تبنّت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يوم أمس، الأطر القانونية استعداداً لتعليق العقوبات على إيران، في أول ترجمة ملموسة للاتفاق النووي، الذي وُقّع في 14 تموز بين طهران والقوى الكبرى. في الوقت نفسه، أعلنت إيران استعدادها للبدء بتفكيك قسم كبير من بناها النووية، كما ينص الاتفاق، وذلك في عملية قد تستغرق شهرين، على الأقل، يمكن في ختامها رفع العقوبات الغربية فعلياً.
وأمس، انتهت مهلة التسعين يوماً التي أعقبت تبنّي مجلس الأمن قراراً يوافق فيه على الاتفاق. وأمر الرئيس الأميركي باراك أوباما إدارته بالاستعداد، عبر نشر نصوص تعليق مختلف العقوبات التي كان قد جرى تبنّيها بحق إيران لمنع الشركات الأجنبية من شراء النفط الإيراني أو حظر التعامل مع المصارف الإيرانية.
وبعد ساعات، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه اعتمد الإطار القانوني لتعليق العقوبات، وذلك في بيان مشترك لوزيرة خارجيته فيديريكا موغيريني، ونظيرها الإيراني محمد جواد ظريف، كذلك نشر القرار في الجريدة الرسمية الأوروبية.
وأعلنت موغيريني أن الاتحاد الأوروبي اعتمد الإطار القانوني لرفع كل العقوبات التي يفرضها على إيران، طبقاً للاتفاق النووي الموقع في تموز الماضي، لكن هذا الإجراء «لن يصبح فاعلاً إلا بعد أن تكون طهران قد التزمت كل ما هو واجب عليها».

طهران أبلغت
«الوكالة الذرية» أنها ستطبّق البروتوكول الإضافي

مباشرة بعد هذه الخطوة، رحّب أوباما «بيوم إقرار» الاتفاق. وقال: «اليوم يمثل علامة مهمة نحو منع إيران من الحصول على سلاح نووي، وضمان أن برنامجها النووي سيمضي على نحو سلمي تماماً».
كذلك، أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في بيان، أن «هذا اليوم مهم لنا جميعاً، ومرحلة أولى حاسمة في العملية الهادفة إلى التأكد من أن البرنامج النووي الإيراني سلمي بحت».
أما وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، فصرّح بأن «السؤال الآن هو: هل ستظهر إيران أنها تفي بالتزاماتها؟». وقال خلال وجوده في طهران لحضور اجتماعات تمهيدية لمؤتمر حول الأمن مقرر انعقاده في ميونخ، إن «العقوبات على إيران ستستمر، على الأرجح، حتى كانون الثاني على الأقل».
لكن شتاينماير ذهب إلى أبعد من ذلك، وانطلاقاً من فكرته أن الاتفاق النووي يشكل «انفتاحاً لمزيد من المساعي الدبلوماسية»، أوضح أن «المنطقة بحاجة إلى مزيد من الدبلوماسية، ليس أقل»، مشيراً إلى النزاعات في سوريا واليمن والعراق.
وشدد الوزير الألماني، الذي توجه إلى السعودية، على أن «الحلول السلمية لا تتعلق بلاعب واحد، ولذلك فإن رحلتي لا تتوقف هنا» في طهران.
وكان ظريف قد أكد، في مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني، أن «إيران لا تسعى إلى إزالة السعودية، لكنها لن تسمح أيضاً بأن تزيل السعودية إيران من المنطقة». وأضاف: «جهود هذا البلد لإزالة إيران تتسبّب في حمام دم وتغذي المواجهات في المنطقة، ويجب أن يتوقف ذلك».
وعلى الجهة الإيرانية، أيضاً، وربطاً بتطورات الاتفاق النووي، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية علي أكبر صالحي إن «المهمة الهائلة» ستبدأ هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل. وأضاف: «سنبدأ بالتحرك حين نتلقى الأمر من الرئيس (حسن روحاني). نحن جاهزون».
في السياق نفسه، أعلن مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية، عباس عراقجي، أن الجانبين سيعملان في يوم التنفيذ المرحلي على سلسلة من تعهداتهما. وصرّح للتلفزيون الإيراني بأن «إلغاء العقوبات سيكون على مرحلتين؛ المرحلة الأولى ستنفذ رسمياً من مجلس الوزراء، وتجري فيها تهيئة الأرضية لإلغاء العقوبات»، ولكنه قال إن «تنفيذها سيتم في المرحلة الثانية، يقوم خلالها الجانبان بإجراءاتهما».
عراقجي أشار إلى الإجراءات التي يجب أن ينفذها الطرفان، وقال: «سننفذ سلسلة من الإجراءات في فوردو وناتنز وآراك، كذلك فإن الغربيين سيعملون على تهيئة مجموعة من المسودات والتعليمات للشركات، وكذلك المكاتبات المطلوبة بهذا الشأن».
يشار إلى أنه ينبغي وضع ثلثي أجهزة الطرد المركزي الإيرانية خارج الخدمة، وكذلك إعادة بناء مفاعل المياه الثقيلة في آراك، حتى لا يعود قادراً على إنتاج البلوتونيوم للاستخدام العسكري. وستضطلع الصين بدور رئيسي في هذا الأمر.
وعلى إيران، أيضاً، أن تقلص إلى 300 كلغ، ولمدة 15 عاماً، مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب، والبالغ حالياً اثني عشر طناً. ولتنسيق هذا المسار الطويل، ستجتمع لجنة مشتركة تضم ممثلين عن الدول الموقّعة، إيران والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا، اليوم في فيينا.
في غضون ذلك، أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها ستطبق البروتوكول الإضافي في معاهدة حظر الانتشار النووي. وأفاد بيان للوكالة بأنه «في 18 تشرين الأول، أُبلغ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية من جمهورية إيران الإسلامية بأن طهران ستطبّق مؤقتاً البروتوكول الإضافي».
ويسمح هذا الإجراء بعمليات مراقبة مكثفة للوكالة، وهو منصوص عليه في الاتفاق المبرم في 14 تموز مع الدول الكبرى. وسينشر المدير العام للوكالة، يوكيا أمانو، في 15 كانون الأول، «استنتاجاته النهائية» في ما يتعلق بهذه الإجراءات.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)