفضل إلى سياسة حاكم الولاية الصارمة، والإجراءات الجسورة التي اتبعتها حملات التطهير، فضلاً عن تحسن التجارة الشرعية البديلة وتقديم محاصيل نظامية ذات عوائد جيدة. وقدمت الولاية للمزارعين تسهيلات وأقامت منطقة حرة للغذاء تتيح لهم بيع محاصيل غذائية دون ضرائب. وأوضح المدير التنفيذي لمكتب مكافحة المخدرات التابع للأمم المتحدة، أنطونيو ماريا كوستا، «السيطرة على المخدرات لن تحل كل مشاكل أفغانستان. لكن مشاكل أفغانستان لن تنتهي من دون السيطرة على إنتاج المخدرات». وحذر من أن الوقت مبكر جداً للقول إن هبوط زراعة وصناعة الأفيون خلال العامين الماضيين قابل للتعرض لانتكاسة بسبب هبوط الطلب.
التقرير الذي يحمل اسم «مسح 2009 للأفيون الأفغاني» سجّل أن الهبوط بنسبة 10 بالمئة في الإنتاج لا يتناسب مع الهبوط بنسبة 22 بالمئة في المساحة المزروعة. والأمر يعود إلى تطوير أساليب الاستخلاص، بحيث بات المنتجون يحصلون على أكبر قدر ممكن من الأفيون من كوز الخشخاش. وقدّر التقرير عدد المزارعين العاميلن في القطاع بنحو 800 ألف نسمة. لكن هذا العدد يقل عما كان عليه في العام الماضي كثيراً.

السيطرة على المخدّرات لن تحل مشاكل أفغانستان

وبخصوص جهود المكافحة، لاحظ كوستا وجود تطور ملحوظ. وقال «أذكر أنه عندما كنت هنا في المرة الأولى قبل سبعة أعوام، أي عند سقوط نظام طالبان، كانت البلاد من دون أي حماية فعلية، لم يكن فيها جهاز لمكافحة المخدرات، ولم يكن فيها قوات شرطة. الآن هم فخورون بقوات الشرطة وبقوات مكافحة المخدرات».
وحث كوستا السلطات الأفغانية والمجتمع الدولي على مواصلة الجهود مثل مضاعفة المساعدات الاقتصادية لتحسين أوضاع السكان المعيشية. وشدد على ضرورة ألا تقتصر المساعدات على النواحي الأمنية وجهاز المكافحة. وحذر من أن تكديس الانتاج يتجاوز حالياً 10 آلاف طن، أي ما يعادل ضعفي استهلاك المدمنين السنوي من الأفيون الذي تنتج منه مادة الهيرويين.
وتساءل المدير التنفيذي لمكتب مكافحة المخدرات في الأمم المتحدة، «أين يضعون المخزون؟ ومن يكدّسه؟ ولأي غاية؟ يتعيّن على وكالات الاستخبارات تفكيك هذه القنبلة الموقوتة قبل أن تتحول إلى مصدر لسيناريو فتاك».
وأثنى على تعاون الدول المجاورة التي تعاني بدورها من تفشي الإدمان بما يكلفها ثمناً باهظاً من النواحي الاقتصادية والصحية فضلاً عن الأمنية، بالقول «نعتقد أن التعاون مع الدول المجاورة ـــــ إيران، باكستان والجمهوريات الواقعة شمالاً في وسط آسيا، مهم للغاية. بعض التهديد يأتي من خلف الحدود، لذا فإن العمل المشترك، والتعاون الاستخباري، ودوريات الحدود المشتركة، جميعها ضرورية».